والاحتمال الآخر فی تفسیر هذه الآیة أنّ المقصود من کلمة «العصر» هو زمان ظهور الإمام المهدی (عجل الله تعالى فرجه الشریف)، لأنّ هذه الفترة الزمنیة مهمّة جدّاً، لأنّه:
أوّلا: إنّ البشریة تکون قد خطت خطوات کبیرة فی مجال العلوم والمعارف.
ثانیاً: إنّ التقنیة والصناعة تکون قد بلغت الذروة فی هذا العصر.
ثالثاً: إنّ البشر سیعیشون معالم الحیاة الأخلاقیة والقیم الإنسانیة فی مستویات عالیة.
رابعاً: إنّ البشریة ستعیش حالة الصلح والعدل والأمن فی هذا العصر ویسود التفاهم والوئام بین جمیع الشعوب والأقوام.
وتتحرک الآیة الشریفة لتصف لنا ملامح هذا العصر بشکل رائع وتقول:
(وَعَدَ اللهُ الَّذِینَ آمَنُوا مِنْکُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَیَسْتَخْلِفَنَّهُم فِی الاَْرْضِ کَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَیُمَکِّنَنَّ لَهُمْ دِینَهُمُ الَّذِی ارْتَضَى لَهُمْ وَلَیُبَدِّلَنَّهُمْ مِّنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً یَعْبُدُونَنِی لاَ یُشْرِکُونَ بِی شَیْئاً وَمَنْ کَفَرَ بَعْدَ ذَلِکَ فَأُوْلَئِکَ هُمُ الْفَاسِقُونَ).
وهذا یعنی، أوّلا: إنّ مشکلة العالم المعاصر تتمثّل فی حکّام الجور والذین یمسکون بمقالید السلطة ولا یسیرون فی خط إقامة العدل فی أجواء المجتمع البشری، وهذه المشکلة سترتفع فی عصر ظهور الإمام المهدی(علیه السلام) وتدار الأمور بید الصالحین والمؤمنین الذین یتولون زمام الأمور وصنع القرار.
ثانیاً: إنّ الدین الإسلامی عالمی وشمولی وسوف یفتح جمیع أراضی المعمورة ویهیمن على جمیع البلدان، وطبعاً فهذا لا یعنی زوال الدیانة الیهودیة والمسیحیة، بل ستبقى الدیانات الأخرى على شکل أقلیات متناثرة هنا وهناک، ولکن الدین الحاکم على العالم هو الدین الإسلامی.
ثالثاً: زوال الخوف والخشیة من الحروب الداخلیة والإقلیمیة والعالمیة، وسیادة الشعور بالأمن والاستقرار.
رابعاً: إنّ الناس فی ذلک الوقت وفی ظلّ حکومة الصالحین وبسط الأمن والعدل والرخاء والاستقرار، سیتحرکون فی خط العبادة والرسالة والانفتاح على الله بدون خوف أو خشیة من أحد، وبکلمة إنّ الغایة من الخلقة ستتحقق بشکل کامل فی عصر ظهور الإمام المهدی، ومن هنا استحق هذا العصر الزاهر أن یقسم الله تعالى به.