ملاحظات تفسیریة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأقسام القرآنیة
2. أقسام سورة الإنشقاق الأقسام الأربعة


وقبل البحث فی مطاوی هذه الآیات الشریفة وبیان أهمیّة هذه الأقسام الواردة فیها، نلفت نظر القارىء الکریم إلى أربع ملاحظات:
 
الملاحظة الأولى:
إنّ أقسام هذه السورة، لا تنطوی على أی غموض وإبهام کما رأینا فی أقسام السور السابقة; بل تتضمن مفهوماً واضحاً ومضموناً شفافاً. ولکنّ وضوح وشفافیة مضمون هذه الآیات لا یمنع من التدبر فیها والتأمل فی أبعادها وتفاصیلها ولا یقلل من أهمیّتها ودورها.
الملاحظة الثانیة:
بالنسبة لمعنى جملة «لا أقسم» التی تکررت فی القرآن الکریم عدّة مرّات، هناک آراء وأقوال مختلفة ونشیر هنا إلى ثلاثة منها:
1. إنّ کلمة «لا» فی الجملة المذکورة زائدة، وعلیه فجملة «لا أقسم» بمعنى «أقسم» بحذف کلمة «لا» فی المعنى والمقصود، وطبعاً فإنّ «لا» الزائدة لا تعنی أنّها لیست ذات خصوصیة فی الکلام، بل تأتی هنا للتأکید (وبهذه الملاحظة یکون معنى الجملة: «أقسم مؤکّداً»).
2. کلمة «لا» لیست زائدة، ولکن هنا جملة مقدرة بین «لا» وبین «أقسم» وکلمة «لا» تتعلق بتلک الجملة المحذوفة لا بـ «القسم». ویکون معنى الآیة الشریفة: «لا یکون الأمر کما یقول المشرکون، أقسم بالشفق». والنتیجة أنّ «لا» وردت هنا لنفی کلام المشرکین لا نفی القسم.
3. إنّ جملة «لا أقسم» تفید أنّ المسألة إلى درجة من الوضوح والبداهة بحیث لا تحتاج إلى قسم، وهذه الاحتمالات الثلاثة أهم ما ورد من أقوال فی تفسیر جملة «لا أقسم»، ولکن نظراً لما ورد فی الآیة 75 من سورة الواقعة فإنّ الاحتمال الأول هو الأقوى من بین هذه الاحتمالات الثلاثة، وذلک أنّ الآیة المذکورة تقول:
(فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِیمٌ).
ونرى فی هذه الآیة الشریفة تصریح بجملة «لا أقسم» وأنّ هذا القسم عظیم، إذن فالاحتمالان الأخیران بعیدان عن المعنى المقصود، والاحتمال الأول هو الصحیح.
 
الملاحظة الثالثة:
إنّ بعض المسائل المهمّة فی واقع الحیاة وبسبب العادة وکثرة المواجهة ربّما یتصور الإنسان أنّها لیست ذات أهمیّة، فی حین أنّ مثل هذا التصوّر باطل ومجانب للصواب، على سبیل المثال إننا نرى النمل کل یوم وربّما تتعرض العدید منها فی الیوم الواحد للسحق والدهس، وهذا ربّما یثیر فی تصورنا أنّ هذا المخلوق الصغیر لیس بذی أهمیّة، ولکن العالِم بالتوحید وبتفاصیل وأوضاع الطبیعة والمخلوقات یرى فی خلق النمل مشاهد عجیبة ومحیّرة. الإمام علی(علیه السلام)فی خطب متعددة من نهج البلاغة یتعرض لهذه المخلوق العجیب ویقول فی الخطبة 185:
«وَلَوْ فَکَّرْتَ فِی مَجَارِی أَکْلِهَا فِی عُلْوِهَا وَ سُفْلِهَا وَمَا فِی الْجَوْفِ مِنَ شَرَاسِیفِ بَطْنِهَا وَمَا فِی الرَّأْسِ مِنْ عَیْنِهَا وَأُذُنِهَا، لَقَضَیْتَ مِنْ خَلْقِهَا عَجَباً، وَلَقِیتَ مِنْ وَصْفِهَا تَعَباً!».
یقول العالم الکبیر «موریس مترلینغ» الذی صرف من عمره 20 سنة فی مطالعة أوضاع النمل وحالاته وتفاصیل معیشته، یقول بالنسبة لعمل هذا المخلوق الصغیر أنّه حصل على مکتشفات جدیدة فی ما یتصل بحیاة وحالات النمل وکتب هذه الملاحظات الدقیقة والتحقیقات الطویلة والمتعبة التی أجراها على النمل فی کتاب خاص باسم «حیاة النمل».
أجل، فنحن ربّما لا نرى للنمل تلک الأهمیّة التی یستحقها ولا نرى فی حیاتها وتکوینها البدنی من الأسرار والرموز بقدر ما یراها ذلک العالم الذی درس حیاة ومعیشة هذا المخلوق طیلة 20 سنة، ولا شک فی أنّ هذا الموضوع یحتاج إلى دراسات وتحقیقات أکثر وأوسع، فعلیه لا ینبغی أن نمر على أی موضوع مرور الکرام ومن موقع اللامبالاة، بل یجب أن یتسم نظرنا بالعمق والدقّة ویتحرک تفسیرنا للآیات الإلهیّة من خلال التأمل فی التفاصیل والعمق والابتعاد عن السطحیة.
 
الملاحظة الرابعة: نظرة شاملة لآیات سورة الإنشقاق
تتکون هذه السورة من 25 آیة، وتتحدّث عن سبعة مواضیع، ففی البدایة تطرح بعض علائم یوم القیامة وانشقاق السماء واندثار الکرات السماویة وامتداد الأرض واتساعها کل ذلک فی مطلع یوم القیامة (إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ...).
والمرحلة الثانیة تطرح هذه السورة موضوع حشر الکائنات وبعث الأموات وخروجهم من قبورهم وعودتهم إلى الحیاة: (وَأَلْقَتْ مَا فِیهَا وَتَخَلَّتْ...).
وفی المرحلة الثالثة یتحرک القرآن الکریم للتذکیر بهذه النقطة المهمّة، وهی أنّ الإنسان بدأ حرکته وحیاته من العدم، وهو متجه فی حرکته هذه إلى الله تعالى وسیواجه فی هذا المسیر الطویل مشکلات عدیدة ومصاعب جمّة، ولکنّه فی النهایة سوف یواجه الله تعالى ویلاقیه، وطبعاً فهذه الملاقاة لیست بالعین الناظرة کما یعتقد بذلک بعض أهل السنّة وأنّ الله یمکن أن یُرى بالعین البدنیة یوم القیامة، بل یرى الإنسان عظمة الله تعالى وتحقق وعده ووعیده فی ذلک الیوم العظیم ویعیش فی مواجهة المصیر فیما یترتب على أعماله من الثواب والعقاب: (یَا أَیُّهَا الاِْنسَانُ إِنَّکَ کَادِحٌ إِلَى رَبِّکَ کَدْحاً فَمُلاَقِیهِ).
وفی المرحلة الرابعة تتحدّث الآیات عن مصیر البشر بعد موقف المحشر وتبیّن کیف أنّ الإنسان سیواجه آثار العظمة الإلهیّة فی ذلک الیوم حیث ینقسم البشر إلى قسمین: فبعض یستلم کتاب أعماله بیمینه ولا یواجه مشقّة فی عملیة المحاسبة وسیعود إلى أهله بوجه مبتهج، وبعض آخر یستلمون صحیفة أعمالهم بید الشمال ویعیشون الهم والحزن، ویتعالى صراخهم من شدّة الألم ویحاولون التغطیة على صحیفة أعمالهم السوداء لئلا یراها الآخرون فیفتضحون، هذه الطائفة من الناس هم الذین کانوا یعیشون فی الدنیا بأشد حالات السرور والترف والخوض فی المعاصی والآثام، وبذلک سیکون مصیرهم إلى النار.
المرحلة الخامسة مورد البحث فی هذه السورة، الأقسام الأربعة التی سنتحدث عنها لاحقاً بشیء من التفصیل فی قوله تعالى: (فَلاَ أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ...)
المرحلة السادسة تهدید الکفّار والمخالفین، فبالرغم من وجود کل هذه الدلائل والعلائم للتوحید فإنّهم یتعاملون معها من موقع الإعراض والتمرد، ولا یذعنون لحقائق القرآن الکریم، بل یتحرکون من موقع إنکار هذه الآیات الإلهیّة، وبعد هذا التهدید یبشرهم القرآن الکریم بعذاب ألیم لا یوصف: (فَمَا لَهُمْ لاَ یُؤْمِنُونَ...).
والمرحلة الأخیرة یطرح القرآن استثناءً لما سبق، ویوصد بذلک جمیع النوافذ أمام الکفّار ولا یبقی لهم طریقاً للنجاة والخلاص، لأنّ الله تعالى هو الرحمن الرحیم، وهذا العمل یقع بمقتضى رحمانیته ورحیمیته. أجل، فتلک الطائفة من الکفّار الذین توقفوا عن التحرک فی خط الإنکار والکفر والتمرد وتابوا إلى الله وسلکوا خط الإیمان والطاعة والعبودیة، وعلى المستوى العملی تحرکوا فی دائرة الأعمال الصالحة والسلوکیات الخیرة، هؤلاء من أهل النجاة وسوف یجزیهم الله تعالى ثواباً لا ینقطع حیث یقول: (إِلاَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَیْرُ مَمْنُون)
وإنّ الإیمان والعمل الصالح یمثّلان رأس مال حیاة الإنسان الصالح، وجناحین یحلق بهما الإنسان فی أجواء التکامل المعنوی ویکون بالتالی من أهل النجاة، وعندما یفقد الإنسان الإیمان والعمل الصالح فسوف یکون مصیره الانحدار إلى هاویة الضلالة والخسران.
ومع ملاحظة ما تقدّم من هذه النقاط الأربع، یصل الدور إلى شرح وتفسیر الأقسام الأربعة الواردة فی هذه السورة.
 

2. أقسام سورة الإنشقاق الأقسام الأربعة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma