تحذیر شدید للمؤذین ومختلقی الإشاعات!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 10
سبب النّزول1ـ إبدأ بنفسک!

بعد النهی عن إیذاء رسول الله (صلى الله علیه وآله) والمؤمنین الذی ورد فی الآیة السابقة، أکّدت الآیة هنا على أحد موارد الأذى، ومن أجل الوقوف أمامه سلکت طریقین: فأمرت المؤمنات أوّلا أن لا یدعن فی ید المفسدین والعابثین حجّة یتشبّثون بها فی سبیل تحقیق أذاهم، ثمّ هاجمت المنافقین ومختلقی الإشاعات وهدّدتهم بتهدید قلّ نظیره فی آیات القرآن.

فتقول الآیة فی الجزء الأوّل: (یاأیّها النّبی قل لأزواجک وبناتک ونساء المؤمنین یدنین علیهنّ من جلابیبهنّ ذلک أدنى أن یعرفن فلا یؤذین).

هناک رأیان لدى المفسّرین فی المراد من «المعرفة» لا یتناقضان:

الأوّل: أنّه کان من المتعارف ذلک الیوم أن تخرج الجواری من المنازل مکشوفات الرأس والرقبة، ولمّا لم یکنّ مقبولات من الناحیة الأخلاقیة، فقد کان بعض الشباب المتهوّر یضایقوهنّ، فأمرت المسلمات الحرائر أن یلتزمن الحجاب التامّ لیتمیّزن عن الجواری، وبالتالی لا یقدر أن یؤذیهنّ اُولئک الشباب.

ومن البدیهی أنّ هذا الکلام لا یعنی أنّه کان لاُولئک الطائشین حقّ أذى الجواری، بل المراد سلب الحجّة من الأفراد الفاسدین.

والآخر: أنّ الهدف هو أن لا تتساهل المسلمات فی أمر الحجاب کبعض النساء المتحلّلات والمتبرجات المسلوبات الحیاء رغم التظاهر بالحجاب، هذا التبرّج یغری السفلة والأراذل ویلفت إنتباههم.

أمّا المراد من «الجلباب» فقد ذکر المفسّرون وأرباب اللغة عدّة معان له:

أنّه «الملحفة»، وهی قماش أطول من الخمار یغطّی الرأس والرقبة والصدر.

أنّه المقنعة والخمار.

أنّه القمیص الفضفاض الواسع(1).

ومع أنّ هذه المعانی تختلف عن بعضها، إلاّ أنّ العامل المشترک فیها أنّها تستر البدن.

وتجدر الإشارة إلى أنّ «الجلباب» یقرأ بکسر الجیم وفتحها.

إلاّ أنّ الأظهر أنّ المراد هو الحجاب الذی یکون أکبر من الخمار وأقصر من العباءة، کما ذکر ذلک صاحب لسان العرب.

والمراد من (یُدنین) أن یقربن الجلباب إلى أبدانهن لیکون أستر لهنّ، لا أن یدعنه کیف ما کان بحیث یقع من هنا وهناک فینکشف البدن، وبتعبیر أبسط أن یلاحظن ثیابهنّ ویحافظن على حجابهنّ.

أمّا ما استفاده البعض من أنّ الآیة تدلّ على وجوب ستر الوجه أیضاً، فلا دلیل علیه، والنادر من المفسّرین من اعتبر ستر الوجه داخلا فی الآیة(2).

وعلى کلّ حال، فیستفاد من هذه الآیة أنّ حکم الحجاب بالنسبة للحرائر کان قد نزل من قبل، إلاّ أنّ بعض النسوة کنّ یتساهلن فی تطبیقه، فنزلت الآیة المذکورة للتأکید على الدقّة فی التطبیق.

ولمّا کان نزول هذا الحکم قد أقلق بعض المؤمنات ممّا کان منهن قبل ذلک، فقد أضافت الآیة فی نهایتها (وکان الله غفوراً رحیم) فکلّ ما بدر منکنّ إلى الآن کان نتیجة الجهل فإنّ الله سیغفره لکنّ، فتبن إلى الله وارجعن إلیه، ونفذن واجب العفّة والحجاب جیداً.

بعد الأمر الذی صدر فی الآیة السابقة للمؤمنات، تناولت هذه الآیة بُعداً آخر لهذه المسألة، أی أسالیب الأراذل والأوباش فی مجال الإیذاء، فقالت: (لئن لم ینته المنافقون والذین فی قلوبهم مرض والمرجفون فی المدینة لنغرینّک بهم ثمّ لا یجاورونک فیها إلاّ قلیل)(3).

(المرجفون) من مادّة «إرجاف»، وهی إشاعة الأباطیل بقصد إیذاء الآخرین وإحزانهم، وأصل الإرجاف: الإضطراب والتزلزل، ولمّا کانت الإشاعات الباطلة تحدث اضطراباً عامّاً، فقد اُطلقت هذه الکلمة علیها.

و (نغرینّک) من مادّة «الإغراء»، ویعنی الدعوة إلى تنفیذ عمل، أو تعلّم شیء، دعوة تقترن بالترغیب والتحریض.

ویستفاد من سیاق الآیة أنّ ثلاث فئات فی المدینة کانت مشتغلة بأعمال التخریب والهدم، وکلّ منها کان یحقّق أهدافه باُسلوب خاصّ، فظهر ذلک کتیار ومخطّط جماعی، ولم تکن له صبغة فردیة:

فالفئة الاُولى: هم «المنافقون» الذین کانوا یسعون لإقتلاع جذور الإسلام عبر مؤامرتهم ضدّه.

والثّانیة: هم «الأراذل» الذین یعبّر عنه القرآن: (الذین فی قلوبهم مرض) کما أنّ هذا التعبیر قد ورد فی الآیة 32 من سورة الأحزاب فی شأن من یتّبع أهواءه وشهواته (فلا تخضعن بالقول فیطمع الذی فی قلبه مرض).

والفئة الثالثة: هم الذین کانوا یبثّون الإشاعات فی المدینة، وخاصّةً عندما کان النّبی(صلى الله علیه وآله) وجیش المسلمین یتّجهون إلى الغزوات، لإضعاف معنویاتهم، وکانوا ینشرون الأخبار الکاذبة عن هزیمة النّبی والمؤمنین، وهؤلاء هم «الیهود» برأی بعض المفسّرین.

وبهذا فإنّ القرآن الکریم هدّد هذه الفئات الثلاثة جمیعاً.

ویحتمل فی تفسیر الآیة أیضاً، أنّ کلّ أعمال التخریب للفئات الثلاثة کانت من عمل المنافقین، وفصلها عن بعضها هو فصل الصفات لا الأشخاص.

ومهما کان، فإنّ القرآن یقول: إنّ هؤلاء إن استمروا فی أعمالهم القبیحة المشینة فسنصدر أمراً بالهجوم العام علیهم، لنقتلع جذورهم من المدینة بحرکة المؤمنین الشعبیة، ولا یقدرون على البقاء فی المدینة بعد ذلک.

وعندما یطردون من هذه المدینة، ویخرجون عن حمایة الحکومة الإسلامیة، فإنّهم سیکونون (ملعونین أینما ثقفوا اُخذوا وقتلوا تقتیل).

«ثقفوا» من مادّة «ثقف» و«ثقافة»، وهی: السیطرة على الشیء بدقّة ومهارة، ولهذا یقال للعلم وتحصیله والإحاطة به «ثقافة»، وهذا التعبیر إشارة إلى أنّهم سوف لا یجدون مکاناً آمناً بعد هذا الهجوم، بل سیبحث عنهم المؤمنون بدقّة حتى یجدوهم ویرسلوهم إلى دیار الفناء.

وهناک احتمالان فی المراد من الآیة: فامّا أنّه سیطاردون المنافقین ویتعقّبونهم خارج المدینة ویقتلونهم، أو أنّهم إذا بقوا فی المدینة بعد حکم الإبعاد العام سیلاقون هذا المصیر، ولا منافاة بینهما، إذ إنّ المعنى هو أنّ هؤلاء المنافقین والمخرّبین والمرجفین ومرضى القلوب سوف لا یکونون بمأمن من سطوة المسلمین الشجعان بعد أن هدرت دماؤهم، وسحبت

الحمایة عنهم، وصدر الحکم بإخراجهم من المدینة، سواء بقوا فیها أم خرجوا.

ثمّ تضیف الآیة الأخیرة من هذه الآیات أنّ هذا الأمر لیس جدیداً، بل (سنّة الله فی الذین خلوا من قبل) فکلّما زادت صلافة المفسدین وتجاوزت مؤامراتهم الحدود، یصدر الأمر بالهجوم علیهم.

ولمّا کان هذا الحکم سنّة إلهیّة، فإنّه سوف لا یتغیّر ولا یتبدّل أبداً، حیث إنّ سنّة الله ثابتة (ولن تجد لسنّة الله تبدیل).

إنّ هذا التعبیر یجسّد کون هذا التهدید حقیقیاً وجدیاً، لیعلموا أنّ هذا المطلب والمصیر حتمی، وله جذوره ونظائره فی التاریخ، ولا سبیل إلى تغییره وتبدیله، فإمّا أن ینتهوا عن أعمالهم المخزیة، أو أن ینتظروا هذا المصیر المؤلم.


1. لسان العرب، مجمع البحرین، مفردات الراغب، القطر المحیط، وتاج العروس.
2. کان لنا بحث حول فلسفة الحجاب وأهمیّته، وکذلک حول استثناء الوجه والکفّین فی ذیل الآیتین 31 و32 من سورة النور.
3. (قلیل) هنا مستثنى من محذوف، والتقدیر: (لا یجاورونک زماناً إلاّ زماناً قلیلا).
سبب النّزول1ـ إبدأ بنفسک!
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma