وینقسم القسم من جهة أخرى إلى قسمین:
الأول: القسم الذی یراد منه إثبات أو نفی ادّعاء خاص أو موضوع معین، کأن یقسم الشخص لإثبات دَینه فی ذمّة شخص آخر، ویطلق علیه «الیمین المردودة» أو یقسم الشخص لنفی ادّعاء شخص آخر یتضمن دَیناً فی ذمّته.
القسم الآخر: قسم «التعهد» وهذا النوع من القسم لا یقصد به إثبات أو نفی شیء معین، بل المقصود منه التزام الشخص نفسه بأمر خاص، کأن یقسم الإنسان على أن یساعد الفقراء فی الیوم الفلانی وفی المکان الفلانی.
وبالنسبة للقسم من النوع الأول إذا کان کاذباً فیرتکب صاحبه إثماً وینال عقوبة شدیدة کما تقدّم سابقاً، ولکن لا کفارة علیه، لأنّه لا یعبّر عن التزام أخلاقی بأمر من الأمور، بل المقصود منه إثبات أو نفی شیء معین.
أمّا النوع الثانی من القسم، وهو قسم «التعهد»، ففیما إذا نکث الشخص یمینه ولم یعمل بما التزم به، فمضافاً إلى أنّ عمله هذا یعتبر ذنباً وترتب علیه عقوبة أخرویة فعلیه الکفارة أیضاً وکفارته إطعام عشرة مساکین أو إکساؤهم، فإذا لم یتمکن من ذلک فیجب علیه صیام ثلاثة أیّام. والملفت للنظر أنّ هذا الشخص إذا لم یعیّن فی قسمه مکاناً وزماناً خاصّاً للإتیان بذلک العمل، فإنّه یجب علیه دفع الکفارة المذکورة فی کل وقت یرتکب فیه مخالفة لذلک القَسم.
وعلى هذا الأساس فما نراه على المستوى الاجتماعی من قبیل حلف نوّاب البرلمان الذین یُقسمون بالله فی بدایة عملهم على أن لا یرتکبوا خیانة للنظام السیاسی وللشعب وعلى أن یؤدوا دورهم بأحسن وجه، فلو أنّهم ارتکبوا ما یخالف هذا الحلف والقسم فیجب علیهم دفع الکفارة، وفیما إذا صدرت منهم مخالفات لهذا القسم فی تلک المدّة الزمنیة وحنثوا بالتزامهم المذکور فیجب علیهم دفع الکفارة بشکل متکرر.
النتیجة أنّ کفارة حنث الیمین هی کفارة ثقیلة، فالحذرَ الحذرَ من الیمین والحلف والنذر واجتناب هذه الأمور مهما أمکن إذا کنتم لا تستطیعون الوفاء بالنذر أو القسم، لأنّ التکالیف الدینیة ثقیلة بحدّ ذاتها فلا ینبغی إضافة أحمال أخرى على أنفسنا بواسطة النذر والقسم بحیث إننا أحیاناً یجب علینا دفع کفارة ذلک طیلة العمر.
الخلاصة، أنّ الیمین لإثبات أو نفی موضوع معین إذا کانت کاذبة فلا کفارة علیها، ولکن الیمین من النوع الآخر (یمین الالتزام) تترتب على مخالفتها الکفّارة، رغم أنّهما یشترکان فی حرمة المخالفة وفی صورة الکذب.