مبادىء تزیین الأعمال

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأقسام القرآنیة
سلطة الشیطان؟ 3. قسم سورة النساء


ویتحرک القرآن الکریم من موقع بیان مبادیء تزین الأعمال ویذکر خمسة عوامل منها:
1. الشیطان
کما رأینا فی البحوث السابقة أنّ الشیطان یزین القبیح من الأعمال ویظهرها للإنسان بشکل جمیل وبراق لکی یوقع الإنسان فی الخطیئة، مثلاً یقول للعربی فی زمان الجاهلیة، «أین غیرتک؟ إذا بقیت ابنتک على قید الحیاة فسوف تقع أسیرة بید العدو فعلیک بدفنها الآن لتتخلص من العار» أی أنّه یزین له أشنع عمل وأقبح فعل وهو قتل النفس المحترمة بهذه الذریعة، والأنکى من ذلک أنّ هذه النفس المحترمة هو هی نفس ابنته، والأشنع من ذلک أنّه یقتلها بدفنها فی الأرض وهی حیّة، کل ذلک تحت غطاء الغیرة وحفظ العرض والشرف.
وقد تقدّم بعض الکلام فی هذا العامل والآیات التی تتحدّث عنه.
 
2. هوى النفس
والعامل الثانی لتزیین الأعمال «هوى النفس»، وقد أشار القرآن الکریم إلى هذا العامل فی قصّة النبی یوسف(علیه السلام) وإخوته وأبیه یعقوب، حیث إنّ هوى النفس زیّن لإخوة یوسف عملهم القبیح وهو إلقاء أخیهم فی الجب، وذلک أنّ إخوة یوسف قالوا فیما بینهم: إنّ أبانا یهتم کثیراً بأخینا یوسف ولا یراعی العدالة بین أبنائه وبذلک فقد ظلمنا، ونحن ومن أجل صدّه عن هذا الظلم لا حیلة لنا سوى إبعاد یوسف عن أبیه، ومن هذا المنطلق فنحن نقوم بإبعاد یوسف لتحقیق العدالة بین سائر الإخوة، وهذا هو ما أوحت لهم أنفسهم کما قال لهم أبوهم یعقوب(علیه السلام): (بَلْ سَوَّلَتْ لَکُمْ أَنفُسُکُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِیلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَاتَصِفُونَ). وقد تقدّم الکلام فی هذا الموضوع.
 
3. الله تعالى!
وقد ورد فی بعض الآیات القرآنیة أنّ الله تعالى یزیّن للإنسان أعماله أیضاً، ومن ذلک ما جاء فی الآیة الشریفة 4 من سورة النمل:
(إِنَّ الَّذِینَ لاَ یُؤْمِنُونَ بِالاْخِرَةِ زَیَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ یَعْمَهُونَ).
طبقاً لهذه الآیة الشریفة فإنّ الله تعالى یزیّن لمنکری البعث والمعاد أعمالهم السیئة ویظهرها لهم بصورة جمیلة، فیظهر لهؤلاء أبو جهل بصورة إنسان طیب وشریف، والنبی بصورة سیئة، ویظهر اسرائیل العدوانیة والشریرة بصورة دولة طالبة للحق والعدالة، وحزب الله فی لبنان، وهو حامی المظلومین والمدافع عن الإسلام، بمظهر ارهابی ومتوحش.
سؤال: لماذا یقدم الله تعالى على تزیین الأعمال وخداع هذا الإنسان وبالتالی سقوطه فی الضلالة والشر فی حین أنّ الله تعالى یهتم بهدایة الناس إلى الخیر؟
الجواب: وقد أجابت هذه الآیة الشریفة عن هذا السؤال بشکل مستبطن، وتوضیح ذلک، أنّ تزیین الأعمال بواسطة الله یختص بفئة خاصّة من الناس وهم الذین (لاَ یُؤْمِنُونَ بِالاْخِرَةِ)، أی الأشخاص الذین أنکروا جمیع المعجزات والدلائل الواضحة والباهرة وأعرضوا عن نصائح الأنبیاء وتعالیم الکتب السماویة ولم یؤمنوا بها أبداً، وبالنتیجة أنکروا الآخرة والمعاد.
وبعبارة أخرى، إنّ هؤلاء الأشخاص هدموا جمیع الجسور خلفهم والباری تعالى لا یهتم بعد ذلک بمثل هؤلاء الأشخاص ویترکهم لحالهم ویزیّن لهم أعمالهم.
وبکلمة ثالثة، إنّ الله تعالى یتحرک على مستوى هدایة الإنسان ما دام یملک القابلیة واللیاقة على ذلک وبطرق مختلفة، ولکن إذا انتهت لیاقته وعُدِمَ القابلیة على الهدایة وأغلق الإنسان على نفسه جمیع نوافذ الأمل بالنجاة والفلاح، فإنّه سیسقط فی دوامة أعماله ویبتلى بجزاء ما ارتکبه من سیئات، ومن جملة هذه العقوبات تزیین الأعمال، وفی هذه المرحلة لا تنفع معه شفاعة الشافعین.
عندما جاء الملائکة المأمورون بإهلاک قوم لوط إلى النبی إبراهیم(علیه السلام)، وبعد أن بشّروه بولد فی شیخوخته، تحدثوا عن مهمتهم الثانیة، أی إهلاک قوم لوط، فشرع إبراهیم(علیه السلام)فی مجادلتهم عسى أن یرفع الله العذاب عن قوم لوط أو یؤخره، ولکن بما أنّ هؤلاء القوم فقدوا اللیاقة والقابلیة على الهدایة والسیر فی خط الطاعة والعبودیة وهدموا جمیع الجسور خلفهم، فإنّ الله تعالى خاطب إبراهیم(علیه السلام): (یَا إِبْرَاهِیمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا)(1).
أجل! ففی هذه المرحلة لا تنفع شفاعة نبی عظیم کإبراهیم فی حق هؤلاء القوم المتمردین والمعرضین عن نداءات الحق.
النتیجة، أنّ تزیین الأعمال هو نتیجة للأعمال السیئة وما ارتکبه المنکرون للمعاد من ذنوب وآثام، ویعد بمثابة کفّارة لذنوبهم.
 
4. رفاق السوء
إنّ أکثر ما یواجهه الإنسان من بلایا ومحن تعود فی الغالب إلى رفاق السوء، فالکثیر من أشکال التلوث بالإدمان على المخدرات ناشئة من معاشرة رفاق السوء، وبالتالی إهلاک الحرث والنسل من جراء هذه المخدرات، إنّ من ثمار الرفقة مع الأشخاص من أهل الشر والانحراف، التلوث بالذنوب والأعمال المخالفة للعفة، والاتصاف بالرذائل الأخلاقیة، وفی النهایة زوال الدین والإیمان من واقع الإنسان، ولذلک ینبغی على الشبّان الأعزاء أن یتوخوا کامل الحذر والحیطة فی اختیارهم للرفقاء والأصدقاء، فإنّ هذا الاختیار من شأنه تغییر مصیرهم.
ویتحدّث الله تعالى عن رفاق السوء وأنّهم أحد العوامل لتزیین الأعمال ویقول فی الآیة 25 من سورة فصّلت:
(وَقَیَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَیَّنُوا لَهُمْ مَّا بَیْنَ أَیْدِیهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَیْهِمُ الْقَوْلُ فِی أُمَم قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِّنَ الْجِنِّ وَالاِْنسِ إِنَّهُمْ کَانُوا خَاسِرِینَ).
وعلى هذا الأساس ینبغی التحرک فی اختیار الصدیق من موقع الدقّة.
 
5. طبیعة بعض الأعمال!
ورد فی الآیات القرآنیة الفعل «زیّن» بصیغة المبنی للمجهول ولم یصرّح بفاعله، ونعتقد فی مثل هذه الموارد بأنّ طبیعة العمل أحیاناً تؤثر فی عملیة تزیین الأعمال، مثلاً تقول الآیة 14 من سورة آل عمران:
(زُیِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْبَنِینَ وَالْقَنَاطِیرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَیْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالاَْنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِکَ مَتَاعُ الْحَیَاةِ الدُّنْیَا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَـآبِ).
فهنا نرى أنّ طبیعة العلاقة العاطفیة والمفرطة مع النساء (حُبُّ الشَّهَوَاتِ ) والعشق والتعلق الشدید بالأولاد (وَالْبَنِینَ) والغرق فی حبّ الدرهم والدینار والانجذاب للثروات وزخارف الدنیا (وَالْقَنَاطِیرِ الْمُقَنْطَرَةِ) هی الباعثة على تزیین الأعمال فی نظر الإنسان!
النتیجة، أنّ عوامل تزیین الأعمال ما تقدّم من العوامل الخمسة، وأحد هذه الموارد یختص بطائفة من الناس، (وهم المنکرین للمعاد والآخرة) ویعتبر هذا التزیین بمثابة عقوبة لهم ونتیجة طبیعیة لأعمالهم السیئة، والعوامل الأربعة الأخرى عامة ولا تختص بفئة دون أخرى.
سؤال: الأشخاص الذین یواجهون حالة تزیین الأعمال بواسطة هذه العوامل المتقدمة، ألیسوا مجبورین على سلوکهم فی خط الانحراف وبالتالی ترتفع المسؤولیة عنهم، أم أنّهم مختارون ومسؤولون؟
الجواب: لحسن الحظ أنّ هذه التسویلات والتزیینات لا تصل إلى حدّ التغطیة الکاملة على عقل الإنسان واختیاره، وبإمکان الإنسان معرفة حقیقة المسألة بقلیل من التفکر والتأمل، فلو تأمل الإنسان قلیلاً فی مجریات الأمور لأدرک أنّ الفساد والفحشاء وأشکال الانحراف الأخرى لا تخضع لمقولة الحریة، ولو تفکر قلیلاً لفهم حقیقة التمدن المزعوم الذی یختزن فی واقعه التوحش والانحطاط الخلقی، فالإنسان بإمکانه أن یکشف الملابسات فی حرکة الحیاة من خلال التفکر والتأمل ولا یتحرک على مستوى هدم الجسور خلفه.
کان الحسن البصری عالماً یسیر فی خط الانحراف، ومن العجیب أنّه استاذ ابن أبی العوجاء الزندیق المعروف والمنکر لله تعالى، وکان یعیش فی عصر الإمام الصادق(علیه السلام)، وعندما قیل له: أنت تلمیذ للحسن البصری فکیف سلکت فی خط الکفر والإلحاد؟ فأجابهم قائلاً: إنّ استاذی لم یکن یملک عقیدة صحیحة أیضاً وکانت معالم الانحراف بادیة من آرائه وسلوکیاته، والحسن البصری التقى بالإمام علی(علیه السلام) بعد معرکة الجمل فسأله الإمام، لماذا لم تشترک فی الحرب ولم تمد ید المعونة لی فی هذه الحرب؟ فقال: عندما أردت التوجه إلى میدان القتال سمعت هاتفاً من الغیب یقول: «القاتل والمقتول فی النار».
 فقال له الإمام علی(علیه السلام): صدق القائل، وذلک أنّ القائل هو الشیطان الذی زیّن لک أعمالک(2).
مثل هذا الإنسان الذی هدم جمیع الجسور خلفه، لم یتمکن من تشخیص تزیینات الشیطان والتمییز بین هاتف الخیر وهاتف الشر.
وأمّا الأشخاص الذین یعیشون الفطرة السلیمة والقلب النقی، فحتى لو تلوثوا بالذنوب، فإنّهم یستطیعون التمییز بین الوساوس الشیطانیة والإلهامات الرحمانیة، فالحر بن یزید الریاحی عندما خرج من بیته متوجهاً إلى کربلاء سمع منادیاً ینادی: «یا حرّ أبشر بالجنّة» لأنّه کان یملک روحاً شفافة وقلباً نقیّاً بالرغم من تلوث نفسه بأدران الذنوب(3).
وفی هذا السیاق یتبیّن أنّ التزیینات والتسویلات إنّما تتحرک فی خط الوسوسة فقط، ولا تصل إلى مرحلة الإجبار کما أنّ الشیطان یصرّح بهذه الحقیقة أنّه لا سلطان له على الذین آمنوا، ولا یستطیع الدخول إلى قلب الإنسان إلاّ أن یعطیه الإنسان الضوء الأخضر للدخول وتلویث أجواء الفکر بتزییناته، فما لم یمد الإنسان ید البیعة للشیطان ویسیر فی رکابه فإنّ الشیطان لا سلطان له علیه.
 


(1) . سورة هود، الآیة 76 .
(2) . بحار الأنوار، ج 32، ص 226 .
(3) . أمالی الشیخ الصدوق، ص 154، المجلس 30.
 


 

سلطة الشیطان؟ 3. قسم سورة النساء
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma