إنّ الأقسام الأحد عشر بالموجودات العظیمة الواردة فی هذه السورة، تعتبر مقدّمة لبیان موضوع مهم جدّاً، وهو أنّ الإنسان إذا انطلق فی حیاته من موقع تزکیة النفس وتطهیر وجوده من الرذائل الأخلاقیة والتسویلات الشیطانیة، فإنّه سینال النجاة والفلاح، وبکلمة واحدة: إنّ النجاة فی تهذیب النفس (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَکَّاهَا).
وقد یثیر البعض هذا السؤال، وهو: ما هی العلاقة بین الشمس والقمر واللیل والنهار والأرض والسماء وروح الإنسان وخالقها، وبین تزکیة النفس، بحیث إنّ الله تعالى ومن أجل بیان أهمیّة جهاد النفس ومحاربة الأهواء النفسانیة یقسم بتلک الموجودات العظیمة وبخالقها؟
وببیان آخر ما هی العلاقة بین «المقسم به» و«المقسم له»؟
الجواب: إنّ الله تعالى یرید أن یقول للإنسان:أیّها الإنسان! لقد جمعت لک جمیع أدوات الخیر وعوامل السعادة والفلاح، فقد سخرت لک الشمس والقمر والأرض والسماوات، وخلقت لک اللیل والنهار لاستراحتک ونشاطک وکسبک، ونفخت فیک من روحی العظیمة، وألهمتک عناصر الخیر والشر، کل ذلک لتتحرک فی خط تهذیب النفس وتطهیر القلب من الأهواء والشهوات والأخلاقیة السیئة والصفات الذمیمة، وبذلک تستطیع أن تحصل على النجاة والفلاح، فعلیک بأن تشحذ همّتک وتشدّ من عزمک وتصعد فی معراج السعادة والرقی وتطوی المراحل إلى الکمال، الواحدة بعد الأخرى لتنال مقامات سامیة وتحصل على اللیاقة لتکون خلیفة الله تعالى فی الأرض.
وفی هذا السیاق تتبیّن العلاقة بین الأقسام الأحد عشر المذکورة من جهة، وبین تهذیب النفس من جهة أخرى.
* * *