وقد تحدّثت الآیة مورد البحث، وهی الآیة الثانیة التی ورد فیها قسم منفرد، عن تسویلات الشیطان وطریقة تزیینه للمعاصی، أی أنّ الشیطان ومن أجل إغواء الناس یقوم بتزیین القبائح وإظهارها بشکل محاسن، والمحاسن یظهرها بشکل قبائح، کیما یرتکب الناس المحرمات على أساس ظاهرها الخداع والجمیل ویترکون الواجبات التی ارتدت لباس القبیح.
وینطلق القرآن الکریم فی ست من آیاته للحدیث عن تزیین الشیطان لأعمال البشر، وفی بعض الآیات وردت کلمة «سوّل» وهی من مادة «تسویل» ولها معنیان:
1. التشویق.
2. التزیین، وإلباس الفعل ثیاب جمیلة وبرّاقة. ونقرأ فی قصّة النبی یوسف(علیه السلام)عندما اجتمع إخوته وألقوه فی غیابة الجب وذهبوا بقمیصه الملطخ بدم الشاة إلى والدهم لیلاً وهم یذرفون الدموع کذباً وقصّوا علیه قصّة أکل الذئب لیوسف، فقال لهم یعقوب(علیه السلام):
(بَلْ سَوَّلَتْ لَکُمْ أَنفُسُکُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِیلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ).
وقد نستوحی من هذه الآیة الشریفة أنّه لیس فقط الشیطان یسول للإنسان بل إنّ النفس تسول للإنسان وتزین له القبائح والرذائل، وبما أنّ الإنسان یعیش المیل والانجذاب بطبعه وفطرته إلى الجمال وإلى الفضائل والمحاسن، ویکره القبائح والرذائل، فإنّ الشیطان والنفس الأمّارة بالسوء یزیّنان لهذا الإنسان الذنوب لإغرائه بارتکابها والتلوث بها، ویعملان على اظهار الواجبات والفضائل بمظهر قبیح حتى یبتعد عنها الإنسان ویترکها.