طریق تسخیر القلوب:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 10
نبئونی لماذا؟سورة سبأ / الآیة 28 ـ 30

کثیراً ما یلاحظ أفراد فضلاء وعلى مستوى من العلم والمعرفة، لا یمکنهم النفوذ فی أفکار الآخرین، لعدم إطّلاعهم على الفنون الخاصّة بالبحث والاستدلال، وعدم رعایتهم للجوانب النفسیة، على عکس البعض الآخر الذین لیسوا على وفرة من العلم، إلاّ أنّهم موفّقین من ناحیة جذب القلوب وتسخیرها والنفوذ فی أفکار الآخرین.

والعلّة الأساسیة لذلک هی أنّ طریقة البحث، واُسلوب التعامل مع الطرف المقابل یجب أن تکون مقرونة باُصول وقواعد تتّسق مع الخُلُق والروح، فلا تستثار الجوانب السلبیة فی الطرف المقابل، کی لا یندفع إلى العناد والإصرار، إذ إنّ مراعاة الجانب النفسی ستؤدّی إلى إیقاظ وجدانه وإثارة روح البحث عن الحقیقة وإحیائها فیه.

والمهمّ هنا أن نعلم أنّ الإنسان لیس فکراً وعقلا صرفاً کی یستسلم أمام قدرة الاستدلال، بل علاوةً على ذلک فإنّ مجموعة من العواطف والأحاسیس التی تشکّل جانباً مهمّاً من روحه مطویة فی وجوده، والتی یجب إشباعها بشکل صحیح ومعقول.

والقرآن الکریم علّمنا کیفیة مزج البحوث المنطقیة بالاُصول الأخلاقیة فی المحاورة، حتى تنفذ فی أرواح الآخرین.

شرط التأثیر والنفوذ فی روح الطرف المقابل هو إحساس الطرف المقابل بأنّ المتحدّث یتحلّى بالصفات التالیة:

مؤمن بما یقول، وما یقوله صادر من أعماقه.

هدفه من البحث طلب الحقّ، ولیس التفوّق والتعالی.

لا یقصد تحقیر الطرف المقابل، وإعلاء شأن نفسه.

لیس له مصلحة شخصیة فیما یقول، بل إنّ ما یقوله نابع من الإخلاص.

یکنّ الإحترام للطرف المقابل، لذا فهو یستخدم الأدب والرقّة فی تعبیراته.

لا یرید إثارة العناد لدى الطرف المقابل، ویکتفی من البحث فی موضوع بالمقدار الکافی، دون الإصرار على إثبات أنّ الحقّ إلى جانبه. لیعرض حدیثه.

منصف، لا یفرط بالإنصاف أبداً، حتى وإن لم یراع الطرف المقابل هذه الاُصول.

لا یقصد تحمیل الآخرین أفکاره، بل یرغب فی إیجاد الدافع لدى الآخرین حتى یوصلهم إلى الحقیقة بمنتهى الحریة.

الدقّة المتناهیة فی هذه الایات، واُسلوب تعامل الرّسول(صلى الله علیه وآله) ـ بأمر الله ـ مع المخالفین، المقترن بکثیر من اللفتات الجمیلة، تعتبر دلیلا حیّاً على ما ذکرناه، فهو أحیاناً یصل إلى حدّ لا یشیر بدقّة إلى المهتدی أو المضلّ فی أحد الفریقین، بل یقول: (وإنّا أو إیّاکم لعلى هدىً أو فی ضلال مبین) حتى یثیر فی الذهن التساؤل عن علامات الهدى أو الضلال فی أی الفریقین.

أو یقول: (قل یجمع بیننا ربّنا ثمّ یفتح بیننا بالحقّ).

طبعاً لا یمکن إنکار أنّ کلّ ذلک بالنسبة إلى الأشخاص المؤمّل إهتداؤهم، وإلاّ فإنّ القرآن یتعامل مع الأعداء المعاندین والظلمة القساة الذین لا یؤمّل منهم القبول بذلک بطریقة اُخرى،(1) اُسلوب محاورات الرّسول(صلى الله علیه وآله) والأئمّة(علیهم السلام) مع مخالفیهم یمثّل نموذجاً حیّاً فی هذا المجال، وکمثال على ذلک لاحظوا ما ورد عن الإمام الصادق(علیه السلام) بهذا الخصوص فی کتب الحدیث:

ففی أوائل کتاب توحید المفضّل نقرأ «روى محمّد بن سنان قال: حدّثنی المفضّل بن عمر قال: کنت ذات یوم بعد العصر جالساً فی الروضة الشریفة بین القبر والمنبر، وأنا مفکّر فیما خصّ الله تعالى به سیّدنا محمّد(صلى الله علیه وآله)، من الشرف والفضائل، وما منحه وأعطاه وشرّفه وحباه، ممّا لا یعرفه الجمهور من الاُمّة وما جهلوه من فضله وعظیم منزلته، وخطیر مرتبته، فإنّی لکذلک إذ أقبل «ابن أبی العوجاء، «رجل ملحد معروف». إلى أن یذکر أحادیث هذا الرجل التی سمعها المفضّل... إلى أن (قال المفضّل): فلم أملک نفسی غضباً وغیظاً وحنقاً، فقلت: یاعدوّ الله ألحدت فی دین الله، وأنکرت الباری جلّ قدسه الذی خلقک فی أحسن تقویم وصوّرک فی أتمّ صورة، ونقلک فی أحوالک حتى بلغ إلى حیث انتهیت، فلو تفکّرت فی نفسک وصدقک ولطیف حسّک، لوجدت دلائل الربوبیة وآثار الصنعة فیک قائمة، وشواهده جلّ وتقدّس فی خلقک واضحة، وبراهینه لک لائحة، فقال: یاهذا إن کنت من أهل الکلام کلّمناک فإن ثبتت لک حجّة تبعناک، وإن لم تکن منهم فلا کلام لک، وإن کنت من أصحاب جعفر بن محمّد الصادق فما هکذا تخاطبنا، ولا بمثل دلیلک تجادل فینا، ولقد سمع من کلامنا أکثر ممّا سمعت، فما أفحش فی خطابنا، ولا تعدّى فی جوابنا، وإنّه الحلیم الرزین، العاقل الرصین، لا یعتریه خرق ولا طیش ولا نزق، یسمع کلامنا، ویصغی إلینا ویتعرّف حجّتنا، حتى إذا استفرغنا ما عندنا، وظننا أنّا قطعناه، دحض حجّتنا بکلام یسیر، وخطاب قصیر یلزمنا به الحجّة، ویقطع العذر، ولا نستطیع لجوابه ردّاً، فإن کنت من أصحابه فخاطبنا بمثل خطابه»(2).


1. بحثنا فى هذا المجال ذیل الآیة 46، من سورة العنکبوت.
2. توحید المفضّل، أوائل الکتاب.
نبئونی لماذا؟سورة سبأ / الآیة 28 ـ 30
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma