إنّ جملة «إِذْ أَدْبَرَ» الواردة فی القسم الثانی جاءت کقید لکلمة «اللیل» بمعنى انتهاء اللیل وتقصد حلول وقت السحر، فلماذا أقسم الله تعالى بالسحر، فی نهایة اللیل؟
الجواب: إنّ برکات اللیل وبخاصة البرکات المعنویة تزداد فی آخر اللیل، فصلاة اللیل التی تتضمن برکات وخیرات کثیرة یأتی بها المسلم فی وقت السحر، وصلاة اللیل تعتبر عاملاً مهماً من عوامل سعادة الإنسان، وتختزن من الصفاء واللطف والارتفاع فی أجواء المعنویات ممّا لا تتضمنه الصلوات الأخرى، لأنّ وقت السحر، الذی یُحرم فیه الغافلون من برکاته، یفتح أمام الإنسان آفاق الاتصال مع الله ومناجاته والتواصل معه بشکل أفضل من سائر الأوقات، لأنّ عوامل الانغلاق الروحی والتشتت الذهنی تصل إلى حدّها الأدنى فی ذلک الوقت، فلا مکالمة هاتفیة ولا أصوات مثیرة ولا مشاغل مشوشة، ومن هنا یشعر الإنسان بحضور قلب فی هذا الوقت بشکل عجیب!
أیّها الأعزاء إذا لم تستطیعوا النهوض لصلاة اللیل فی کل لیلة فعلى الأقل اجعلوا لیلة واحدة فی الأسبوع لممارسة هذه العبادة المهمّة، فصلاة اللیل من شأنها تقویة الإیمان وزیادة الرزق وفتح أبواب الحلول للمشاکل والعقبات التی یواجهها الإنسان، وتمثّل أول درس للسالکین إلى الله، ولا شک فی أنّ أحد العوامل المهمّة لتحلیق السالکین فی أجواء الملکوت والوصول إلى مقام القرب الإلهی هی صلاة اللیل، ویستطیع المسلم الإتیان بهذه الصلاة بشکل سهل میسور، وتتألف هذه الصلاة من 4 صلوات مثل صلاة الصبح، أی 8 رکعات بنیّة صلاة اللیل، ورکعتان بنیّة الشفع، ورکعة واحدة بنیّة نافلة الوتر، حیث یستغرق المصلی فی الدعاء والمناجاة فی هذه الرکعة الأخیرة بما یشاء، ویسأل الله تعالى أی حاجة ممّا یریده ویرغب فیه، إنّ الاحاطة بأهمیّة صلاة اللیل من موقع العمق والتفصیل، یستدعی إلقاء نظرة على النصوص والآیات الشریفة الواردة عن المعصومین(علیهم السلام).