أصل المعاقبة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأقسام القرآنیة
أصل المحاسبةمعطیات تهذیب النفس فی الدنیا

إنّ مفردة «معاقبة» مأخوذة من «عقوبة»، وکما ذکرنا سابقاً أنّ العقوبة ینبغی أن تکون متطابقة مع الأحکام الإسلامیة ومقررات الشریعة وعلى هذا الأساس فما نراه
من بعض الفرق الصوفیة لا مشروعیة له، مثلاً، نقلوا أنّ أحد الدراویش کان شدید التعلق بالدنیا والأموال وأنّ علاقته الشدیدة بالمال کانت تعیقه عن السیر فی طریق التهذیب الروحی والسلوک المعنوی، ومن أجل معاقبة نفسه على هذا التعلق العاطفی بالمال فإنّه ألقى بجمیع أمواله وممتلکاته فی البحر(1).
وممّا لا شک فیه أنّ مثل هذه العقوبة تفتقد المشروعیة، لأنّ هذا الشخص یستطیع أن یتصدق بأمواله على الفقراء والمحتاجین بدلاً من إلقاها فی البحر، الذی یعتبر مصداقاً بارزاً للإسراف المحرّم ویعتبر من الذنوب، فلو أنّه تصدّق بها على الفقراء فإنّه من جهة یخفف من معاناتهم وآلامهم، ومن جهة أخرى یکون عمله هذا عقوبة لنفسه.
ونقرأ فی قصّة أخرى:
«إنّ شخصاً کان یعیش فی قریة وقد عرف بالزهد والعبادة والإیمان، ولکنّ هذه الشهرة منعته من تهذیب النفس، ولذلک فکّر من التخلص من هذه الشهرة والسمعة الحسنة، بأن یسیء الناس الظنّ به، فما کان منه إلاّ أن ذهب إلى حمّام فی السوق، وعندما خرج من الحمّام ارتدى ملابس شخص آخر أولاً، ثم لبس ملابسه فوقها، وجعل قسماً من ملابس ذلک الشخص ظاهراً من تحت ملابسه، لیرى الناس ذلک وینتبهوا إلى أمر السرقة، ولذلک فقد شاهد صاحب الحمام الملابس المسروقة وصرخ بالناس أن یجتمعوا على هذا الزاهد ویخلعوا ملابسه، ومنذ ذلک الوقت اشتهر هذا الزاهد بـ «لص الحمّام»، وقد سرّه ذلک فیما بعد لأنّه لم یعد یملک سمعة حسنة بین الناس، وبالتالی لا تعیقه تلک السمعة الحسنة من مواصلة طریقه فی خط العبودیة والکمال المعنوی!»(2).
فی حین أنّ هذا المفهوم مخالف لتعالیم الإسلام والمعارف الدینیة، فالإسلام حذرنا من الأمور التی تسیء الظن بین الناس(3). فکیف الحال لو قام البعض عالماً عامداً بأعمال من شأنه إثارة حفیظة الآخرین وتوکید سوء الظنّ به؟ فلا شک فی أنّ مثل هذه التصرفات بعیدة عن مذاق الشریعة ولا تمثّل أی بُعد عقلانی فی سلوک الإنسان المؤمن.
یجب علینا معاقبة أنفسنا بآلیات مشروعة وصحیحة بالاقتباس من کلمات الإمام أمیرالمؤمنین(علیه السلام). فقد ذکر أمیرالمؤمنین(علیه السلام) فی خطبته المعروفة «خطبة المتقین» شارحاً ومبیّناً لهمام(4) صفات المتقین وقال:
«إِنِ اسْتَصْعَبَتْ عَلَیْهِ نَفْسُهُ فیمـا تَکْرَهُ لَمْ یُعْطِهـا سُؤْلَهـا فیمـا تُحِبُّ»(5).
وهذا نوع من العقوبة للنفس حیث یحرمها ممّا تحبّ وترغب لتتحرک طواعیة فی خط العبودیة والفضیلة، مثلاً یقول لنفسه: الآن وقد عملتُ على تلویث نفسی فإننی أحرمکِ من الطعام اللذیذ التی تحبینه لمدّة أسبوع کامل.
ومن هنا فمعاقبة النفس ومجازاتها على ارتکاب المعصیة والإثم یمتد فی جذوره إلى التعالیم الدینیة والنصوص الإسلامیة، ولکن ینبغی الالتفات إلى أننا فی عقوبتنا للنفس الأمارة بالسوء لا ینبغی أن نقع فی معصیة أخرى.
النتیجة، أنّه لا شک فی أنّ استمرار الإنسان فی طریق الکمال المعنوی والإلهی ومن خلال تتبع المراحل الأربع المذکورة «المشارطة»، «المراقبة»، «المحاسبة» و«المعاقبة» له تأثیر کبیر فی مصیر الإنسان وفی خروجه من أجواء الظلام والشقاء إلى الانفتاح على طریق السعادة والکمال ومن شأنه شق حجب الظلمة والأهواء من أمام بصیرته والکشف عن أسرار عالم الوجود لهذا الإنسان السالک.
 


(1) . أمام الحقّ (بالفارسیة)، 158.
(2) . أمام الحقّ (بالفارسیة)، ص 159 .
(3) . هنا أحادیث عدیدة فی هذا المضمار وردت فی بحار الأنوار، ج 72، ص 90; میزان الحکمة، باب 450.
(4) . راجع تفسیر هذه الخطبة القیمة، وشرح صفات المتقین فی کتابنا «الأخلاق الإسلامیة فی نهج البلاغة» (بالفارسیة).
(5) . نهج البلاغة، الخطبة 193 .
أصل المحاسبةمعطیات تهذیب النفس فی الدنیا
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma