2. التاریخ البشری

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأقسام القرآنیة
1. غروب الشمس فضائل الإمام علی(علیه السلام) على لسان سعد بن أبی وقاص


طبقاً للمعنى الآخر لهذه الکلمة فإنّ المراد من کلمة «العصر» فی هذه الآیة مجموع التاریخ البشری منذ بدایة الخلقة إلى نهایة عمر الدنیا، حیث یجمع فیه الحوادث والوقائع کلها بشکل مضغوط، وبما أنّ التاریخ مرآة یستوحی منه الإنسان العبر والدروس، فلذا أقسم الله تعالى بمجموع تاریخ البشریة.
إن الإنسان بإمکانه أن یستوحی جمیع دروسه اللازمة فی حرکة الحیاة من التاریخ، فعناصر السعادة، وأسباب النصر، وثمار الوحدة والاتحاد، والافرازات السلبیة للاختلاف والفرقة، وکیفیة الاستفاده من الفرص، وعواقب الغفلة عن هذه الفرص، وأمثال ذلک، کلها یستطیع الإنسان استخراجها من ثنایا التاریخ ویجعلها نصب عینیه فی حرکة الحیاة والواقع.
الإمام علی(علیه السلام) فی کتابه القیم الذی یعکس فی مضامینه دورة کاملة للأخلاق الإسلامیة، یقول لابنه الإمام الحسن المجتبى(علیه السلام):
«أَىْ بُنَیَّ، إِنِّی وَ إِنْ لَمْ أَکُنْ عُمِّرْتُ عُمُرَ مَنْ کانَ قَبْلِی، فَقَدْ نَظَرْتُ فِی أَعْمَالِهِمْ، وَ فَکَّرْتُ فِی أَخْبَارِهِمْ، وَ سِرْتُ فِی آثَارِهِمْ; حَتَّى عُدْتُ کأَحدِهِمْ. بَلْ کَأَنِّی بِمَا انْتَهَى إِلَیَّ مِنْ أُمُورِهِمْ قَدْ عُمِّرْتُ مَعَ أَوَّلِهِمْ إِلَى آخِرِهِمْ، فَعَرَفْتُ صَفْوَ ذلِکَ مِنْ کَدَرِهِ، وَنَفْعَهُ مِنْ ضَرَرِهِ، فَاسْتَخْلَصْتُ لَکَ مِنْ کُلِّ أَمْر نَخِیلَهُ وَتَوَخَّیْتُ لَکَ جَمِیلَهُ، وَصَرَفْتُ عَنْکَ مَجْهُولَهُ»(1).
ویکفی فی أهمیّة التاریخ البشری أنّ الله تعالى تحدّث فی أکثر سور القرآن عن الأقوام السالفة والشعوب الماضیة، فیما یستقی منها الإنسان الدروس الحیة والعبر النافعة، وعلى سبیل المثال نشیر هنا إلى قصّتین منها:
 
أ) قصة أبرهة الحبشی
ویحدّثنا القرآن الکریم فی سورة الفیل عن قصّة أبرهة ویقول:
(أَلَمْ تَرَ کَیْفَ فَعَلَ رَبُّکَ بِأَصْحَابِ الْفِیلِ * أَلَمْ یَجْعَلْ کَیْدَهُمْ فِی تَضْلِیل * وَأَرْسَلَ عَلَیْهِمْ طَیْراً أَبَابِیلَ * تَرْمِیهِمْ بِحِجَارَة مِّنْ سِجِّیل * فَجَعَلَهُمْ کَعَصْف مَّأْکُول).
کانت المسیحیّة فی الماضی قد انتشرت فی الیمن جنوب شبه الجزیرة العربیة، وقد کان یحکمها وال من قِبل المسیحیین واسمه أبرهة بن الصباح الأشرم جدّ النجاشی المعاصر للنبی الأکرم(صلى الله علیه وآله). وقد بنى أبرهة کنیسة فی غایة الروعة والعظمة فی الیمن ولعله لم یکن لها نظیر فی ذلک العصر، وکان أبرهة شدید التعلق بهذه الکنیسة، وفجأة قام البعض بإحراقها لیلاً وتحویلها إلى رماد، فتألم أبرهة کثیراً لهذه الواقعة، وأخذ یبحث عن العناصر التی تقف وراء هذا الحادث.
وأخیراً توصل إلى هذه النتیجة، وهی أنّ المشرکین العرب فی مکة ربّما لهم ید فی هذا الحادث، ولذلک جهز جیشاً کبیراً وتوجه إلى مکة بقصد هدم الکعبة للانتقام من المشرکین فی مکة، وعندما وصل جیش أبرهة على مقربة من مکة وشاهد أهالی مکة ذلک الجیش العظیم فزعوا بشدة وامتلکهم الخوف والرعب، لأنه أولاً: إنّ المشرکین لم یروا جیشاً من الفیلة قبل ذلک، وثانیاً: لم یشاهدوا جیشاًبتلک العظمة والشدة فی ذلک الوقت.
وعندما اقترب أبرهة من جبال مکة توقف قلیلاً وأرسل رسولاً لیأتی بزعیم مکة إلیه، وکان عبدالمطلب جدّ النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) فی ذلک الوقت کبیر مکة، فجاء إلى أبرهة، فلما رأى أبرهة معالم العظمة والعزّة على ملامح عبدالمطلب نزل من مرکبه وأخذ بید عبدالمطلب وجلسا سویاً على الأرض، ثم أخبره بسبب قدومه مع هذا الجیش الکبیر إلى مکة، وقال: ماذا تطلب منّی؟
فقال له عبدالمطلب: «إنّی أنا ربّ الإبل، وإنّ للبیت ربّاً سیمنعه علیک»(2).
وهکذا عاد عبدالمطلب إلى مکة وأمر الناس بالتوجه إلى الجبال المحیطة بمکة واللجوء إلیها، فتقدم جیش أبرهة باتجاه الکعبة قاصداً هدمها، وفجأة شاهد الجنود الذین یرکبون الفیلة سحاباً من بعید یتجه نحوهم من جانب البحر الأحمر، وعند اقتراب السحاب شاهدوا طیوراً صغاراً کل واحد منها یحمل ثلاثة أحجار صغیرة بمقدار الحمصة، أحدها فی منقاره والحجران الآخران بقدمیه، فلم یرسل الله تعالى فی مقابل الجیش العظیم المجهّز بالفیلة، جیشاً أعظم منه بل بعث علیهم هذه الطیور الصغار لمهاجمتهم والتصدی لهم، فکل طیر منها مأمور بقتل ثلاثة جنود من جیش أبرهة، فهلک جمیع أفراد جیش أبرهة ولم یسلم منهم سوى نفر واحد عاد مسرعاً إلى الیمن لیخبرهم عمّا حلّ بجیش أبرهة من الهلاک والدمار والفضیحة.
إنّ هذه القصة تتضمن الکثیر من الدروس والعبر وتحذر الإنسان من الغرور الذی ربّما یشعر به فی حال القدرة والقوة، وتقول له إنّک مهما بلغتَ من القوّة ومهما تمکنتَ من مقاومة التحدیات وتحمّل الشدائد فإنّک لا تستطیع فعل أی شیء فی مقابل مشیئة الله تعالى، فالله تعالى یستطیع أن یأمر الأرض بأن تتحرک وتهتز قلیلاً وبذلک یحلّ الهلاک والدمار فی مدن بأکملها خلال ثوان معدودة، أو یسلط ظاهرة تسونامی على سواحل جنوب آسیا لتدمیرها، أو یأمر اعصار کاترینا بإغراق مدینة کاملة تحت میاه المحیط وتقف حکومة أمریکا عاجزة تماماً عن المقاومة. أجل، لیس فقط أبرهة وجیشه قبل 1400 سنة کانوا عاجزین عن المقاومة، بل إنّ الإنسان المعاصر على رغم التقدم العلمی المدهش والتطور الصناعی المذهل فإنّه یقف عاجزاً أمام القدرة الإلهیّة.
 
ب) السدّ الترابی العظیم لقوم سبأ
تقع فی أرض الیمن منطقة جبلیة تتمیز بکثرة الأمطار، وفی کل وقت تهطل الأمطار فیها حیث تتسبب فی حدوث سیول خطیرة تدمر کل شیء أمامها، فقرر أهالی الیمن أن یبنوا سدّاً ترابیاً فی مقابل هذه السیول، لمنع تدمیر وتخریب هذه السیول للقرى والمزارع وکذلک لتجمیع المیاه خلف السدّ والاستفادة منها لإرواء الأراضی الزراعیة، وهکذا تمّ بناء السدّ بهمة وعزیمة أهالی الیمن، فانقطع تأثیر السیول المدمرة، وتدریجیاً تجمعت المیاه خلف السدّ فأخذت طریقها إلى المزارع والبساتین فی أطرافها من خلال قنوات خاصّة، وهکذا عمرت تلک المنطقة بالزراعة والبناء والبساتین، ویوماً بعد آخر کانت الیمن تزداد عمراناً وازدهاراً، حتى أنّ الزارعین زرعوا الأشجار الکثیرة ببرکة میاه السد إلى درجة أنّ المسافر یسیر مسافات طویلة فی ظلّ هذه الأشجار ولا یحتاج إلى الغذاء والطعام لأنّه یکفی أن یحمل معه سلة صغیرة ویتحرک تحت الأشجار فیرى بعد مدّة قلیلة أن السلة ملیئة بأنواع الفواکه المتساقطة من الأشجار.
والخلاصة أنّ السد المذکور قد تسبب فی بناء حضارة عظیمة ومدهشة لأهالی الیمن ولکن بعض الناس عندما یستلمون زمام القدرة ویمتلکون مقالید السلطة ینسون کل شیء ویتحرکون فی خط الغفلة والکفران للنعمة والإعتراض على واهب النعم، وهکذا کان حال أهالی الیمن فقد کانوا یقولون:
(رَبَّنَا بَاعِدْ بَیْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِیثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ کُلَّ مُمَزَّق إِنَّ فِى ذَلِکَ لاَیَات لِّکُلِّ صَبَّار شَکُور)(3).
وهکذا قرر الله تعالى تخریب ذلک السد الترابی الذی یعتبر مصدر تمدن وازدهار مدینة سبأ، ولکنّ هذه المهمّة لم یکن یتولاها الملائکة الشداد، بل تولى هذه المهمّة عدّة فئران صحراویة أخذت تحفر جحورها فی هذا السد، وتدریجیاً أحدثت ثقوباً فیه وأخذ الماء یجری من هذه الثقوب وازداد الخرق اتساعاً بقوة الماء المتدفق من هذه الثقوب والثغرات إلى أن سمعوا فجأة صوتاً مهیباً فی جمیع أنحاء السد ولم یکن ذلک الصوت الرهیب سوى صوت انهدام السدّ الترابی فتدفقت المیاه المتجمعة خلفه إلى المساحات والمدن أمامها بسرعة وهی تکتسح کل ما فی طریقها وتدمر ما یقع أمامها من البساتین والمزارع والأشجار والبیوت فلم یبق أی أثر لذلک التمدن الکبیر سوى بقیة من جذوع الأشجار الصحراویة، والأشخاص الذین بقوا على قید الحیاة هجروا تلک المنطقة وتحوّل ذلک العمران إلى خراب، وتلک المزارع الزاهرة إلى صحارى جافة وموحشة. أجل! فالتاریخ زاخر بالدروس والعبر، ولهذا أقسم الله تعالى به.


(1) . نهج البلاغة، الرسالة 31 .
(2) . التفسیر المنیر، ج 30، ص 404 .
(3) . سورة سبأ، الآیة 19 .

 

1. غروب الشمس فضائل الإمام علی(علیه السلام) على لسان سعد بن أبی وقاص
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma