إنّ هذه الآیة الشریفة: (إِنَّ إِلَهَکُمْ لَوَاحِدٌ) تهدف فی الحقیقة إلى إنکار ونفی عقیدة عبّاد الأصنام فیما یتصورونه من أفکار منحرفة عن الذات المقدّسة، وفیما یقومون به من أعمال وعبادات وطقوس منحرفة لغرض عبادة الأوثان التی صنعوها بأنفسهم.
فهناک أصنام فی البیوت، أصنام عامّة، أصنام خاصة، أصنام للسفر، أصنام للحضر، وکل هذه الأصنام المتنوعة یعبدها هؤلاء الجهلاء والمشرکون.
وطبعاً هناک أسباب وعوامل دفعت هؤلاء لعبادة الأصنام، وأدت هذه العوامل فی بعض المجتمعات البشریة إلى ممارسات شنیعة وعواقب وخیمة، والبحث فی حرکة الأنبیاء فی تصدّیهم لعبادة الأوثان وقوى الانحراف بکل ما یتضمنه هذا البحث من تفاصیل وامتدادات فهو أمر یحتاج إلى شرح مفصّل لا یسع المقام له، ولکن نکتفی بالإشارة إلى هذه الحقیقة وهی أنّ المشرکین من عبّاد الأوثان وخلافاً لتصور الوهابیین، لا یرون أنّ الأصنام مجرّد واسطة بینهم وبین الله لکی یشفعوا لهم عند الله، بل یرون أنّ هذه الأوثان هی المدبرة لأمورهم والرازقة لهم، وأنّها سبب نزول الأمطار وأمثال ذلک، ومن هذه الجهة فلیس هؤلاء مشرکین فی العبودیة بل مشرکین فی الربوبیة أیضاً، إذاً فما یقوله الوهابیون: إنّ المشرکین یعتقدون بأنّ الأوثان شفعاء لهم عند الله فقط، ومن هذه الجهة یهاجمون العقیدة بالشفاعة ویحسبونها من الشرک، تصور باطل ولا یقوم على شیء.
وقد کتبنا کتاباً فی شرح هذا الموضوع بشکل تفصیلی عنوانه «الوهابیة على مفترق طریقین».
النتیجة، أنّ الآیة الشریفة المذکورة، تلغی جمیع أشکال الوثنیة وتقلعها من جذورها وتؤکد أنّ العبادة والعبودیة لابدّ وأن تکون لله تعالى فقط.