دعامة واهیة کبیت العنکبوت:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 10
سورة العنکبوت / الآیة 41 ـ 44 سورة العنکبوت / الآیة 45

بیّنت الآیات السابقة ما آل إلیه المشرکون والمفسدون الظلمة والأنانیون من مصیر وخیم وعاقبة سوداء وعذاب ألیم... وبهذه المناسبة، ففی الآیات التی بین أیدینا، یبیّن القرآن الکریم مثالا بلیغاً ومؤثراً یعبدون غیر الله ویتخذون من دونه أولیاء! وکلما أمعنا النظر فی هذا المثال وفکرنا فیه ملیّاً انقدحت فی أذهاننا منه لطائف دقیقة، یقول تعالى: (مثل الذین اتخذوا من دون الله أولیاء کمثل العنکبوت اتّخذت بیتاً وإنّ أوهن البیوت لبیت العنکبوت لو کانوا یعلمون).

کم هو بدیع هذا المثال وطریف، وکم هو بلیغ ودقیق هذا التشبیه!.

تأمّلوا بدقّة... إنّ کل حیوان ـ وکل حشرة ـ له بیت أو وکر وما أشبه ذلک، لکن لیس فی هذه البیوت بیت أوهن من بیت العنکبوت! فکل بیت ـ عادةً ـ یحتوی على سقف وباب وجدار، وهو یحفظ صاحبه من الحوادث، ویکون مکاناً أمیناً لإیداع الأطعمة والأشیاء الاُخرى وحفظها... فبعض البیوت لا سقف لها إلاّ أنّها على الأقل لها جدار، کما أنّ هناک بیوتاً لا جدار لها إلاّ أنّ لها سقفاً.

لکن بیت العنکبوت المنسوج من خیوط دقیقة واهیة، لیس له سقف ولا جدار ولا ساحة ولا باحة ولا باب، هذا من جانب... ومن جانب آخر فإنّ مواد بنائه واهیة جدّاً وسرعان ما تتلاشى إزاء أیة حادثة بسیطة، فهی لا تقدر على المقاومة.

فلو هبّ نسیم علیل لتمزق هذا النسیج.

ولو سقطت علیه قطرات المطر لتلاشى وتلف.

ولو لامسته شعلة خفیفة لاحرقته.

وحتى لو تراکم علیه الغبار لترکه اشلاء ممزقة معلقة.

فآلهة هؤلاء الجماعة ومعبوداتهم «الکاذبة» کمثل هذا البیت لا تنفع ولا تضر ولا تحلّ مشکلة، ولا تکون ملجأ لأحد فی المحنة والشدّة!.

صحیح... إنّ هذا البیت للعنکبوت ـ مع ما لها من أرجل طویلة ـ هو محل استراحتها، وشرکٌ لاصطیاد الحشرات والحصول على الغذاء إلاّ أنّ هذا البیت ـ بالقیاس إلى البیوت الاُخرى للحیوانات والحشرات ـ فی منتهى الوهن والإنهیار!.

فمن یعتمد على غیر الله ویتخذ من دونه ولیاً، فقد اعتمد على بیت العنکبوت!!.

والذین اختاروا سوى الله، اعتمدوا على بیوت العناکب، کعرش فرعون وتاجه، والأموال المتراکمة عند قارون، وقصور الملوک وخزائنهم، جمیع هذه الأمورالمذکورة کمثل بیت العنکبوت!.

فهی لا تدوم، ولا یمکن الاعتماد علیها، ولا أساس لها حتى تکون راسخة أمام طوفان الحوادث.

والتاریخ یدل على أنّه لا یمکن الاعتماد على أیّ من هذه الاُمور حقّاً.

أمّا الذین اعتمدوا على الله وتوکلوا علیه، فقد اعتمدوا على سدّ حصین منیع.

والجدیر بالذکر، أنّ بیت العنکبوت ونسیج خیوطه المضروب به المثل، هو نفسه من عجائب الخلق، والتدقیق فیه یعرف الإنسان على عظمة الخالق أکثر.

فخیوط العنکبوت «مصنوعة» ومنسوجة من مائع لزج، هذا المائع مستقر فی حفر دقیقة وصغیرة کرأس الإبرة تحت بطن العنکبوت، ولهذا المائع خصوصیة أو ترکیب خاص هو أنّه متى ما لامس الهواء جهد وتصلّب.

والعنکبوت تخرج هذا المائع بواسطة آلیات خاصة وتصنع خیوطها منه.

یقال: إنّ کلّ عنکبوت یمکن لها أن تصنع من هذا المائع القلیل جدّاً ما مقداره خمسمائة متر من خیطها المفتول!

وقال بعضهم: إنّ الوهن فی هذه الخیوط منشؤه دقّتها القصوى، ولولا هذه الدقّة فإنّها أقوى من الفولاذ «لو قدر أن تفتل بحجم الخیط الفولاذی».

العجیب أنّ هذه الخیط تنسج أحیاناً من أربع جدائل کل جدیلة هی أیضاً منسوجة أو مصنوعة من ألف جدیلة! وکل جدیلة تخرج من ثقب صغیر جدّاً فی بدن العنکبوت، ففکروا الآن فی هذه الخیوط التی تتکون منها هذه الجدیلة کم هی ناعمة ودقیقة وظریفة؟!

وإضافةً إلى العجائب الکامنة فی بناء بیت العنکبوت ونسجه، فإنّ شکل بنائه وهندسته طریف أیضاً، فلو دققنا النظر فی بیوت العنکبوت لرأینا منظراً طریفاً مثل الشمس وأشعتها مستقرةً على قواعد هذا «البناء النسیجی»، وبالطبع فإنّ هذا البیت مناسب للعنکبوت وکاف، ولکنّه فی المجموع لا یمکن تصور بیت أوهن منه، وهکذا بالنسبة إلى آلهة الضالین ومعبودیهم، إذ ترکوا عبادة الله والتجأوا إلى الأصنام والأحجار والأوثان!!.

ومع الإلتفات إلى أن العناکب لیست نوعاً واحداً، بل ـ کما یدعی بعض العلماء ـ عرف منها حتى الآن عشرون ألف نوع، وکل نوع له خصوصیاته التی تبین عظمة الخالق وقدرته فی خلق هذا الموجود الصغیر بوضوح وجلاء.

التعبیر بـ«الاولیاء» جمع ولی مکان التعبیر بالأصنام، ربّما کان إشارة ضمنیة إلى هذه اللطیفة، وهی أنّه لیس الحکم مختصاً بالأصنام والآلهة المزعومة، بل حتى الأئمة والقادة الأرضیین مشمولون بهذا الحکم أیضاً.

وجملة (لو کانوا یعلمون) تتعلق بالأصنام والمعبودین من دون الله  ولا ترتبط بوهن بیت العنکبوت... لأنّ وهن بیت العنکبوت معلوم عند الجمیع، فعلى هذا یکون مفهوم الجملة کالتالی: لو کانوا یعلمون وهن المعبودین من دون الله وما رکنوا إلیه من دونه واختاروه، لعلموا أنّهم فی الوهن والضعف کما هی الحال فی بیت العنکبوت من الوهن!.

أمّا الآیة التالیة ففیها تهدید لهؤلاء المشرکین الغفلة الجهلة.. إذ تقول: (إن الله یعلم ما یدعون من دونه من شیء!) ولا یخفى على الله شرکهم الظاهر  ولا شرکهم الخفی (وهو العزیز الحکیم) على الإطلاق!

وإذا أمهلهم، فلیس بسبب العجز والضعف، أو عدم العلم، أو أن قدرته محدودة، بل کل

ذلک من حکمته التی توجب أن یمنحوا الفرصة الکافیة لتتم الحجة البالغة لله علیهم، فیهتدی من هو جدیر بالهدى!

قال بعض المفسّرین: إنّ هذه الجملة إشارة إلى حجج المشرکین وإلى إدّعائهم أنّهم فی عبادتهم للأصنام لا یریدون بها الأصنام ذاتها، بل إنّ الأصنام عندهم مظهر ورمز للنجوم السماویة والأنبیاء والملائکة، فهم ـ کما یزعمون ـ یسجدون لاُولئک لا للأصنام وخیرهم وشرهم ونفعهم وضررهم بیدها أیضاً.

فالقرآن یبیّن أن الله یعلم الأشیاء التی تدعونها ـ کائناً من کان، وأی شیء کان ـ فکل اُولئک المعبودین إزاء قدرته کمثل بیت العنکبوت، ولا یملکون لأنفسهم شیئاً کی یعطوه لکم.

والآیة الثّالثة ـ من الآیات محل البحث ـ لعلها تشیر إلى ما استشکله أعداء الإسلام على النّبی(صلى الله علیه وآله) فی هذه الأمثلة التی ضربها الله، وکانوا یقولون: الله الذی خلق السماوات والأرض کیف یضرب الأمثال بالعنکبوت والذباب والحشرات وما شاکلها؟

فیردّ القرآن بقوله: (وتلک الأمثال نضربها للناس وما یعقلها إلاّ العالمون).

إنّ أهمیّة المثال وظرافته لا تکمن فی کبره وصغره، بل تظهر أهمیته فی انطباق المثال على المقصود، فقد یکون صغر الشیء الممثل به أکبر نقطة فی قوته.

قالوا فی ضرب الأمثال: ینبغی عند الکلام عن الأشیاء الضعیفة والتی فیها وهن أن یمثل لها فی ما لو اعتمد علیها ببیت العنکبوت، فهو أحسن شیء ینتخب لهذا الوهن وعدم الثبات، فهذا المثال هو الفصاحة بعینها والبلاغة ذاتها، ولذا قیل: إنّه لایعلم دقائق أمثلة القرآن ولا یدرکها إلاّ العلماء!.

وفی آخر آیة ـ من الآیات محل البحث ـ یضیف القرآن الکریم: (خلق الله السماوات والأرض بالحقّ إن فی ذلک لآیة للمؤمنین). لیس فی عمل الله باطل أو عبث... فإذا التشبیه بالعنکبوت وبیته الخاوی هو أمر محسوب بدقّة، وإذا ما إختار موجوداً صغیراً للتمثیل به فهو لبیان الحقّ، وإلاّ فهو خالق أعظم المجرّات والمنظومات الشمسیّة وغیرها.

ومن الطریف ـ هنا ـ أن نهایة هذه الآیات تنتهی بالعلم والإیمان، ففی مکان یقول القرآن: (لو کانوا یعلمون) وفی مکان آخر یقول: (وما یعقلها إلاّ العالمون) وفی الآیة التی نحن فی صددها یقول: (إنّ فی ذلک لآیة للمؤمنین). وهی إشارة إلى أنّ وجه الحق مشرق

جلی دائماً ولکنّه یثمر فی الموارد المستعدة... فی قلب مطّلع باحث، وعقل یقظ مذعن للحق... وإذا کان هؤلاء الذین عمیت قلوبهم  لا یرون جمال الحق، فلیس ذلک لخفائه، بل لعماهم! وضلالهم!.

سورة العنکبوت / الآیة 41 ـ 44 سورة العنکبوت / الآیة 45
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma