سؤال: تقدّم أن القسمین فی سورة الحاقة (أی القسم بجمیع موجودات العالم) من أجل اثبات حقانیّة القرآن، ولکن هل الله تعالى أقسم فقط لإثبات حقانیّة القرآن وأنّ هذا الکتاب السماوی لیس من نتاج الذهن البشری بل نزل من الله تعالى؟ وهل یکفی القسم لإثبات مثل هذه الحقیقة المهمّة؟
الجواب: إنّ الله تبارک وتعالى ولإثبات هذه الحقیقة لم یکتف بالقسم، بل انطلق فی الآیات اللاحقة من موقع البرهنة وإثبات هذه الحقیقة بآلیات الاستدلال العقلی أیضاً، وتقول الآیات:
(تَنزِیلٌ مِّنْ رَبِّ الْعَالَمِینَ * وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَیْنَا بَعْضَ الاَْقَاوِیلِ * لاََخَذْنَا مِنْهُ بِالْیَمِینِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِینَ)(1).
أی إذا ادّعى شخص النبوّة وأقام المعجزة على ذلک، فإن کان کاذباً فإنّ مقتضى قاعدة اللطف هو أن یفضحه الله تعالى، وإذا لم یهلکه أو یفضحه فیتبیّن أن هذا الشخص هو رسول الله واقعاً ونبیّ إلهی، فالآیات الشریفة المذکورة تشیر إلى هذه الحقیقة، وهی أنّ القرآن لو کان من صنع النبیّ ومن نتاج فکره وذهنه، فنحن لا نمهله لحظة بل سنقوم بإهلاکه وقطع ورید قلبه، وبما أنّ الله تعالى لم یصنع مع نبیّه الکریم(صلى الله علیه وآله) ذلک، بل تحرّک على مستوى تسدیده وتأییده فی موارد مختلفة، فیتبیّن من ذلک أن ادّعاءه صادق وأن کتابه سماوی.
النتیجة أنّ الله تعالى ولإثبات حقانیّة القرآن الکریم، لم یقنع بالقسم، بل تحرک من موقع بیان هذه الحقیقة بالبرهان العقلی المحکم والذی یقوم على أساس قاعدة اللطف.