وقد ذکروا ثلاثة شواهد تشیر إلى أنّ سورة العادیات مکّیة:
أ) الأقسام المتعددة; ونعلم أنّ الأقسام القرآنیة وردت غالباً فی السور المکّیة.
ب) قصر الآیات; وکما تقدّمت الإشارة إلیه فإنّ أحد خصوصیات السور المکّیة هی أنّ الآیات النازلة فی مکّة تکون فی الغالب قصیرة وحاسمة.
ج) المضمون والمحتوى; وسبق أن ألمحنا إلى أنّ السور المکّیة تتحدّث عادة عن المبدأ والمعاد، وسورة العادیات أیضاً تتحدّث عن المعاد.
ومن هذا المنطلق ومع الأخذ بنظر الحسبان هذه الشواهد الثلاثة فلابدّ من القول: إنّ سورة العادیات مکّیة، وطبعاً لو قلنا بمکّیة هذه السورة فإنّ ذلک لا یتنافى مع شأن النزول الأول، فلا تبعد أن یکون غزوة ذات السلاسل مصداقاً من مصادیق هذه السورة.
أدلّة کون السورة مدنیة:
ویقول أنصار الرأی الأول: إنّ هذه السورة لا یمکن أن تکون مکّیة، لأنّ المسلمین فی مکّة لم یواجهوا عدواً ولا حکماً بالجهاد حتى تکون آیات هذه السورة ناظرة إلى الحرب والقتال، ولم یکن هناک حجّ بشکل رسمی حتى یقال إنّ الآیات المذکورة ناظرة إلى الحجاج المسلمین، رغم أنّ المشرکین فی أیّام الحج فی شهر ذی الحجّة یأتون بحج مقترن بالخرافات الکثیرة، ولکنّ ذلک الحج لم یکن بذی قیمة حتى یقسم الله تعالى بخیل الحجاج، ولهذا فمن البعید أن تکون هذه السورة مکّیة.