وذهب بعض المفسرین إلى أنّ هذه الأقسام الثلاثة ناظرة إلى المجاهدین، فی میادین القتال والجهاد.
«الصافات» هم المجاهدون الذین ینتظمون فی صفوف منظمة ویتجهون إلى ساحات القتال ویواجهون الأعداء وقوى الشر والظلام بانتظام ودقّة.
و«الزاجرات» إشارة إلى المجاهدین الذین یتجاوزون الموانع فی طریقهم ویصلون إلى الخطوط الأمامیة من جبهات القتال مع أعداء الإسلام.
و«التالیات» تحکی عن المجاهدین الذین یذکرون الله تعالى وهم فی میدان القتال وفی حال الجهاد والقتال ویرون أنّ النصر من الله تعالى، وشعارهم (وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِیزِ الْحَکِیمِ)(1).
وهکذا نرى أنّ الله تعالى أقسم بالمجاهدین الذین یملکون هذه الصفات والخصوصیات المذکورة، وقد کنّا نشاهد طیلة 8 سنوات من الدفاع المقدّس والحرب المفروضة، هذه الصفات الثلاث المذکورة فی ملامح وحالات المجاهدین الشجعان الذین لم یکن هدفهم من جهاد الأعداء سوى نیل رضا الله تعالى، هؤلاء الشجعان الذین لا یوجد شیء فی قلوبهم سوى الله تعالى، المجاهدون الذین کانوا یقفون صفاً متراصفاً ومتماسکاً أمام العدو الذی یفوقهم فی العدّة والعدد ویتحرکون بأقدام ثابتة وصفوف منظمة باتجاه جبهات القتال، وکانوا یتحرکون فی الخطوط الأمامیة فی عملیة إزالة الألغام والحواجز التی نصبها العدو لیمنعهم من التقدم والنصر، فکانوا یغیرون على الأعداء ببسالة وهم یذکرون الله تعالى ویتوسلون بأولیاء الله للحصول على (إِحْدَى الْحُسْنَیَیْنِ)(2).
إنّ حالات المجاهدین فی لیالی الجمعة فی جبهات القتال من مناجاتهم فی لیالی الجمعة، زیارة عاشوراء، الدعاء، التوسل، صلاة اللیل، وحتى أشکال الملاطفة والنکات والفکاهة فی لیلة الهجوم على العدو والحال أنّ الموت یتربص بهم على بعد خطوات معدودة، تعکس هذه الحقیقة بجلاء ولا نجد تفسیراً لهذه الحالات سوى العشق لله تعالى والشوق للوصول إلى المحبوب.
ومهما یکن من أمر فطبقاً للتفسیر الثانی فإنّ المراد من الطوائف الثلاث فی الآیات المذکورة هم المجاهدون فی سبیل الله.
 

(1) . سورة آل عمران، الآیة 126 .
(2) . سورة التوبة، الآیة 52 .