تقدّم أن أحد المعانی اللغویة لتهذیب النفس هو خلوصها، ومن جهة أخرى فإنّ القرآن الکریم ذکر مفردة، مخلِصین (بالکسر) وأیضاً مخلَصین (بالفتح)، واللافت أن کل واحدة من هاتین الکلمتین تکررت ثمانی مرات فی القرآن الکریم، والمخلِصین بالکسر، تعنی الأشخاص الذین یتحرکون على مستوى تخلیص أنفسهم، والثانیة المخلَصین تعنی أنّ الله تعالى یعمل على تخلیصهم.
سؤال: هل بإمکاننا تطهیر أنفسنا وقلوبنا من کل هذه الشوائب والأهواء النفسانیة، أم نحن بحاجة إلى المساعدة لتحقیق هذا الأمر المهم؟
الجواب: مع الالتفات إلى أنّ بعض الشوائب والأدران خافیة على الإنسان وعلى حدّ تعبیر النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) أنّ حرکتها کحرکة النملة السوداء فی اللیلة الظلماء على الصخرة الصماء(1)، فإنّ سلوک هذا الطریق لا یمکن بدون تسدید إلهی ومعونة ربانیة. ومن هذا المنطلق ینبغی السعی لنکون فی زمرة المخلصین (بالکسر) حتى یکون الله تعالى هو الذی یتولى تخلیص قلوبنا وتهذیب أنفسنا من الشوائب والأدران، ونکون بذلک من جملة المخلَصین (بالفتح).
والآیة مورد البحث (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَکَّاهَا) إذا کانت کلمة «مَنْ» هی الفاعل فمضمون الآیة یلتقی مع کلمة المخلِصین لأنّه فی هذه الصورة یکون معنى الآیة: «أنّ الشخص الذی یعمل على تهذیب نفسه وتخلیصها من الشوائب سینال مقام الفلاح». وأمّا إذا کانت کلمة «مَنْ» مفعولاً، وأنّ الله تعالى هو الفاعل فإنّ مضمون الآیة الشریفة یلتقی مع مفهوم «المخلَصین»، وفی هذه الصورة یکون تفسیر الآیة: «قد أفلح الشخص الذی زکّاه الله وهذّب الله نفسه من الشوائب» وطبعاً کلا الاحتمالین ینسجمان مع الآیة الشریفة.
 

(1) . بحار الأنوار، ج 18، ص 158 .