العبرة من قصّة قوم لوط

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأقسام القرآنیة
قصة عذاب قوم لوط سکر الدنیا فی العصر الحاضر


إنّ قصّة قوم لوط زاخرة بالدروس والعبر للمؤمنین الذین یتحرکون فی حیاتهم من موقع التأمل والتفکر فی التاریخ والواقع، وهنا نشیر إلى ستة موارد منها:
 
أ) العاقبة الوخیمة بسبب اتباع الهوى!
فالأشخاص الذین یتحرکون بوحی الأهواء والشهوات ویترکون زمام أمورهم بید النفس الأمّارة ویتبعون ما تملی علیهم أنفسهم، وبدلاً من اتباع العقل وجعل هوى النفس یسیر فی خدمة العقل، فإنّهم جعلوا العقل أسیراً لهوى النفس، هؤلاء یعیشون فی الدنیا المعاناة والعاقبة السیئة، وکذلک فی الآخرة یواجهون المصیر الأسود والعذاب الألیم.
 
ب) سکر الأهواء!
وکما رأینا فی آیة القسم المتقدمة، فإنّ قوم لوط کانوا أسرى الأهواء والشهوات ولهذا فإنّهم أعرضوا عن أفضل اقتراح اقترحه علیهم النبی لوط(علیه السلام)لإرضاء حاجتهم الجنسیة ومن خلال الزواج من بناته، وأصروا على انحرافهم الجنسی، وهذا یعنی أنّ عقل الإنسان فی مثل هذه الحالات یعیش حالة من السکر وکأنّما اُغلق بقفل.
یقول الإمام الحسن العسکری(علیه السلام): «جُعِلَتِ الْخَبـائِثُ کُلُّهـا فِی بَیْت واحِد وَجُعِلَ مِفْتـاحُهَا الشَّرابُ».
وفی روایة أخرى عن رسول الله(صلى الله علیه وآله) فی وصیته لعلی بن أبی طالب(علیه السلام)قال:
«... یا علی! جعلت الذنوب فی بیت وجعل مفتاحها شرب الخمر»(1).
وبتعبیر آخر، أنّ قفل بیت الخبائث هو العقل، والعقل یزول بشرب الخمر، ولهذا فإنّ الدخول إلى بیت الخبائث والرذائل یتمّ بواسطة شرب الخمر. یقول الشاعر:
تَرَکتُ النّبِیذَ وشُرّابَهُ *** وَصرتُ خَدیناً لِمنْ عابَهُ
شَرابٌ یُضلُّ سَبیلَ الهُدى *** وَیَفتَحُ للشّرِّ أبوابَهُ
ویقول آخر:
رَأیتُ النَّبِیذَ یُذِلُّ العَزیز *** ویَزدادُ فِیه العَمى انتفاخا
وَیُورثُ شُرّابَهُ سوءةً *** ویَکسُو التّقی النّقی انسباخا
وَیترکُ القَلبَ بَوراً خَلاءً *** کَما تَرکَ الزّارعُونَ السّباخا
وقال ابن طباطبا العلوی:
سَألتُ عَنِ السّکرانِ ما وَزن عَقلِهِ *** وأحمق ما یَلقى إذا ما تَعقّلا
تَراهُ إذا اسْتَرخَتْ قُواهُ لِسُکرهِ *** یُزاولُ أمراً لَم یَزل عَنه زائلا
یُحاربه أعلاه سافِلَهُ فإنْ *** أرادَ استواءً فِی القِیامِ تمایلا
إذا أخَذتْ مِنهُ المُدامُ رأیتَهُ *** کَذی الجِدِّ فِی بَعضِ الأمُورِ تهازلا
ذَکیّاً بلیدَاً ساهیاً متفَکراً *** کَحیران مَبهُوت تَذکَّرَ ما خلا
وممّا یجدر ذکره أنّ السکر على أنواع وأقسام، أحدها سکر الشراب، مثلاً إذا شرب الخمر لیلاً فإنّ آثاره ستزول فی الصباح الباکر، والسکر الحاصل من المال والثروة والجاه والمقام، والأشد من ذلک سکر الشهوات فربّما یستغرق فیه الإنسان إلى آخر عمره، والأشخاص الذین یعیشون السکر یفقدون زمام أمورهم ویسلّمون قیادتهم وثرواتهم ومقامهم إلى رفاق السوء، الزوجة والأبناء، الشهوات والمیول النفسانیة. فلابدّ للمؤمنین من اللجوء إلى الله والاستجارة به من کل أنواع السکر فإنّ ثمرته المشؤومة هی التحیر والضیاع والوقوع فی فخاخ الشیطان والهلکة.
 
ج) سرعة العذاب الإلهی
لم یستغرق نزول العذاب الإلهی على قوم لوط سوى لحظات حتى أفنى کل شیء وحوّله إلى رماد، وربّما أتعب أهالی هذه المدینة أنفسهم مئات الأعوام لإعمار هذه المدینة وتنمیتها، ولکن مع نزول العذاب الإلهی فإنّ کل شیء یتحوّل إلى تراب ورماد فی ثوان معدودة وهی عاقبة الأعمال السیئة لأهالی تلک المدینة، فمن أجل بناء سدّ عظیم یستهلک هذا المشروع إمکانات کثیرة وجهد قوى کثیرة من أهل الخبرة ویستغرق زمناً طویلاً ولکن بفکرة غیر مدروسة وبحرکة خاطئة، کأن یتمّ إلقاء عدّة قنابل على هذا السد، أو باستخدام مقادیر من الدینامیت، یتمّ هدم وتخریب هذا السدّ بلحظة واحدة.
وهذه المسألة ناتجة عن سوء تصرفات البشر، وربّما یقع هذا الحدث فی المسائل المعنویة والعبادیة، مثلاً أن یستغرق الإنسان عشرات الأعوام فی العبادة والطاعة والحرکة فی خط التعالیم الدینیة والأحکام الشرعیة، ولکنّه فی آخر عمره یرتکب خطیئة من شأنها أن تدفعه إلى الهاویة والهلکة، وتکون عاقبته سیئة.
 
د) العذاب بوسائل الحیاة!
عندما یرید الله تعالى أن یعذب قوماً وینزل علیه العذاب والهلکة، ففی کثیر الموارد تتحرک عوامل الحیاة لهؤلاء القوم وتتبدل إلى وسائل العذاب والنقمة، وذلک لإظهار قدرة الله تعالى من جهة، وإنزال العقوبة التی یستحقها هؤلاء القوم من جهة أخرى.
إنّ المطر یعدّ عاملاً لبعث الحیاة والحرکة والإزدهار فی حیاة الإنسان،إلاّ أنّ الله تعالى ربّما یمنحه بعض السرعة لیتبدل إلى سیل مخرب ومدمر یسحق کل شیء أمامه، أو یفیض على المدن لیغرقها کما أغرق قوم نبی نوح(علیه السلام).
والأرض بدورها تعتبر مهداً للإنسان ومکان استراحته واستقراره ولکن الله تعالى یأمر هذه الأرض بأن تتحرک حرکة بسیطة فتخلق زلزلة رهیبة وبذلک تتبدل مظاهر العمران والحیاة فی مدینة عامرة إلى خرائب فی لحظات.
والنسیم الهادىء لحرکة الریاح یبعث على الحیاة والرحمة والبرکة، ولکنّه ربّما تزداد سرعته بأمر الله تعالى ویتبدل إلى إعصار ینسف مدناً وأقواماً ویقلعهم من جذورهم. أجل إذا أراد الله تعالى إهلاک قوم فإنّ عوامل الحیاة والرحمة والبرکة تتبدل إلى أسباب نقمة وعذاب.
 
هـ ) عدم احتراق الأخضر والیابس
وخلافاً لما یتصور بعض العوام من الناس فإنّ العذب الإلهی لا یحرق الأخضر والیابس، ولذلک ففی قصّة عذاب قوم لوط نرى أنّ الملائکة أمروا النبی لوط(علیه السلام)وأهله «وطبعاً باستثناء زوجته» أن یخرجوا من تلک المدینة قبل نزول العذاب علیها لیکونوا فی مأمن من العذاب الإلهی، لأنّ أفعال الله تعالى تتحرک وفق الحکمة وعلى أساس العدالة، والحکمة والعدالة یقتضیان أنّه إذا کانت عائلة واحدة مؤمنة فی المدن السبع لقوم لوط فإنّه ینبغی انقاذها من العذاب وجعلها فی مأمن من العقاب.
 
و) حاکمیّة الضوابط على الروابط
إنّ زوجة لوط کانت امرأة خائنة، ومع أنّها لم تتحرک فی خط الانحراف الجنسی ولم تکن من المثلیین، ولکنّها أعطت الضوء الأخضر لقومها الفاسقین وکانت تودّهم وترتبط معهم، فبالرغم من أنّها کانت زوجة النبی وکانت فی البدایة امرأة صالحة، إلاّ أنّ الشیطان استطاع إغواءَها وإفسادها.
على أیّة حال فإنّ الضوابط الشرعیة وإطاعة الأوامر الإلهیّة کانت هی الحاکمة على تصرفات النبی لوط(علیه السلام) لا العلاقات الاُسریة والروابط العاطفیة وأمثال ذلک، ولذلک ترک زوجته مع قومه لتهلک مع الهالکین وتنال ما تستحقه من العذاب الإلهی، ورعایة هذا الأصل تعتبر من مقومات حرکة الأنبیاء والمرسلین فی واقع الحیاة والمجتمع، ولذلک عندما دعا النبی نوح(علیه السلام) ربّه لإنقاذ ولده، فإنّ الله تعالى لم یسمح بذلک وأخرج هذا الابن عن دائرة أهل نوح وقال:إنّه لیس من أهلک(2).
 


(1) . بحار الأنوار، ج 74، ص 46، ح 3.
(2) . سورة هود، الآیة 46 .

 

قصة عذاب قوم لوط سکر الدنیا فی العصر الحاضر
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma