المعارف الدینیة فطریة!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأقسام القرآنیة
ما یختزنه الإنسان من ملکات! المحور الثانی: ما أقسم الله تعالى من أجله


وممّا تقدّم یتبیّن أنّ التوحید من جملة الإدرکات الفطریة فی الإنسان، هذه القضیة معروفة ومشهورة فی الوسط العلمی، وأحیاناً یتصور البعض أنّ الإدرک الفطری یختص بمسألة التوحید فقط، فی حین أنّ الأمر لیس کذلک، بل إنّ جمیع عقائد الإنسان فطریة، لأنّ الآیة الشریفة تصرح بذلک وتقول: (فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا)فالله تعالى ألهم الإنسان عناصر الخیر والشر و علّمه ما یمیز به بین الحق والباطل وما یدّله على طریق السعادة والشقاء، فإنّ أصول جمیع الاعتقادات التی تقود الإنسان فی خط السعادة والفلاح والانفتاح على الله، مغروسة بصورة فطریة فی واقع الإنسان ومحتواه الداخلی.
سؤال: إذن فی هذه الحالة ما الحاجة للأنبیاء(علیهم السلام)؟ وما هو دورهم فی إیصال الإنسان إلى السعادة المنشودة؟ وما هو الهدف من بعث الأنبیاء؟
الجواب: إنّ الفطرة تتولى تعلیم الإنسان أصول العقائد وکلیات المعارف الدینیة، وأمّا بیان التفاصیل والجزئیات فیتولى أمرها الأنبیاء، وبعبارة أخرى أنّ الفطرة بمثابة المتن الذی یتولى شرحه وبیان تفسیره الأنبیاء الإلهیون.
إنّ الفطرة تلهم الإنسان حتى الصلاة وتأمره بأداء شکر من أحسن إلیه، وأمّا کیفیة أداء الشکر وجزئیات هذه العبادة، فذلک من مسؤولیة الأنبیاء.
وهکذا بالنسبة للأمر بالمعروف والنهی عن المنکر، فهذه القضیة مغروسة فی فطرة الإنسان لأنّ الإنسان لا یمکنه أن یقف إزاء القضایا المصیریة والمهمّة موقف المتفرج، وأفراد المجتمع یعیشون فی مجتمع واحد تربطهم روابط اجتماعیة مشترکة ویعیشون مصیراً مشترکاً، فلو ارتکب أحدهم أو فئة منهم عملاً مخالفاً للقیم والقانون فإنّ الجمیع سیتضررون من ذلک وتسری الآثار السلبیة لهذا العمل إلى سائر مناحی المجتمع، ومن هنا فإنّ فطرة الإنسان تأمره باتخاذ موقف معین تجاه المنکرات والمفاسد الاجتماعیة، فلو أنّ جماعة رکبوا سفینة واتخذ کل واحد منهم مکانه الخاص، فهل یسمح هؤلاء المسافرون لأحد الأشخاص أن یثقب مکانه من السفینة؟ کلا، لأنّ جمیع المسافرین فی هذه السفینة یرتبطون بمصیر واحد، ومع ایجاد ثقب فی السفینة سوف تتعرض حیاة جمیع المسافرین للخطر، فالمجتمع البشری حاله حال هذه السفینة، وإیجاد أی خلل وإرباک فی أجواء هذا المجتمع بإمکانه أن یعرّض حیاة جمیع أفراده للخطر.
وهکذا بالنسبة للجهاد فی مقابل الأعداء، فإنّه مغروس فی فطرة الإنسان، أمّا بیان تفاصیله وأحکامه فهو بعهدة الأنبیاء الإلهیین.
النتیجة أنّ جمیع الأصول والفروع التی تکفل للإنسان الصعود فی مدارج الکمال وتقوده إلى السعادة وتبعده عن عناصر الشر والشقاء، موجودة بشکل فطری فی أعماق الإنسان، ووظیفة الأنبیاء الإلهیین تفسیر هذا المتن وشرحه للناس.
سؤال: قلتم: «إنّ الحُسن والقُبح من جملة القضایا الفطریة التی أودعها الله تعالى فی واقع أفراد البشر بحیث یدرکها کل إنسان بدون تعلیم وتجربة، فلو کان الأمر کذلک فلماذا نرى أنّ بعض المسلمین أنکر الحسن والقبح العقلیین وادعوا أنّ ذلک إنّما یثبت بالدلیل الشرعی، ویعتقدون بأنّ العقل غیر قادر على إدراک أی شیء من هذه الأمور، فلو قال الله تعالى: «العدل حسن» فسیکون حسناً، ولو قال: «العدل قبیح» فسیکون قبیحاً، فالعقل لا یدرک حسن العدل وقبح الظلم ولا حسن إسداء الخیر للآخرین.
الجواب: للأسف فإنّ جماعة کبیرة من المسلمین، وبسبب ابتعادهم عن تعالیم أهل البیت(علیهم السلام)، وقعوا فی متاهات فکریة وعقائدیة، وبسبب عدم رؤیتهم للحقیقة سلکوا سبیل الموهومات والأساطیر، ومن ذلک أنّهم أنکروا الحسن والقبح العقلیین، على أیّة حال ففی مقام الجواب عن هذا الإشکال نقول: إنّ المنکرین للحسن والقبح، بالرغم من إنکارهم لهذا باللسان، إلاّ أنّهم فی مقام العمل یعتقدون بهذه المقولة.
وتوضیح ذلک: لو افترضنا أنّ رجلاً لم یکن معتقداً بأی دین من الأدیان الإلهیّة، هجم على بیوت هؤلاء الأشخاص وقتل زوجاتهم وأطفالهم ونهب أموالهم، فلو أنّهم کانوا ینکرون الحسن والقبح واقعاً فلا یحق لهم الاعتراض علیه بأنّک لماذا ترتکب مثل هذه الجرائم القبیحة والمفاسد الذمیمة، لأنّ هذا الشخص لا یعتقد بأی دین حتى یلتزم بتعالیم هذا الدین فیما یقرره من أعمال الحسن والقبح، ومن جهة أخرى فإنّ عقله لا یدرک حسن وقبح الأعمال والأفعال، وعلیه فلا ینبغی الاعتراض علیه ومؤاخدته وعقوبته.
کما أنّ من یعتقد بمقولة الجبر لا یحق له الاعتراض على ما یصدر من الآخرین من مخالفات ومنکرات، لأنّه یعتقد بأنّ جمیع أفراد البشر مجبورن فی أعمالهم وسلوکیاتهم ولا أحد یملک اختیاراً فی عمله، بالتالی لا تترتب على عمله مسؤولیة جزائیة، ولازم هذا الکلام رفع العقوبة عن المجرمین، لأنّه لا معنى لأن یکون الشخص مجبراً على عمل معین وفی ذات الوقت یعاقب علیه، فلو أنّ شخصاً صفع من یعتقد بهذه العقیدة الخاطئة، فسوف نرى أنّ صراخه یصعد إلى عنان السماء ویتحرک فی مقابل هذا العمل من موقع الاعتراض خلافاً لمعتقده، ویعتبر أنّ هذا السلوک نوعاً من الظلم فی حقّه.
ومن المناسب أنّ نذکر هنا القصة المعروفة فی هذا المجال: «یقال إنّ شخصاً ومعه جماعة من عمّاله دخلوا بستانه، فوقعت عینه على لص فوق الشجرة وهو مشغول بتناول ثمارها، فعندما اعترض علیه صاحب البستان ونهاه عن هذه السرقة، قال اللص: أنا لست مختاراً فی المجیء إلى هذا المکان بل أنا مجبور على هذا العمل وحتى تسلّقی للشجرة وتناولی للثمار لیس باختیاری بل کلها أعمال صادرة من الله.
فقال له صاحب البستان وکان عالماً: حسناً، ثمّ التفت إلى عمّاله وأمرهم بإنزاله من فوق الشجرة وشدّ وثاقه إلى جذع الشجرة بالحبال، ثم اقتطع عدّة أغصان من شجرة الرمان وأمرهم بضربه ضرباً مبرحاً، فأخذ هؤلاء العمّال بتطبیق هذا الأمر وانهالوا علیه ضرباً، فعندما رأى اللص شدّة العقوبة وأنّ حیاته معرضة للخطر ارتفع صراخه ونادى صاحب البستان، لماذا تصنع معی هذا الصنع، أنت تقوم بقتل إنسان بسبب ثمار معدودة؟ فقال صاحب البستان: نحن بدورنا مجبورن على هذا العمل، فعندما أنزلک العمّال من على الشجرة وشدّوا وثاقک وانهالوا علیک ضرباً بهذه الأغصان فإنّ کل هذه الأعمال لم تکن صادرة منّا باختیارنا، بل هی أعمال صادرة من الله».
النتیجة أنّ المنکرین للحسن والقبح والاختیار، بالرغم من أنّهم ینکرون هذه المقولات بألسنتهم، إلاّ أنّهم یعتقدون بها فی مقام العمل والتطبیق.
وعلى ضوء ذلک فإنّ جمیع أفراد البشر وفی مقام العمل یقولون إنّ الله تعالى ألهم الإنسان الحسن والقبح وإدراک البدیهیات والقدرة على التفکر والتعقل، وفهم أصول المعارف الدینیة، وقد جعلها الله تعالى فی فطرتنا وأودعها فی وجداننا، ولولا إدراک الإنسان لهذه الأمور فإنّ المجتمع البشری سیغرق فی دوامة من الفوضى والهرج والمرج.
إنّ العالم یدور حول محور القانون، وهذا القانون مقتبس من تلک الأصول الفطریة المودعة فی وجدان الإنسان وأعماق روحه، فعندما نرى أنّ جمیع البشر یعتقدون بأنّ الاعتداء على الآخرین قبیح، وأنّ جمیع الناس یعتقدون بأنّ الاغتیال والارهاب یمثّل عملاً قبیحاً وأنّ جمیع الناس یعتقدون بأنّ الإحسان إلى المحرومین وإسداء ید العون للمحتاجین عمل حسن، فهذه کلها نابعه من ذلک المصدر والمنبع الفطری والوجدانی ویدرکها الإنسان بمقتضى تلک القوّة التی تمیّز بین الحسن والقبح، والفجور والتقوى، والخیر والشر والتی أودعها الله تعالى فی واقع الإنسان ومحتواه الداخلی، ولهذا المعنى تشیر الآیة الشریفة: (فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا).
 

ما یختزنه الإنسان من ملکات! المحور الثانی: ما أقسم الله تعالى من أجله
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma