تمرّد عظیم على العرف:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 10
سبب النّزول1ـ أساطیر کاذبة

نعلم أنّ روح الإسلام التسلیم، ویجب أن یکون تسلیماً لأمر الله تعالى بدون قید أو شرط، وقد ورد هذا المعنى فی آیات مختلفة من القرآن الکریم، وبعبارات مختلفة، ومن جملتها الآیة أعلاه، والتی تقول: (وما کان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن یکون لهم الخیرة من أمرهم) بل یجب أن یجعلوا إرادتهم تبعاً لإرادة الله تعالى، کما أنّ کلّ وجودهم من الشعر حتى أخمص القدمین مرتبط به ومذعن له.

(قضى) هنا تعنی القضاء التشریعی، والقانون والأمر والحکم والقضاء، ومن البدیهی أنّ الله تعالى غنی عن طاعة الناس وتسلیمهم، ولم یکن النّبی(صلى الله علیه وآله) ینظر بعین الطمع لهذه الطاعة، بل هی فی الحقیقة لمصلحتهم ومنفعتهم، فإنّهم قد یجهلونها لکون علمهم وآفاقهم محدودة، إلاّ أنّ الله تعالى یعلمها فیأمر نبیّه بإبلاغها.

إنّ هذه الحالة تشبه تماماً حالة الطبیب الماهر الذی یقول للمریض: إنّنی أبدأ بعلاجک إذا أذعنت لأوامری تماماً، ولم تبد أی مخالفة تجاهها، وهذه الکلمات تبیّن غایة حرص الطبیب على علاج مریضه، والله تعالى أسمى وأرحم بعباده من مثل هذا الطبیب، ولذلک أشارت الآیة إلى هذه المسألة فی نهایتها، حیث تقول: (ومن یعص الله ورسوله فقد ضلّ ضلالا مبین).

فسوف یضلّ طریق السعادة، ویسلک طریق الضلال والضیاع، لأنّه لم یعبأ بأمر ربّ الکون الرحیم، وبأمر رسوله، ذلک الأمر الضامن لخیره وسعادته، وأیّة ضلالة أوضح من هذه؟!

ثمّ تناولت الآیة التالیة قصّة «زید» وزوجته «زینب» المعروفة، والتی هی إحدى المسائل الحسّاسة فی حیاة النّبی (صلى الله علیه وآله)، ولها إرتباط بمسألة أزواج النّبی(صلى الله علیه وآله) التی مرّت فی الآیات السابقة، فتقول: (وإذ تقول للذی أنعم الله علیه وأنعمت علیه أمسک علیک زوجک واتّق الله).

والمراد من نعمة الله تعالى هی نعمة الهدایة والإیمان التی منحها لزید بن حارثة، ومن نعمة النّبی(صلى الله علیه وآله) أنّه کان قد أعتقه وکان یعامله کولده الحبیب العزیز.

ویستفاد من هذه الآیة أنّ شجاراً قد وقع بین زید وزینب، وقد استمرّ هذا الشجار حتى بلغ أعتاب الطلاق، وبملاحظة جملة (تقول) حیث إنّ فعلها مضارع، یستفاد أنّ النّبی کان ینصحه دائماً ویمنعه من الطلاق.

هل أنّ هذا الشجار کان نتیجة عدم تکافؤ الحالة الاجتماعیة بین زینب وزید، حیث کانت من قبیلة معروفة، وکان هو عبداً معتق؟

أم کان ناتجاً عن بعض الخشونة فی أخلاق زید؟

أو لا هذا ولا ذاک، بل لعدم وجود انسجام روحی وأخلاقی بینهما، فإنّ من الممکن أن یکون شخصان جیدین، إلاّ أنّهما یختلفان من ناحیة السلوک والفکر والطباع بحیث لا یستطیعان أن یستمرا فی حیاة مشترکة؟

ومهما یکن الأمر فإنّ المسألة إلى هنا لیست بذلک التعقید.

ثمّ تضیف الآیة: (وتخفى فی نفسک ما الله مبدیه وتخشى الناس والله أحقّ أن تخشاه).

لقد أسهب المفسّرون هنا فی الکلام، وکان تسامح بعضهم فی التعبیرات قد منح الأعداء حربة للطعن، فی حین یفهم من القرائن الموجودة فی نفس الآیة، وسبب نزول الآیات، والتاریخ، أنّ معنى الآیة لیس مطلباً ومبحثاً معقّداً، وذلک:

إنّ النّبی(صلى الله علیه وآله) کان قد قرّر أن یتّخذ «زینب» زوجة له إذا ما فشل الصلح بین الزوجین ووصل أمرهم إلى الطلاق لجبران هذه النکسة الروحیة التی نزلت بابنة عمّته زینب من جرّاء طلاقها من عبده المعتق، إلاّ أنّه کان قلقاً وخائفاً من أن یعیبه الناس ویثیر مخالفیه ضجّة وضوضاء، من جهتین:

الاُولى: أنّ زیداً کان ابن رسول الله(صلى الله علیه وآله) بالتبنّی، وکان الابن المتبنّى ـ طبقاً لسنّة جاهلیة ـ یتمتّع بکلّ أحکام الإبن الحقیقی، ومن جملتها أنّهم کانوا یعتقدون حرمة الزواج من زوجة المتبنّى المطلّقة.

والاُخرى: هی کیف یمکن للنّبی(صلى الله علیه وآله) أن یتزوّج مطلّقة عبده المعتق وهو فی تلک المنزلة الرفیعة والمکانة السامیة؟

ویظهر من بعض الروایات أنّ النّبی(صلى الله علیه وآله) قد صمّم على أن یقدم على هذا الأمر بأمر الله سبحانه رغم کلّ الملابسات والظروف، وفی الجزء التالی من الآیة قرینة على هذا المعنى.

بناءً على هذا، فإنّ هذه المسألة کانت مسألة أخلاقیة وإنسانیة، وکذلک کانت وسیلة مؤثّرة لکسر سنّتین جاهلیتین خاطئتین، وهما: الإقتران بمطلّقة الابن المتبنّى، والزواج من مطلّقة عبد معتق.

من المسلّم أنّ النّبی(صلى الله علیه وآله) لا ینبغی أن یخاف الناس فی مثل هذه المسائل، ولا یدع للضعف والتزلزل والخشیة من تألیب الأعداء وشایعاتهم إلى نفسه سبیلا، إلاّ أنّ من الطبیعی أن یبتلى الإنسان بالخوف والتردّد فی مثل هذه المواقف، خاصّة وأنّ أساس هذه المسائل کان اختیار الزوجة، وأنّه کان من الممکن أن تؤثّر هذه الأقاویل والضجیج على انتشار أهدافه المقدّسة وتوسّع الإسلام، وبالتالی ستؤثّر على ضعفاء الإیمان، وتغرس فی قلوبهم الشکّ والتردّد.

لهذا تقول الآیة فی متابعة المسألة: إنّ زیداً لمّا أنهى حاجته منها وطلّقها زوجناها لک: (فلمّا قضى زید منها وطراً زوّجناکها لکی لا یکون على المؤمنین حرج فی أزواج أدعیائهم إذا قضوا منهنّ وطر) وکان لابدّ أن یتمّ هذا الأمر (وکان أمر الله مفعول).

«الأدعیاء» جمع «دعی»، أی الإبن المتبنّى، و«الوطر» هو الحاجة المهمّة، واختیار هذا التعبیر فی مورد طلاق زینب للطف البیان، لئلاّ یصرّح بالطلاق الذی یعدّ عیباً للنساء، بل وحتى للرجال، فکأنّ کلا من هذین الشخصین کان محتاجاً للآخر لیحیا حیاة مشترکة لمدّة

معیّنة، وإفتراقهما کان نتیجة لانتفاء هذه الحاجة ونهایتها.

والتعبیر بـ (زوجناکه) دلیل على أنّ هذا الزواج کان زواجاً بأمر الله، ولذلک ورد فی التواریخ أنّ زینب کانت تفتخر بهذا الأمر على سائر زوجات النّبی(صلى الله علیه وآله)، وکانت تقول: زوّجکنّ أهلوکنّ وزوّجنی الله من السماء(1).

وممّا یستحقّ الإنتباه أنّ القرآن الکریم یبیّن بمنتهى الصراحة الهدف الأصلی من هذا الزواج، وهو إلغاء سنّة جاهلیة کانت تقضی بمنع الزواج من مطلّقات الأدعیاء، وهذا بنفسه إشارة إلى مسألة کلّیة، وهی أنّ تعدّد زواج النّبی(صلى الله علیه وآله) لم یکن أمراً عادیاً بسیطاً، بل کان یرمی إلى أهداف کان لها أثرها فی مصیر دینه.

وجملة (کان أمر الله مفعول) إشارة إلى وجوب الحزم فی مثل هذه المسائل، وکلّ عمل ینبغی فعله یجب أن ینجز ویتحقّق، حیث لا معنى للإستسلام أمام الضجیج والصخب فی المسائل التی تتعلّق بالأهداف العامّة والأساسیة.

ویتّضح من التّفسیر الواضح الذی أوردناه فی بحث الآیة أعلاه أنّ الإدّعاءات التی أراد الأعداء أو الجهلاء إسنادها لهذه الآیة لا أساس لها مطلقاً، وسنعطی فی بحث الملاحظات توضیحاً أکثر فی هذا الباب إن شاء الله تعالى.

وتقول الآیة الأخیرة فی تکمیل المباحث السابقة: (ما کان على النّبی من حرج فیما فرض الله) فحیث یأمره الله سبحانه لا تجوز المداهنة فی مقابل أمره تعالى، ویجب تنفیذه بدون أیّ تردّد.

إنّ القادة الربانیین یجب أن لا یصغوا إلى کلام هذا وذاک لدى تنفیذ الأوامر الإلهیّة، أو یراعوا الأجواء السیاسیة والآداب والأعراف الخاطئة السائدة فی المحیط، وربّما کان هذا الأمر قد صدر لتمزیق هذه الأعراف المغلوطة، ولتحطیم البدع القبیحة.

إنّ القادة الإلهیین یجب أن ینفّذوا أمر الله بدون خوف من الملامة والعتاب والضجّة والغوغاء، وأن یکونوا مصداق (ولا یخافون لومة لائم).(2)

إنّنا إذا أردنا أن نجلس وننتظر رضا الجمیع وسرورهم ثمّ ننفّذ أمر الله سبحانه، فلنعلم أنّ هذا الأمر لا یمکن تحقّقه، لأنّ بعض الفئات لا ترضى حتى نستسلم لما ترید ونتّبع دینها وفکرها، کما یقول القرآن الکریم ذلک: (ولن ترضى عنک الیهود ولا النصارى حتى تتّبع ملّتهم).(3)

وکذلک کان الأمر فی مورد الآیة التی نبحثها، لأنّ زواج النّبی(صلى الله علیه وآله) من زینب کان یکتنفه فی أفکار الناس العامّة إشکالان کما قلنا:

الأوّل: أنّ الزواج بمطلّقة المدّعى کان فی نظر اُولئک کالزواج بزوجة الإبن الحقیقی، وکانت هذه بدعة یجب أن تُلغى.

والثانی: أنّ زواج رجل مرموق له مکانته فی المجتمع کالنّبی(صلى الله علیه وآله) من مطلّقة غلام محرّر کان یعدّ عیباً وعاراً، لأنّه یجعل النّبی والعبد فی مرتبة واحدة، وهذه الثقافة الخاطئة کان یجب أن تقلع وتجتثّ من الجذور لتُزرع مکانها القیم الإنسانیة، وکون الزوجین کفؤین لبعضهما إنّما یستقیم ویقاس على أساس الإسلام والإیمان والتقوى وحسب.

وأساساً فانّ مخالفة السنن والأعراف، واقتلاع الآداب والعادات الخرافیة وغیر الإنسانیة یقترن عادةً بالضجیج والغوغاء والصخب، وینبغی أن لا یهتمّ الأنبیاء بهذا الضجیج والصخب مطلقاً، ولذلک تعقب الجملة التالیة فتقول: (سنّة الله فی الذین خلوا من قبل).

فلست الوحید المبتلى بهذه المشکلة، بل إنّ الأنبیاء جمیعاً کانوا یعانون هذه المصاعب عند مخالفتهم سنن مجتمعاتهم، وعند سعیهم لإجتثاث اُصول الأعراف الفاسدة منها.

ولم تکن المشکلة الکبرى منحصرة فی محاربة هاتین السنّتین الجاهلیتین، بل إنّ هذا الزواج لمّا کان مرتبطاً بالنّبی(صلى الله علیه وآله) فإنّه یمکن أن یعطی الأعداء حربة اُخرى لیعیبوا على النّبی(صلى الله علیه وآله) فعله، ویطعنوا فی دینه، وسیأتی تفصیل ذلک.

ویقول الله سبحانه فی نهایة الآیة تثبیتاً لاتّباع الحزم فی مثل هذه المسائل الأساسیة: (وکان أمر الله قدراً مقدور).

إنّ التعبیر بـ (قدراً مقدور) قد یکون إشارة إلى کون الأمر الإلهی حتمیاً، ویمکن أن یکون دالا على رعایة الحکمة والمصلحة فیه، إلاّ أنّ الأنسب فی مورد الآیة أن یراد منه کلا المعنیین، أی إنّ أمر الله تعالى یصدر على أساس الحساب الدقیق والمصلحة، وکذلک لابدّ من تنفیذه بدون استفهام أو تلکّؤ.

والطریف أنّنا نقرأ فی التواریخ أنّ النّبی(صلى الله علیه وآله) قد أولم للناس ولیمة عامّة لم یکن لها نظیر فیما سبق اقترانه بزوجاته(4)، فکأنّه أراد بهذا العمل أن یبیّن للناس أنّه غیر قلق ولا خائف من السنن الخرافیة التی کانت سائدة فی تلک البیئة، بل إنّه یفتخر بتنفیذ هذا الأمر الإلهی، إضافةً إلى أنّه کان یطمح إلى أن یصل صوت إلغاء هذه السنّة الجاهلیة إلى آذان جمیع من فی جزیرة العرب عن هذا الطریق.


1. الکامل لابن الأثیر، ج 2، ص 177. وممّا یستحقّ الإلتفات أنّ زواج النّبی(صلى الله علیه وآله) من زینب قد تمّ فی السنة الخامسة للهجرة. المصدر السابق.
2. المائدة، 54.
3. البقرة، 120.
4. یروی المفسّر الکبیر المرحوم الطبرسی فی تفسیر مجمع البیان: فتزوّجها رسول الله(صلى الله علیه وآله)... وما أولم على إمرأة من نسائه ما أولم علیها، ذبح شاة، وأطعم الناس الخبز واللحم حتى امتدّ النهار. تفسیر مجمع البیان، ج 8، ص 361.
سبب النّزول1ـ أساطیر کاذبة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma