الثّورة الفکریة أساس لأیّ ثورة أصیلة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 10
سورة سبأ / الآیة 46 1ـ استقلال آیات القرآن الکریم وتفسیرها المنحرف

فی هذا المقطع من الآیات والآیات التالیة، والتی تشکّل أواخر سورة سبأ المبارکة، یُؤمر الرّسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) مرّة اُخرى بدعوة هؤلاء بالأدلّة المختلفة لیؤمنوا بالحقّ، ویرجعوا عن ضلالهم، وکما مرّ فی البحوث السابقة فقد خوطب الرّسول(صلى الله علیه وآله) خمس مرّات بأن قیل له (قل...).

ففی الآیة الاُولى إشارة إلى اللبنة الأساسیة فی کلّ التحوّلات والتبدّلات الاجتماعیة والأخلاقیة والسیاسیة والاقتصادیة والثقافیة، فتقول وبجمل قصیرة وعمیقة المعنى (قل إنّما أعظکم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثمّ تتفکّروا ما بصاحبکم من جنّة إن هو إلاّ نذیر لکم بین یدی عذاب شدید).

کلمات وتعبیرات هذه الآیة یشیر کلّ منها إلى موضوع هامّ، نجملها فی عشرة نقاط کما یلی:

جملة «أعظکم» توضّح فی الحقیقة واقع أنّ الرّسول (صلى الله علیه وآله) یرید القول بأنّی ألحظ فیما أقول لکم خیرکم وصلاحکم دون أیّ شیء آخر.

التعبیر بـ «واحدة» مع إرتباطه بالتأکید بواسطة «إنّما» إشارة معبّرة إلى أنّ أصل جمیع الإصلاحات الفردیة والجماعیة، إنّما هی بإعمال الفکر، فما دام تفکیر الاُمّة فی سبات فستکون هدفاً لسرّاق ولصوص الدین والإیمان والحریة والاستقلال، ولکن حینما تصحوا الأفکار فإنّها تقطع الطریق أمام هؤلاء.

التعبیر بـ «قیام» لیس معناه مجرّد الوقوف على القدمین، بل معناه الإستعداد لإنجاز العمل، بلحاظ أنّ الإنسان بوقوفه على قدمیه إنّما یکون مستعدّاً لإتمام البرامج الحیاتیة المختلفة، وعلیه فإنّ التفکّر یحتاج إلى استعداد قبلی، لکی یوجد السبب والمحرّک فی الإنسان الذی یدفعه بالإرادة والتصمیم إلى التفکّر.

تعبیر «لله» یوضّح أنّ القیام والإستعداد یجب أن یکون باعثه إلهیاً، والتفکّر الذی یکون صادراً عن هذا الدافع له قیمة عالیة، فالإخلاص فی العمل عادةً ـ وحتى فی التفکّر ـ هو الأساس للنجاة والسعادة والبرکة.

والملفت للنظر هو اعتبار الإیمان بالله هنا أمراً مسلّماً، وعلیه فالتفکّر المطلوب إنّما هو فی مسائل اُخرى، وتلک إشارة إلى أنّ التوحید إنّما هو أمر فطری واضح یدرک حتى بدون تفکّر.

التعبیر بـ «مثنى وفرادى» إشارة إلى أنّ التفکّر یجب أن یکون بعیداً عن الغوغائیة والفوضى، بأن یقوم الناس آحاداً أو على الأکثر مثنى ویتفکّرون، لأنّ التفکّر وسط الضوضاء والغوغائیة لا یمکنه أن یکون عمیقاً، خصوصاً وأنّ عوامل الذاتیة والتعصّب فی طریق الدفاع عن الإعتقادات الشخصیة ستکون أشدّ فعلا فی التجمّعات الأکبر.

بعض المفسّرین احتمل أن یکون هذان التعبیران إشارة إلى الإفادة من المشورة بالخلط بین الأفکار الفردیة والجماعیة، فالإنسان یجب أن یتفکّر منفرداً وکذلک یستفید من أفکار الآخرین، لأنّ الإستبداد بالرأی والفکر سبب للعجب، والتشاور والتعاون لأجل حلّ المشکلات العلمیة ـ والذی لا یؤدّی إلى الغوغاء ـ سیعطی حتماً ـ أثراً أفضل، ویمکن أن یکون تقدیم «مثنى» على «فرادى» فی الآیة لهذا السبب.

الملفت للنظر أنّ القرآن الکریم یقول هنا «تتفکّروا» دون أن یذکر بماذا؟ فحذف المتعلّق دلیل على العموم، أی فی کلّ شیء، فی الحیاة المعنویة والمادیة، فی الاُمور الکبیرة والصغیرة، وبکلمة: فی کلّ أمر یجب التفکّر أوّلا، وأهمّ من ذلک کلّه هو التفکّر للعثور على الإجابة للأسئلة الأربعة التالیة: من أین جئت؟ لأی شیء أتیت؟ إلى أین أذهب؟ وأین أنا الآن؟

ولکن بعض المفسّرین ذهبوا إلى أنّ «تتفکّروا» تتعلّق بالجملة التی تلیها وهی «ما بصاحبکم من جنّة» بمعنى أنّکم لو تفکّرتم قلیلا لوجدتم أنّ الرّسول(صلى الله علیه وآله) منزّه عن إتّهامکم الواهی له بالجنون، والظاهر أنّ المعنى الأوّل أوضح.

ومن البدیهی أنّ من الاُمور التی یجب التفکّر بها هی مسألة النبوّة والصفات العالیة التی کان یتمتّع بها شخص النّبی(صلى الله علیه وآله) دون أن تکون منحصرة بذلک.

تعبیر «صاحبکم» إشارة إلى الرّسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) وإنّه لیس نکرة بالنسبة لکم، فقد کان بینکم لسنوات طویلة، لقد عرفتموه بالأمانة والصدق والإستقامة، ولم تجدوا حتى الآن نقطة ضعف واحدة فی مسیرة حیاته، لذا فعلیکم بالإنصاف قلیلا، فالتّهم التی تلصقونها به لا أساس لها جمیعاً.

«جنّة» بمعنى «جنون» وفی الأصل من مادّة «جن» بمعنى ستر الشیء عن الحاسّة، ومن کون أنّ (المجنون) سُتر عقله، فقد اُطلق علیه هذا التعبیر، والجدیر بالملاحظة هنا هو أنّ العبارة ترید الکشف عن هذه الحقیقة، وهی أنّ من یدعو إلى التفکّر والإنتباه کیف یکون هو مجنوناً، والحال أنّ مناداته بالتفکّر إنّما هی دلیل على تمام عقله ودرایته.

جملة (إن هو إلاّ نذیر لکم) تلخّص رسالة الرّسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) فی مسألة «الإنذار» أی: التحذیر من المسؤولیة، ومن المحکمة الإلهیة، والعقاب الإلهی، صحیح أنّ للرسول (صلى الله علیه وآله)رسالة فی «التبشیر» أو «البشارة» ولکن الذی یدفع الإنسان أکثر إلى التحرّک هو «الإنذار»، لذا فقد ذُکرت مسألة «الإنذار» فی آیات اُخرى من القرآن الکریم على أنّها وظیفة الرّسول الأکرم الأساسیة، کما فی الآیة 9 من سورة الأحقاف (وما أنا إلاّ نذیر مبین)، کما ورد کذلک شبیه هذا المعنى فی الآیة 65 من سورة (ص) وآیات اُخرى.

10ـ التعبیر بـ (بین یدی عذاب شدید) إشارة إلى أنّ القیامة قریبة إلى درجة وکأنّها أمام العین، والحقّ أنّها کذلک بالنسبة إلى عمر الدنیا، کذلک فقد ورد فی الروایات الإسلامیة نظیر هذا المعنى کما فی الأثر عن الرّسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) قال: «بعثت أنا والساعة کهاتین» وضمّ(صلى الله علیه وآله)الوسطى والسبّابة.(1)


1. تفسیر روح المعانى، ج 22، ص 143، ذیل الآیة مورد البحث.
سورة سبأ / الآیة 46 1ـ استقلال آیات القرآن الکریم وتفسیرها المنحرف
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma