وبالنسبة لمنهجیة البحث فی هذا الموضوع، هناک منهجیتان لهذا البحث ذکرهما أرباب التفسیر:
1. منهجیة البحث الموضوعی; بمعنى أنّ الباحث یجمع جمیع ما ورد فی القرآن عن القسم بالشمس مثلاً، ثم یتوجه للآیات التی ورد فیها القسم باللیل والنهار، ویجمعها ویضعها قید البحث والدراسة، وهکذا یستمر فی عمله لدراسة الأقسام القرآنیة.
وهذا المنهج یتمیّز بنقاط قوّة، من جهة أنّه یجمع موارد موضوع معین فی مکان واحد، ولکنّه یواجه مشکلة أساسیة وهی أنّه یعمل على تقطیع الآیات وبالتالی فصل القسم عن المقسم له، مثلاً تنقطع صلة القسم بالشمس فی سورة الشمس مع تهذیب النفس الوارد فی هذه السورة والذی هو متعلق القسم، فلا یعلم حقیقة الارتباط بین القسم والمقسم له، ومع الالتفات إلى هذا الإشکال المهم فإننا لا نؤید اتخاذ هذا المنهج.
2. منهجیة البحث الترتیبی; أی أننا نبدأ من أول القرآن ونبحث کل سورة ورد فیها القسم بشیء معین، ثم ننتقل إلى القسم الذی بعده وهکذا، وهذه المنهجیة فی الأقسام القرآنیة تواجه بدورها بعض الخلل والقصور.
وهنا أطرح منهجیة ثالثة، حیث یقوم البحث فی هذا الکتاب على أساسها، وهذه المنهجیة هی أننا نبدأ بدراسة السور القرآنیة التی وردت فیها أقسام کثیرة، ثم ننتقل إلى ما بعدها، لأن تکرار القسم یشیر إلى أهمیّة المقسم له وینبغی الانطلاق من المواضیع التی تحضى بأهمیّة أکبر.
ومن جمیع أقسام القرآن نرى أنّ الله تعالى فی أحد الموارد أقسم إحدى عشر مرّة، وذلک فی الآیات الأُولى من سورة الشمس، وهناک أربع سور ورد القسم فیها خمس مرات، وأربع سور ورد القسم فیها أربع مرات، وهناک ثلاثة أقسام فی ستة موارد، وتکرار القسم فی خمسة موارد، أمّا القسم الواحد فقد ورد فی ستة عشر مورداً فی القرآن الکریم وهی أغلب موارد القسم فی القرآن الکریم، وعلى هذا قمنا بتقدیم هذا الکتاب فی ستة فصول.
ولایسعنی فی ختام هذه المقدّمة أن أتقدّم خالص شکری وتقدیر لکلّ من سماحة السید احمد القبانچی والشیخ هاشم الصالحی على ما بذلاه من تعریب واخراج الکتاب بهذه الصورة الرائعة واسأل الله تعالى أن یوفقهما للعلم والعمل وجزاهم عن الاسلام خیراً.
* * *