إعتبر بعض المفسّرین «الرجس» فی الآیة المذکورة إشارة إلى الشرک أو الکبائر ـ کالزنا ـ فقط، فی حین لا یوجد دلیل على هذا التحدید، بل إنّ إطلاق الرجس ـ وخاصّة بملاحظة ألفه ولامه، وهی ألف لام الجنس ـ یشمل کلّ أنواع الذنوب والمعاصی، لأنّ کلّ المعاصی رجس، ولذلک فإنّ هذه الکلمة اُطلقت فی القرآن على الشرک والخمور والقمار والنفاق واللحوم المحرّمة والنجسة وأمثال ذلک.
اُنظر الآیات: الحجّ ـ 30، المائدة ـ 90، التوبة ـ 125، الأنعام ـ 145.
وبملاحظة أنّ الإرادة الإلهیّة حتمیة التنفیذ والوقوع، وأنّ جملة: (إنّما یرید الله لیذهب عنکم الرجس) دلیل على إرادته الحتمیة، وخاصّة بوجود کلمة (إنّم) الدالّة على الحصر والتأکید، سیتّضح أنّ إرادة الله سبحانه قد قطعت بأن یکون أهل البیت منزّهین عن کلّ رجس وخطأ، وهذا هو مقام العصمة.
وثمّة مسألة تستحقّ الإنتباه، وهی أنّه لیس المراد من الإرادة الإلهیّة فی هذه الآیة الأوامر والأحکام الإلهیّة فی مسائل الحلال والحرام، لأنّ هذه الأحکام تشمل الجمیع، ولا تختّص بأهل البیت، وبناءً على هذا فإنّها لا تتناسب مع مفهوم (إنّما).
إذن، فهذه الإرادة المستمرّة نوع من الإمداد الإلهی الذی یعیّن أهل البیت على العصمة والاستمرار فیها، وهی فی الوقت نفسه لا تنافی حریة الإرادة والاختیار، کما فصّلنا ذلک سابقاً.
إنّ مفهوم هذه الآیة فی الحقیقة هو عین ما جاء فی الزیارة الجامعة: «عصمکم الله من الزلل، وآمنکم من الفتن، وطهّرکم من الدنس وأذهب عنکم الرجس وطهّرکم تطهیراً».
وینبغی أن لا نشکّ بعد هذا الإیضاح فی دلالة الآیة المذکورة على عصمة أهل البیت(علیهم السلام).
