وقد ذکر العلماء والمفسّرون سببین لانقطاع الوحی بشکل مؤقت:
أ) من أجل أن یفهم الجمیع أنّ النبی (صلى الله علیه وآله) لا یقول شیئاً من آیات القرآن من عنده، بل هذه الآیات کلام الله وقد أرسلها الله إلى نبیّه بواسطة الوحی، وأیضاً لإیصاد الباب على بعض المشرکین الذین کانوا یعترضون على الوحی والقرآن بحجج واهیة، من قبیل قولهم: لماذا لم ینزل القرآن مرّة واحدة للناس؟ والجواب عن هذا السؤال یتبیّن من خلال انقطاع الوحی، لیعلم الناس أنّه ما لم ینزل شیء على رسول الله(صلى الله علیه وآله) فإنّه لا یستطیع أن یتحدّث بالقرآن من عنده.
ب) جاءت جماعة من علماء الیهود إلى رسول الله (صلى الله علیه وآله) وطرحوا أسئلة متعددة، ومن تلک الأسئلة سؤالان تاریخیان، وسؤال علمی فلسفی، والأسئلة کالتالی:
1. ما هی حقیقة الروح؟
2. من هو ذو القرنین؟ وما کانت قصته؟
3. من هم أصحاب الکهف؟ وماذا کانت عاقبتهم؟
إنّ الإجابة عن هذه الأسئلة تختزن أهمیة بالغة، لأنّ مثل هذه الحوادث وقعت بعد نزول التوراة والانجیل ولم یکن لها أثر فی ذینک الکتابین.
وطبقاً للروایات فإنّ رسول الله (صلى الله علیه وآله) وعدهم یوم الغد للإجابة عن هذه الأسئلة الثلاثة دون أن یقول: إن شاء الله، ولهذا قطع الله الوحی عن رسوله (صلى الله علیه وآله) مدّة 15 إلى 40 یوماً لترکه قول إن شاء الله، لإفهام المسلمین أنّ جمیع الاُمور متعلقة بمشیئة الله وإرادته، فلو لم تتعلق الإرادة الإلهیة بشیء فإنّ ذلک الشیء لایتحقّق فی الواقع الخارجی.
ونستوحی من هذه المسألة أنّه ینبغی لنا التوجّه إلى الله تعالى فقط والطلب منه ولا نرى لأنفسنا شیئاً وعملاً مستقلاً، ومن هنا یتبیّن الخطأ السائد فی الخطوط الجویّة للجمهوریة الإسلامیة فی ایران، فعندما ترید الطائرة النزول على مدرج المطار یقال للمسافرین فی الطائرة بعد تقدیم الشکر لهم إنّ الطائرة ستهبط فی طهران أو فی العواصم الاُخرى بعد عدّة دقائق بسلام، بدون قول إن شاء الله، ولکن سمعت أنّه فی الآونة الأخیرة وبحمد الله وببرکة الحکومة الإسلامیة تمت إضافة جملة إن شاء الله الجمیلة فی کلمات العاملین فی الطائرة.
على أیة حال فإنّ انقطاع نزول الوحی على النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) کان درساً لجمیع المسلمین لبیان هذه الحقیقة الحاسمة، وهی أنّ إرادة الله تقف وراء جمیع الأعمال والمخططات والوعود.