بحثان

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 10
یوم لا ینفع الإعتذار:محتوى السورة:

الأوّل: کیف یقسم المجرمون مثل هذا القسم الکاذب؟

والجواب واضح، فهم یتصورون ـ واقعاً ـ مثل هذا التصور، ویظنون أنّ فترة البرزخ کانت قصیرة جدّاً، لأنّهم کانوا فی حالة تشبه النوم، ألا ترى أنّ أصحاب الکهف الذین کانوا صالحین مؤمنین، حین أفاقوا بعد نوم طویل، تصوروا أنّهم لبثوا یوماً أو بعض یوم فی منامهم.

أو أنّ أحد الأنبیاء الواردة قصته فی سورة البقرة الآیة 259 بعد أن أماته الله مائة عام ثمّ بعثه للحیاة ثانیة، لم یدرک فی تصوره غیر أنّه لبث یوماً أو بعض یوم.

فما یمنع أن یتصور المجرمون ـ مع ملاحظة حالتهم الخاصة فی عالم البرزخ وعدم إطلاعهم ـ مثل هذا التصور!؟

لذا یقول المؤمنون الذین اُوتوا العلم ـ کما تذکره الآیة التی تأتی بعد هذه الآیة ـ : إنّکم غیر مُصیبین فی قولکم، إذ لبثتم فی عالم البرزخ إلى یوم القیامة، وهذا هو یوم القیامة!.

ومن هنا تتّضح المسألة الثّانیة. أی تفسیر جملة (کذلک کانوا یؤفکون) لأنّ «الإفک» فی الأصل معناه تبدل الوجه الحقیقی والانصراف عن الحق، وهذه الجماعة ابتعدت عن الواقع لحالتها الخاصة فی عالم البرزخ، فلم تستطع أن تحدد لبثها فی عالم البرزخ.

ومع ملاحظة أنّه لاحاجة لنا إلى الأبحاث الطویلة التی بحثها جمع من المفسّرین، وفی أنّه لم یکذب المجرمون عمداً فی یوم القیامة، لأنّه لیس فی الآیة دلیل على کذبهم العمدی فی هذه المرحلة!

وبالطبع فإنّنا نرى فی آیات القرآن الأخر أمثلة من أکاذیب المجرمین یوم القیامة، وقد بیّنا الإجابة المفصلة على کل ذلک فی ذیل الآیة 23 من سورة الأنعام، لکن ذلک البحث لا علاقة له بموضوع هذه الآیات!

أمّا الآیة التالیة فتتحدث عن جواب المؤمنین المطلعین على کلام المجرمین الغافلین عن حالة البرزخ والقیامة فتقول: (وقال الذین أوتوا العلم والإیمان لقد لبثتم فی کتاب الله إلى یوم البعث فهذا یوم البعث ولکنّکم کنتم لا تعلمون).

وتقدیم العلم على الإیمان هو لأنّ العلم أساس الإیمان.

والتعبیر (فی کتاب الله) لعله إشارة إلى الکتاب التکوینی، أو إلى الکتاب السماوی، أو إشارة إلیهما معاً، أی کان ـ بأمر الله التکوینی والتشریعی ـ مقدّراً أن تلبثوا مثل هذه المدّة فی البرزخ، ثمّ تحشرون فی یوم القیامة(1).

وفی أن المقصود بـ (الذین أوتوا العلم والإیمان) من هم ؟!

قال بعض المفسّرین: هی إشارة إلى ملائکة الله الذین لهم علم وهم مؤمنون أیضاً.

وقال بعضهم: المقصود هم المؤمنین العالمون، والمعنى الثّانی أظهر طبعاً.

وما ورد فی بعض الرّوایات من تفسیر هذه الآیة بالأئمّة الطاهرین، فهو من قبیل المصداق الواضح لها، ولا یحدد معناها الوسیع.

وهذه اللطیفة جدیرة بالإلتفات، وهی أنّ بعض المفسّرین قالوا: إنّ ما قاله المجرمون مقسمین بأنّهم ما لبثوا غیر ساعة، وما ردّه علیهم الذین أوتوا العلم والإیمان بأنّهم لبثوا إلى یوم البعث، هذه المحاورة والکلام منشؤهما أنّ الطائفة الاُولى ـ لأنّهم کانوا یتوقعون العذاب ـ کانوا یرغبون فی تأخیره، وکانت الفاصلة وإن طالت بالنسبة لهم قصیرة جدّاً عندهم.

أمّا الطائفة الثّانیة فلأنّهم کانوا ینتظرون الجنّة ونعمها الخالدة وراغبین فی تقدیمها، فکانوا یرون الفاصلة طویلة جدّ(2).

وعلى کل حال، فحین یواجه المجرمون واقعهم المریر المؤلم یظهرون ندمهم ویتوبون ویعتذرون ممّا صنعوا، لکن القرآن یقول فی هذا الصدد: (فیومئذ لا ینفع الذین ظلموا معذرتهم ولا هم یستعتبون)(3).

وتجدر الإشارة إلى هذه المسألة، وهی أنّ فی بعض آیات القرآن تصریحاً بعدم الإذن للمجرمین أن یعتذروا (ولا یؤذن لهم فیعتذرون)(4).

غیر أنّ الآیة محل البحث تقول: لا ینفعهم الإعتذار هناک، وظاهرها أنّهم یعتذرون، إلاّ أنّه لا أثر لاعتذارهم.

وبالطبع فإنّه لا تضاد بین هذه الآیات، لأنّ یوم القیامة فیه مراحل مختلفة، وفی بعض المراحل لا یؤذن للمجرمین بالإعتذار أبداً ویختم على أفواههم... وإنّما تتحدث الجوارح بما أساءت فحسب... وفی بعض المراحل تنطلق ألسنتهم بالإعتذار، إلاّ أنّه... لا ینفعهم الإعتذار أبداً.؟!

وواحد من أعذارهم أنّهم یلقون تبعات ذنوبهم على أشیاخهم فی الکفر والنفاق، فیقولون لهم: (لولا أنتم لکنّا مؤمنین)(5)، إلاّ أنّ اُولئک یردون علیهم بالقول: (أنحن صددناکم عن الهدى بعد إذ جاءکم)(6).

وأحیاناً یلقون اللوم على الشیطان فی تضلیلهم وانحرافهم وأنّه وسوس لهم، إلاّ أنّ الشیطان یجیبهم (فلا تلومونی ولوموا أنفسکم)(7)، أی لم أکرهکم على الکفر، إلاّ أنّکم استجبتم لی برغبتکم.

وفی الآیة التالیة إشارة لجمیع المواضیع الوارد بیانها فی هذه السورة... إذ تقول: (ولقد ضربنا للناس فی هذا القرآن من کل مثل) لقد ذکرنا فیه الوعد والوعید، الأمر والنهی، البشارة والإنذار، الآیات الآفاقیة والأنفسیة، دلائل المبدأ والمعاد والأخبار الغیبیة والخلاصة ذکرنا فیه کل شىء یمکن أن یؤثر فی نفوس الناس.

وفی الحقیقة، إنّ فی القرآن ـ بشکل عام ـ وسورة الروم ـ بشکل خاص ـ حیث نحن الآن فی مراحلها النهائیة، مجموعة من المسائل والدروس الموقظة لکل فئة، ولکل طبقة، ولکل جماعة، ولکل فکر وأسلوب... مجموعة من العبر، والمسائل الأخلاقیة، والخطط والمناهج العملیة، والاُمور الإعتقادیة، بحیث استفید من جمیع الطرق والأسالیب المختلفة للنفوذ فی أفکارالناس ودعوتهم إلى طریق السعادة!

ومع هذه الحال، فهناک طائفة لا یؤثر فی قلوبهم المظلمة السوداء أی من هذه الاُمور، لذلک یقول القرآن فی شأنهم: (ولئن جئتهم بآیة لیقولن الذین کفروا إن أنتم إلاّ مبطلون).

والتعبیر بـ «مبطلون» تعبیر جامع یحمل کل معانی الدجل والإفتراء والنسب الکاذبة والفاسدة من قبل المشرکین، کنسبة الکذب للنّبی(صلى الله علیه وآله) والسحر والجنون والأساطیر الخرافیة، إذ أن کل واحد من هذه الاُمور یمثل وجهاً من وجوه الباطل، وقد جمعت کل هذه الاُمور تحت کلمة «مبطلون».

أجل، إنّهم کانوا یتهمون الأنبیاء دائماً بواحد من هذه الاُمور الباطلة، لیشغلوا عنهم الناس الطیبین الطاهرین ولو لعدّة أیّام ـ بما ینسبونه للأنبیاء ممّا أشرنا إلیه.

والمخاطب فی کلمة «أنتم» یمکن أن یکون النّبی(صلى الله علیه وآله) والمؤمنین الحقیقیین، ویمکن أن یکون جمیع أصحاب الحق من الأنیباء والائمّة المعصومین(علیهم السلام) وأتباعهم، لأنّ هذه المجموعة من الکفّار تخالف جمیع اتباع الحق.

والآیة التی بعدها تبیّن السبب فی مخالفة هذه الطائفة،فتقول: إنّ لجاجة هؤلاءالتی لاحدّ لها وعداءهم للحق، إنّما هو لفقدانهم الاحساس والإدراک بسبب کثرة ذنوبهم، ولأنّهم لا یعلمون شیئاً... إذ تقول: (کذلک یطبع الله على قلوب الذین لا یعلمون).

وکلمة «یطبع» مأخوذة من الطبع، ومعناها ختم الشیء، وهی إشارة إلى ما کان یجری فی السابق، وهو جار أیضاً الیوم إذ یختم على الشیء کیلا یتصرف به ویُغلق بإحکام، وقد

یضعون علیه القفل ویضربون علیه مادة لزجة مختومة بإشارة معینة کما بیّنا بحیث لا یمکن فتح ذلک الشیء إلاّ بکسره، فیفتضح أمره بسرعة.

وکان القرآن استعمل هذا التعبیر کنایة عن القلوب التی لا ینفذ إلیها النصح، والذین فقدوا الوجدان والعقل والعلم، ولا أمل فی هدایتهم.

وممّا یسترعی الإنتباه أنّ فی الآیات السابقة ذکر العلم أساساً للإیمان، وفی هذه الآیة ذُکر الجهل أساساً للکفر وعدم التسلیم للحق.

أمّا آخر آیة ـ من الآیات محل البحث ـ التی تقع فی آخر سورة الروم، فهی تأمر النّبی(صلى الله علیه وآله) أمرین مهمین، وتبشره بشارة کبرى، لتحثه على مواصلة الوقوف والتصدی للمشرکین والجاهلین والسفهاء بالاستقامة والصبر.

تقول أوّلا: إذا کان الأمر کذلک، فعلیک بالصبر والاستقامة أمام الحوادث المختلفة، وفی مقابل أنواع الأذى والبهتان والمصاعب (فاصبر).

لأنّ الصبر والإستقامة هما مفتاح النصر الأصیل.

ولیکون النّبی(صلى الله علیه وآله) أکثر اطمئناناً، فإنّ الآیة تضیف (إنّ وعد الله حق) فقد وعدک والمؤمنین بالنصر، والاستخلاف فی الأرض، وغلبة الإسلام على الکفر، والنور على الظلمة، والعلم على الجهل. وسوف یُلبس هذا الوعد ثوب العمل!.

وکلمة «الوعد» هنا إشارة إلى الوعود المکررة التی وعدها القرآن فی إنتصار المؤمنین، ومن ضمنها الآیة 47 من هذه السورة (وکان حقّاً علینا نصر المؤمنین).

والآیة 51 من سورة غافر (إنا لننصر رسلنا والذین آمنوا فی الحیاة الدنیا ویوم یقوم الأشهاد!).

وتقول الآیة 56 من سورة المائدة أیضاً (فإنّ حزب الله هم الغالبون).

وتأمر ثانیاً بضبط الأعصاب والهدوء وعدم الانحراف فی المواجهة الشدیدة والمتتابعة، حیث تقول الآیة: (ولایستخفّنّک الذین لا یوقنون).

إنّ مسؤولیتک أن تتحمل کل شیء، وأن یتسع صدرک وخلقک لجمیع الناس فهذا هو الجدیر بقائد وزعیم لأمثال هؤلاء.

کلمة (لایستخفّنّک) مشتقّة من «الخفة» وهی خلاف الثقل، أی کن رزیناً قائماً على

قدمیک لئلا یهزک مثل هؤلاء الأفراد ویحرکوک من مکانک، وکن ثابتاً ومواصلا للمسیرة باطمئنان، إذ أنّهم فاقدوا الیقین، وأنت مرکز الیقین والإیمان!.

هذه السورة بدأت بوعد إنتصار المؤمنین على الأعداء، وانتهت أیضاً بهذا الوعد، إلاّ أنّ شرطها الأساس هو الصبر والاستقامة!.

ربّنا، هب لنا صبراً واستقامة حتى لا یهزنا طوفان الحوادث والمشاکل من مکاننا أبداً.

إلهنا، نلتجىء إلى ذاتک المقدسة، ألاّ نکون من زمرة الذین لا تؤثر فی قلوبهم الموعظة والنصح والإرشاد والعبر والنذر!.

إلهنا، إن أعداءنا متحدون، وهم مسلّحون بأنواع الأسلحة الشیطانیة، فانصرنا ـ ربّنا ـ على أعدائنا فی الخارج، وشیطاننا فی الداخل.

آمین یا رب العالمین

نهایة سورة الروم


1. فی کون الآیة، هل فیها تقدیم وتأخیر، أم لا؟ هناک کلام ونقاش بین المفسّرین والعلماء، فقال بعضهم (فی کتاب الله) متعلق بجملة (أوتوا العلم والإیمان) فیکون معنى الآیة هکذا: الذین أوتوا العلم فی کتاب الله ویؤمنون به قالوا مثل هذا الکلام، وقال بعضهم (فی کتاب الله) متعلق بجملة (لبثتم) ونحن اخترنا هذا الرأی أیضا فی شرحنا للآیة، لأنّ الحکم بالتقدیم والتأخیر یحتاج إلى قرینة واضحة ولا نجد هنا قرینة على ذلک!.
2. التفسیر الکبیر، ج 25، ص 137، ذیل الآیات محل البحث.
3. کلمة (یستعتبون) مشتقة من «عتب» على وزن «حتم» ومعناها فی الأصل الإضطراب النفسی «الداخلی» وحین یصاغ هذا الفعل من باب الإفعال فیکون معناه ازالة هذا الأثر والاضطراب، کما جاء فی لسان العرب أنّ الاستفعال یؤدّی معنى الإفعال هنا، لذلک یقال فی شأن الاسترضاء معناه طلب الرضا والتوبة، ومعنى الکلمة هنا فی الآیة هو بمثل ما ذکرناه، ومعنى ذلک أنّ المجرمین فی یوم القیامة لیس لهم القدرة على التوبة.
4. المرسلات، 36.
5. سبأ، 31.
6. سبأ، 32.
7. إبراهیم، 22.
یوم لا ینفع الإعتذار:محتوى السورة:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma