ینقل المرحوم الحاج الشیخ عبّاس القمی فی «سفینة البحار» حدیثاً عن ابن عباس، ویبدو أنّه أخذه من النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) أو من استاذه الإمام علی(علیه السلام). وهذا الحدیث کالتالی:
«إنّ أول درهم ودینار ضربا فی الأرض نظر إلیهما إبلیس فلمّا عاینهما أخذهما فوضعهما على عینیه ثم ضمهما إلى صدره، ثم صرخ صرخة، ثم ضمهما إلى صدره ثم قال:
«أنتُما قُرَّةُ عَیْنی وَثَمَرَةُ فُؤادی ما اُبالی مِنْ بَنی آدَمْ اِذا أَحَبُّوکُما أَنْ لا یَعْبُدُوا وَثَناً وَحسبی مِنْ بَنِی آدم أنْ یُحبَّوکما»(1).
إنّ الشیطان یعلم أنّه یستطیع تلویث الإنسان بجمیع الذنوب من خلال حبّه وعبادته للمال، فتهریب المخدرات، الرشوة، الحروب التی تهدف لتقویة شرکات صناعة الأسلحة، بیع وشراء أعضاء الإنسان وأمثال ذلک، کلها من أجل الحصول على الدرهم والدینار.
وبالإمکان اختبار قدرة الأشخاص وشخصیتهم بالمال، فما أکثر الأشخاص الذین یسقطون فی هذا الامتحان والاختبار، وما أکثر الأشخاص الذین طردوا اُمهاتهم من بیوتهم من أجل تقسیم المیراث، وما أکثر الإخوة والأخوات الذین عاشوا سنوات مدیدة فی حالة العداوة والخصومة من أجل تقسیم المیراث.. وطبعاً فالناس یبیعون دینهم وإیمانهم بأثمان مختلفة، فبعض یبیع دینه بسعر زهید وآخر بقیمة غالیة، فأحدهم عندما یرى ملیون تومان یهتز لها قلبه ویذوب لها إیمانه، والآخر یجد فی نفسه مقاومة للعدد من سبعة أرقام ولکن عندما یزداد هذا الرقم ویصل إلى ثمانیة أصفار فإنّه یفقد مقاومته ویتزلزل إیمانه، وهناک من یهتز أمام أرقام أعلى، والخلاصة فإنّ الأشخاص الذین لا یهتزون أمام أی رقم ولا یتحرک لهم جفن أمام أی ثروة، قلیلون، ومن هؤلاء أمیرالمؤمنین علی بن أبی طالب(علیه السلام)الذی یقول:
«وَ اللّهِ لَوْ أُعْطِیتُ الاَْقَالِیمَ السَّبْعَةَ بِمَا تَحْتَ أَفْلاَکِهَا، عَلَى أَنْ أَعْصِیَ اللّهَ فِی نَمْلَة أَسْلُبُهَا جُلْبَ شَعِیرَة مَا فَعَلْتُهُ»(2).
نسأل الله أن یوفقنا لاتباع إمام المتقین والابتعاد یوماً بعد آخر عن جواذب الأهواء والاقتراب أکثر فأکثر من عبادة الإله الواحد.