شرط الإمامة: الصبر والإیمان!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 10
سورة السجدة / الآیة 23 ـ 25 صمود واستقامة القادة الإلهیین:

تشیر الآیات مورد البحث إشارة قصیرة وعابرة إلى قصّة «موسى(علیه السلام)» وبنی إسرائیل لتسلّی نبیّ الإسلام(صلى الله علیه وآله) والمؤمنین الأوائل وتطیّب خواطرهم، وتدعوهم إلى الصبر والتحمّل والثبات أمام تکذیب وإنکار المشرکین التی اُشیر إلیها فی الآیات السابقة، ولتکون بشارة للمؤمنین بانتصارهم على القوم الکافرین العنودین کما انتصر بنو إسرائیل على أعدائهم وأصبحوا أئمّة فی الأرض.

ولمّا کان موسى(علیه السلام) نبیّاً جلیلا یؤمن به کلّ من الیهود والنصارى، فإنّه یکون حافزاً على توجّه أهل الکتاب نحو القرآن والإسلام.

تقول الآیة أوّلا: (ولقد آتینا موسى الکتاب فلا تکن فی مریة من لقائه) أی فلا تشکّ أو تتردّد فی أنّ «موسى» قد تلقّى آیات الله، وقد جعلنا کتاب موسى «التوراة» وسیلة لهدایة بنی إسرائیل (وجعلناه هدىً لبنی إسرائیل).

ثمّة اختلاف بین المفسّرین فی عودة الضمیر فی قوله: (من لقائه)، وقد احتملوا فی ذلک سبعة احتمالات أو أکثر، إلاّ أنّ أقربها هو عودته إلى الکتاب ـ کتاب موسى السماوی، أی «التوراة» ـ کما یبدو، وله معنى المفعول وفاعله موسى، وبناءً على هذا فإنّ المعنى الکلّی لهذه الجملة یصبح: لا تشکّ فی أنّ موسى(علیه السلام) تلقّى الکتاب السماوی الذی اُلقی إلیه من قبل الله تعالى.

والشاهد القویّ على هذا التّفسیر هو أنّه قد وردت فی الآیة أعلاه ثلاث جمل، تتحدّث الجملتین الاُولى والأخیرة عن التوراة قطعاً، فمن المناسب أن تتابع الجملة الوسط هذا المعنى أیضاً، لا أن تتحدّث عن القیامة أو القرآن المجید حیث ستکون جملة معترضة فی هذه الصورة، ونعلم أنّ الجملة المعترضة خلاف الظاهر، وما دمنا فی غنىً عنها فلا ینبغی التوجّه إلیها.

السؤال الوحید الذی یبقى فی هذا التّفسیر هو استعمال کلمة (لقاء) فی مورد الکتاب السماوی، حیث إنّ هذه الکلمة قد استعملت فی القرآن الکریم غالباً بإضافتها إلى الله أو الربّ أو الآخرة وأمثالها، وهی إشارة إلى القیامة، ولهذا السبب رجّح البعض کون الآیة أعلاه تتحدّث أوّلا عن نزول التوراة على موسى، ثمّ تأمر نبیّ الإسلام (صلى الله علیه وآله) أن لا یشکّ فی لقاء الله ومسألة المعاد، ثمّ تعود إلى مسألة التوراة، لکن فی هذه الصورة ینهار الإنسجام بین جمل هذه الآیة ویزول التناسب فیما بینها.

غیر أنّه ینبغی الإلتفات إلى أنّ تعبیر «لقاء» وإن لم یستعمل فی القرآن فی مورد الکتب السماویة، إلاّ أنّ الإلقاء والتلقّی قد استعمل مراراً فی هذا المعنى، کما فی الآیة 25 من سورة القمر: (أاُلقی الذکر علیه من بینن).

ونقرأ فی قصّة سلیمان وملکة سبأ أنّها قالت عندما وصلتها رسالة سلیمان: (إنّی اُلقى إلیّ کتاب کریم).(1)

وفی نفس هذه السورة «سورة سلیمان» فی الآیة 6 نقرأ فی شأن القرآن الکریم (وإنّک لتلقّى القرآن من لدن حکیم علیم).

بناءً على هذا فإنّ فعل الإلقاء والتلقّی قد استعمل مراراً فی هذا المورد، بل وحتى نفس فعل اللقاء قد استعمل فی مورد صحیفة أعمال الإنسان، فنقرأ فی الآیة 13 من سورة الإسراء: (ونخرج له یوم القیامة کتاباً یلقاه منشور).

ومن مجموع ما قلناه یتّضح ترجیح هذا التّفسیر على سائر الاحتمالات التی احتملت فی الآیة أعلاه(2).

لکن ینبغی الإلتفات إلى أنّ النّبی(صلى الله علیه وآله) لم یشکّ فی مثل هذه المسائل مطلقاً، بل إنّ مثل هذه التعبیرات تستعمل عادةً لتأکید المطلب، ولیکون نموذجاً للآخرین.

ثمّ تشیر الآیة التالیة إلى الأوسمة والمفاخر التی حصل علیها بنو إسرائیل فی ظلّ الإستقامة والإیمان لتکون درساً للآخرین، فتقول: (وجعلنا منهم أئمّة یهدون بأمرنا لمّا صبروا وکانوا بآیاتنا یوقنون).

لقد ذکرت الآیة هنا شرطین للإمامة: أحدهما: الإیمان والیقین بآیات الله عزّوجلّ، والثانی: الصبر والإستقامة والصمود. وهذا الأمر لیس مختصّاً ببنی إسرائیل، بل هو درس لکلّ الاُمم، ولجمیع مسلمی الأمس والیوم والغد بأن یُحکموا اُسس یقینهم، ولا یخافوا من المشاکل التی تعترضهم فی طریق التوحید، وأن یتحلّوا بالصبر والمقاومة لیکونوا أئمّة الخلق وقادة الاُمم ومرشدیها فی تاریخ العالم.

التعبیر بـ (یهدون) و(یوقنون) بصیغة الفعل المضارع دلیل على استمرار هاتین الصفتین طیلة حیاة هؤلاء، لأنّ مسألة القیادة لا تخلو لحظة من المشکلات، ویواجه شخص القائد وإمام الناس مشکلة جدیدة فی کلّ خطوة، ویجب أن یهبّ لمواجهتها مستعیناً بقوّة الیقین والإستقامة المستمرّة، ویدیم خطّ الهدایة إلى الله سبحانه.

والجدیر بالإنتباه أنّ الآیة تقیّد الهدایة بأمر الله، فتقول: (یهدون بأمرن)وهذا هو المهمّ فی أمر الهدایة بأن تنبع من الأوامر الإلهیة، لا من أمر الناس، أو تقلید هذا وذاک، أو بأمر من النفس والمیول القلبیة.

یقول الإمام الصادق(علیه السلام) فی حدیثه العمیق المحتوى، بالإستناد إلى مضامین القرآن المجید: «إنّ الأئمّة فی کتاب الله عزّوجلّ إمامان: قال الله تبارک وتعالى: وجعلناهم أئمّة یهدون بأمرنا، لا بأمر الناس، یقدّمون أمر الله قبل أمرهم، وحکم الله قبل حکمهم، وقال: وجعلناهم أئمّة یدعون إلى النار، یقدّمون أمرهم قبل أمر الله، وحکمهم قبل حکم الله، ویأخذون بأهوائهم خلاف ما فی کتاب الله عزّوجلّ»(3).

ثمّ إنّ المراد من الأمر هنا هل هو الأمر التشریعی، أم الأمر التکوینی؟ ظاهر الآیة یعطی المعنى الأوّل، وتعبیرات الرّوایات والمفسّرین تؤیّد ذلک، إلاّ أنّ بعض کبار المفسّرین اعتبروه بمعنى الأمر التکوینی.

وتوضیح ذلک: أنّ الهدایة قد وردت فی الآیات والروایات بمعنیین: «تبیان الطریق»، و«الإیصال إلى المطلوب»، وکذلک هدایة الأئمّة الإلهیین تتّخذ صورتین: فیکتفون أحیاناً بالأمر والنهی، وأحیاناً اُخرى ینفذون إلى أعماق القلوب المستعدّة والجدیرة بالهدایة لیوصلوها إلى الأهداف التربویة والمقامات المعنویة.

وقد استعملت کلمة «الأمر» فی بعض آیات القرآن بمعنى «الأمر التکوینی»، مثل: (إنّما أمره إذا أردا شیئاً أن یقول له کن فیکون)(4)، وجملة (یهدون بأمرن) فی الآیة مورد البحث إشارة إلى هذا المعنى أیضاً، أی إنّ اُولئک کانوا أئمّة ینفذون إلى النفوس المستعدّة بقدرة الله، ویسوقونها إلى الأهداف التربویة والإنسانیة العالیة(5).

إنّ هذا المعنى یستحقّ الملاحظة والإنتباه، وهو أحد شؤون الإمامة، وفروع وطرق الهدایة، إلاّ أنّ حصر جملة: (یهدون بأمرن)بهذا المعنى لا یوافق ظاهر الآیة، لکن لا مانع من أن نفسّر کلمة الأمر فی هذه الجملة بمعناها الواسع الذی یتضمّن الأمر التکوینی والتشریعی، ویجمع کلا معنیی الهدایة فی الآیة، وهذا المعنى ینسجم مع بعض الأحادیث الواردة فی تفسیر هذه الآیة.

ولکن، وعلى کلّ حال، لا یمکن أن یصل الإمام والهادی إلى هذا المقام إلاّ فی ظلّ الیقین والاستقامة فقط.

ویبقى سؤال، وهو: هل المراد من هؤلاء الأئمّة فی بنی إسرائیل هم الأنبیاء الذین بُعثوا إلیهم، أم أنّ العلماء الذین کانوا یهدون الناس إلى الخیرات بأمر الله یدخلون فی هذه الزمرة؟

الآیة ساکتة عن ذلک، واکتفت بالقول بأنّنا قد جعلنا منهم أئمّة، لکن بملاحظة جملة: (جعلن) یرجّح فی رأینا أنّ المراد هم الأنبیاء الذین نصبوا بأمر الله فی هذا المنصب.

ولمّا کان بنو إسرائیل ـ کسائر الاُمم ـ قد اختلفوا بعد هؤلاء الأئمّة الحقیقیین، وسلکوا مسالک مختلفة، فإنّ الآیة الأخیرة من الآیات مورد البحث تقول بلحن التهدید: (إنّ ربّک هو یفصل بینهم یوم القیامة فیما کانوا فیه یختلفون).

أجل... إنّ مصدر ومنبع الاختلاف دائماً هو مزج الحقّ بالأهواء والمیول، ولمّا کانت القیامة یوماً لا معنى فیه للأهواء والمیول، حیث تمحى ویتجلّى الحقّ بأجلى صوره، فهناک ینهی الله سبحانه الاختلافات بأمره، وهذه أیضاً إحدى فلسفات المعاد. تأمّلوا ذلک.


1. النمل، 29.
2. ذهب بعض المفسّرین إلى أنّ مرجع الضمیر فی (لقائه) إلى موسى، وبناءً على هذا یصبح المعنى: لا شکّ یامحمّد بأنّک ستلتقی بموسى، واعتبروا ذلک إشارة إلى لقائه به فی لیلة المعراج أو فی یوم القیامة. وهذا المعنى لا یبدو منسجماً مع مفهوم الجملة.
وقال البعض الآخر: إنّ الضمیر یرجع إلى الکتاب، والمراد منه القرآن، أی: لا تدع أیّها النّبی للشکّ فی أنّ هذا القرآن وحی إلهی إلى نفسک سبیلا، وهذا المعنى وإن کان یتلائم مع آیات بدایة السورة، إلاّ أنّه لا یتلاءم کثیراً مع الجمل الاُخرى الموجودة فی نفس هذه الآیة. إضافة إلى أنّ الکتاب فی الآیة مورد البحث بمعنى التوراة، فلا ینسجم معه عود الضمیر إلى القرآن ـ وتوجیه هذا المعنى بأنّ المراد مطلق الکتاب السماوی لا یقلّل من کونه خلاف الظاهر.
وقال بعض المفسّرین: إنّ الضمیر فی (لقائه) یعود إلى الله، وهذه الجملة إشارة إلى أنّه لا شکّ أبداً فی مسألة المعاد، وهذا المعنى وإن کان یتّفق وینسجم مع الآیات السابقة، إلاّ أنّه لا یتلاءم من أی وجه تقریباً مع نفس الآیة مورد البحث.
ومن هنا یتّضح أنّ ما ورد فی بعض التفاسیر من أنّ الآیة إشارة إلى التقاء خطّی وبرنامجی موسى ونبی الإسلام، مطلب ذوقی لا یناسب المفهوم الواقعی لألفاظ الآیة، وبناءً على هذا فإنّ أوضح التفاسیر وأجلاها ما أوردناه أعلاه.
3. أصول الکافی، ج 1، ص 168، (باب أنّ الأئمّة فی کتاب الله إمامان).
4. یس، 82.
5. تفسیر المیزان، ج 1، ص 275.
سورة السجدة / الآیة 23 ـ 25 صمود واستقامة القادة الإلهیین:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma