إنّ الله تعالى خلق الإنسان لیحقق له الحیاة السعیدة، ووضع بین یدیه الوسائل والأدوات فی عالم التکوین والتشریع لیتیسّر له سلوک طریق السعادة والفلاح فی حرکة الحیاة، فالوسائل والأدوات التی وهبنا الله تعالى فی أبداننا والتی تساهم فی ایصالنا إلى واقع السعادة، تسمى الأدوات والوسائل التکوینیة، کالعقل مثلاً، والحواس المدرکة «من قبیل العین، والاُذن، والحواس الأخرى»، والقوّة والقدرة والصحة وأمثالها من النعم والمواهب التی وضعها الله تحت تصرفنا مجاناً وبدونها لا یمکننا تحقیق حالة السعادة فی واقع الحیاة، هذه هی الوسائل التکوینیة للسعادة.
ومضافاً إلى ذلک فقد بعث الله تعالى لنا الأنبیاء وأنزل معهم الکتب السماویة، وفیها التعالیم والأحکام والقوانین الإلهیّة، والتی لا یستطیع الإنسان بلوغ قمة الحیاة السعیدة الحقیقیة بدونها، و هذه تسمى بالوسائل التشریعیة، والواقع أنّه لا یوجد حکیم یرید تحقیق هدف معین من دون استخدام أدوات وآلیات خاصّة، وهذا هو ما یسمى بقاعدة اللطف الذی یذکرها علماء الکلام فی بحوث العقائد واستدلوا بها، وعلى أساس هذه القاعدة نعتقد بأنّه ینبغی تعیین خلیفة للنبی بعد رحلته، وإلاّ فإنّ الناس یسلکون طریق المتاهة والضلالة ویبتعدون عن طریق السعادة والصلاح والرسالة، کما أنّ مقتضى القاعدة المذکورة أنّ الله تعالى یهب للإنسان العقل والقوّة والقدرة ویبعث له الکتب والأنبیاء لإیصاله لکماله الإلهی والمعنوی فی حیاته.
النتیجة أنّ الله تعالى قد منحنا ما نتوصل به إلى السعادة الحقیقیة من أدوات ووسائل تکوینیة وتشریعیة لنستعین بها فی تحقیق هذا الهدف الإنسانی والوصول إلى هذه الغایة النهائیة.