التفسیر الثانی: الملائکة المطیعون

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأقسام القرآنیة
المحور الثالث: العلاقة بین الأقسام والمقسم به الملائکة فی المعارف الإسلامیة

وذهب بعض المفسّرین إلى أنّ الأقسام الخمسة المذکورة یقصد بها الملائکة ووظائفهم الخمسة، وذلک:
(وَالْمُرْسَلاَتِ عُرْفاً)، قسم بالملائکة التی تنزل تباعاً على الأنبیاء الإلهیین لإبلاغهم الرسالة الإلهیّة، أو الملائکة التی تنزل إلى عالم الدنیا تباعاً لأداء وظائفهم وتکالیفهم الإلهیّة فی جمیع مناطق المعمورة.
(فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفاً)، والمراد بها الملائکة الذین أشارت إلیهم الآیة السابقة، وأمّا هؤلاء الملائکة فإنّهم لا یتثاقلون فی أداء مسؤولیاتهم ووظائفهم بل ینطلقون کالعاصفة الشدیدة وبسرعة لتنفیذ الأوامر الإلهیّة فی واقع الحیاة وعالم الوجود.
(وَالنَّاشِرَاتِ نَشْراً)، قسم بالملائکة الذین ینشرون رسالة الله بین عباده ویتحرکون على مستوى إشاعة الرسالات والتعالیم الإلهیّة فی جمیع عالم الوجود.
(فَالْفَارِقَاتِ فَرْقاً); وهم الملائکة الدین یتحرکون من موقع الفصل بین الحق والباطل، وبذلک یمنحون المؤمنین قوّة التمییز بین الحق والباطل، فعندما تبلغ الملائکة الوحی الإلهی للأنبیاء، فالأنبیاء بدورهم یوصلون هذه المعارف السماویة والوحیانیة للناس، فالناس سوف سیتحرکون على مستوى التواصل مع هذه المعارف الإلهیّة، فیما تمثّله من معاییر ومواقع للتمییز بین الصواب والخطأ، الحق والباطل.
سؤال: ألا یکفی تشخیص العقل فی هذه المسائل عن الرسالات الإلهیّة والذی یعبر عنه بالرسول الباطنی؟
الجواب: صحیح أنّ العقل یمثّل حجّة باطنیة ورسول باطنی للإنسان وقادر على تشخیص ومعرفة الحقائق، ولکن ممّا لا شک فیه أنّ العقل لا یملک القدرة على تشخیص جمیع الحقائق فی حرکة الحیاة والواقع، وعلیه فالأشخاص الذین یعیشون بعیداً عن مفاهیم الوحی ومعطیات السماء، فإنّهم فی الکثیر من الموارد یعجزون عن التمییز من موقع الدقة بین الحق والباطل، ومن هنا فإنّ البشریة لا تستغنی اطلاقاً عن برکات الوحی وتعالیم الأنبیاء.
وبعبارة أخرى، إنّ العقل البشری بمثابة مصباح وسراج ینیر الطریق للإنسان بمقدار معین، وتبقى مساحات کبیرة من العالم غارقة فی عالم الظلمة، وأمّا الوحی الإلهی فبمثابة نور الشمس المشرقة التى تنیر جمیع الأمکنة والمساحات فلا تبقى نقطة مظلمة فی طریق هذا الإنسان السالک، وعلى ضوء ذلک فإن العقل والوحی مصدران للنور یمنحان الإنسان وضوحاً فی الرؤیة لمواصلة الطریق فی خط السعادة والکمال والرسالة، ولکن أحدهما محدود والآخر غیر محدود.
وفی عصرنا وزماننا هذا بالرغم من التقدم العلمی الذی حققه البشر فی مجالات مختلفة من الحیاة، ولکن لحدّ الآن یوجد أفراد من البشر یعیشون على الکرة الأرضیة وهم یعبدون البقر وبعض الحیوانات الأخرى، ویعبدون النار وغیرها! هؤلاء لیسوا أغبیاء ولا یشکون من قصور فی قواهم الإدراکیة بل یعیشون فی بلدان متقدّمة فی العلم والتقنیة حتى فی العلوم الذریة، وقد اکتشفوا أسرار الذرة، فهذه الممارسات المنحرفة والأفکار الضالة إنّما هی بسبب الاعتماد على القدرة المحدودة للعقل وبسبب قصور أدواته فی تقصی المشکلات الفکریة والمعنویة للإنسان وعدم الاستفادة من أنوار الوحی الإلهی.
النتیجة أنّ الإنسان لا یمکنه مواصلة مسیرته فی هذا الطریق الشائک بالاعتماد فقط على قدرات العقل، فمن الممکن أن یستفید الإنسان بشکل نسبی وإجمالی من نور العقل، ولکنّ إضاءة طریق السعادة والکمال المعنوی بشکل کامل یحتاج إلى الاستعانة بحقائق الوحی وتعالیمه.
(فَالْمُلْقِیَاتِ ذِکْراً)، قسم بالملائکة الذین ینذرون المؤمنین ویحذّرونهم ممّا سیواجهونه من أخطار وتحدیات فی حرکة الحیاة، وفی ذات الوقت یتمّون الحجّة بإنذارهم هذا على غیر المؤمنین.
(إنّما(1) تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ)، قسم بالملائکة الذین یتحرکون لتنفیذ المسؤولیات والوظائف الخمس، أنّ جمیع ما وعد الله تعالى ستیحقق حتماً یوم القیامة، فالمعاد والحشر، والثواب والعقاب، والحساب والکتاب، والجنّة والنار، کلها ستتحقق على أرض الواقع یوم القیامة.
الخلاصة إنّ أهمیّة المعاد والحیاة بعد الموت کبیرة إلى درجة أنّ الله تعالى أقسم خمس مرات فی الآیات المذکورة بالملائکة ومسؤولیاتهم ونشاطاتهم المختلفة، ومن هنا لابدّ من معرفة شیء عن الملائکة.
 


(1) . بالرغم من أنّ القرآن الذی خطّه عثمان طه یمتاز بعدة خصوصیات إیجابیة إلاّ أنّه یواجه بعض الإشکالات من جهة الإملاء، مثلاً فی الآیة مورد البحث (الآیة 7 من سورة المرسلات) وردت کلمة «إنّما» والمفروض أن تُکتب بکلمتین منفصلتین «إنّ ما»، لأنّ »إنّما» یراد بها الحصر، وفی هذه الآیة لا بقصد الحصر، بل «ما» موصوفة، بمعنى لا شک فی أنّ الوعد الذی وُعدتم به سیتحقق لا محال.
وهذا الإشکال لا یختص بهذا المورد بل لعلّه توجد عشرة موارد أخرى من هذا القبیل.

 

المحور الثالث: العلاقة بین الأقسام والمقسم به الملائکة فی المعارف الإسلامیة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma