وقد ذکروا فی معنى وتفسیر «ما یسطرون» أربعة احتمالات:
أ) «ما یسطرون» عبارة عن السطور والخطوط التی یکتبونها، بمعنى: قسم بالقلم وما یکتبونه بهذا القلم.
ب) «ما یسطرون» هو الشیء الذی ینظم ویحدد السطور والخطوط، وتوضیح ذلک: إنّ الدفاتر والأوراق فی الأزمنة القدیمة لم تکن ذات خطوط کما هو الحال فی الدفاتر المدرسیة فی هذا العصر، ومن هنا نلاحظ أنّ کتابتهم لم تکن بشکل اُفقی ومستقیم بل کانت فی الغالب غیر منظمة ومنحنیة السطور، ومن أجل تنظیم السطور ومنع الانحناء فی الکتابة، فإنّهم کانوا یضعون صفحة فلزیة معینة بمقدار الورقة وفی هذه الصفحة الفلزیة توجد مسامیر على الجانبین مثبتة بانتظام وقد وضعوا خیوط توصل بین هذه المسامیر بشکل اُفقی بحیث تکون هذه الخطوط متوازیة فیما بینها واُفقیة، ثم یضعون الورقة علیها ویضغطونها على الخیوط فتؤثر هذه الخیوط المستقیمة والاُفقیة فی الورقة وتحدث خطوط لا مرئیة علیها، ثم یبدأون بالکتابة على هذه الورقة فتکون کتابتهم مستقیمة وبدون اعوجاج.
وکانوا یسمّون هذه الأداة «مسطر»، وطبقاً لهذا الاحتمال فإنّ الله تعالى أقسم بهذه الوسیلة أیضاً بعد القسم بالقلم، أی: أُقسم بالقلم وبما بواسطته ینظمون السطور والکتابة حتى لا ینحرف القلم عن مسیره المستقیم.
ج) المقصود من «ما یسطرون»،هو «ما یسطرون فیه»، أی الورق الذی یکتبون علیه، فیکون المعنى: أقسم بالقلم وبالورق الذی یکتبون علیه.
د) المقصود بهذه العبارة هو «ما یسطرون به»، أی الحبر الذی یکتبون به، بمعنى القسم بالقلم والحبر أو الدواة.
ولا یبعد أنّ جمیع هذه الاحتمالات منطقیة فی معنى کلمة «ما یسطرون». أی القسم بقلم الوحی وعلم الله تعالى، والقسم بقلم الملائکة، والقسم بأقلام البشر، والقسم بالدواة والورق والسطور المکتوبة على الورق وما بواسطته ینظمون السطور على الورق، فجمیع هذه الأقسام تشیر إلى نقطة واحدة وهی أهمیّة القلم فی حیاة الإنسان.