(قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَکَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا)
إنّ الأقسام الأحد عشر المذکورة فی هذه السورة والتی مضى شرحها وتفسیرها، کلها من أجل بیان هذه الحقیقة الهامة، وهی: «إنّ کل إنسان یتحرک على مستوى تهذیب نفسه وتطهیرها من الشوائب والأهواء فإنّه سینال الفلاح والنجاح، وکل شخص یرتکب الآثام والذنوب ویلوث نفسه بها فإنّه سیحرم من التوفیق والفلاح».
وقبل الدخول فی الموضوع لابدّ من بیان معنى هذا المفردات الأربع التی وردت فی الآیة الشریفة: (الفلاح، التزکیة، الخیبة، الدسّ):
1. «الفلاح»; هذه الکلمة وردت فی اللغة بمعنى النجاة، التحرر، النجاح، وبکلمة أخرى الوصول إلى المقصود، فالإنسان الذی ینال الفلاح هو الذی یستطیع عبور الأخطار ویصل إلى نقطة الأمان، فالطالب الذی یشترک فی الامتحانات وینجح فیها فإنّه قد عبر بحر الامتحان إلى ساحل النجاح والفلاح.
2. «التزکیة»; وسیأتی شرحها وتفسیرها فی البحوث اللاحقة.
3. «خاب»; وهذه الکلمة تقع فی النقطة المقابلة لـ «الفلاح»، وتعنی الیأس والعجز والتورط فی المشاکل، فالشخص الذی یعیش التلوث بالرذائل الأخلاقیة فإنّه یواجه حالة الیأس والقنوط والخیبة فی أعماق نفسه.
4. «دسّاها»; من مادة «دسّ»، وفی الأصل تعنی ادخال شیء بالاجبار وبعنف، و«دسیسة» تستخدم بمعنى الأعمال الخفیة الضارة، أمّا ما هی العلاقة بین هذا المعنى والآیة مورد البحث؟ هناک احتمالات عدیدة ذکرها المفسّرون فی کتبهم(1).
 

(1) . التفسیر الأمثل، ذیل الآیة المذکورة.