وقد تبیّنت فی البحث السابق أهمّیة القلم الخاصّة، وکذلک ما یرتبط بالقلم من خط وکتابة، إلى درجة أنّ الله تعالى أقسم مرّتین بالقلم وبما یکتبه ویسطره(1)، والآن نرید أن نتعرف على المقسم له، وأنّ هذه الأقسام المهمّة لأی غرض کانت، وما المقصود منها؟ هنا تثیر الآیات ثلاثة أمور مهمّة لبیان الغرض من هذه الأقسام:
1. النبی (صلى الله علیه وآله) لیس بمجنون!
أوّل موضوع تتناوله هذه الأقسام المذکورة وتهدف لإزاحة الغموض عنه، هو أنّ نبی الإسلام(صلى الله علیه وآله) لیس بمجنون:
(مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّکَ بِمَجْنُون); اُقسم بأقلام العلماء، أقسم بأقلام الملائکة، أقسم بقلم الوحی وعلم الله تعالى، وأقسم بأداة الکتابة، أنّک أیّها النبی لست بمجنون فی ظلّ نعمة الله تعالى علیک، وأنّ ما یتهمونک به أعداء الإسلام غیر صحیح، بل أنت أعقل عقلاء العالم.
2. النعیم الخالد للنبی(صلى الله علیه وآله)
فی بیان الغرض من الأقسام المذکورة أنّ الله تعالى وعد نبیّه الکریم، وبسبب تحمله الصعوبات النفسیة والآلام البدنیة وأشکال التهم والتحدیات الصعبة، بالنعیم الخالد وغیر المنقطع فی الآخرة کما تقرر ذلک الآیة 3 من سورة القلم: (وَإِنَّ لَکَ لاََجْراً غَیْرَ مَمْنُون).
3. أخلاق النبی(صلى الله علیه وآله) العظیمة
الأمر الثالث الذی یقرره القرآن فی هذه الآیات الشریفة، الشهادة على حسن سیرة النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) وأخلاقه العظیمة حیث یقول:
(وَإِنَّکَ لَعَلى خُلُق عَظِیم). أی أقسم بالقلم وما یسطرون بأنّک ذو أخلاق عظیمة وفضائل عالیة.
إن الله تعالى أقسم بقسمین لتأکید هذه الأمور الثلاثة المهمّة.