فئة المعوّقین:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 10
سورة الأحزاب / الآیة 18 ـ 20 سورة الأحزاب / الآیة 21 ـ 25

أشارت هذه الآیات إلى وضع فئة اُخرى من المنافقین الذین اعتزلوا حرب الأحزاب، وکانوا یدعون الآخرین أیضاً إلى اعتزال القتال، فقالت: (قد یعلم الله المعوّقین منکم والقائلین لإخوانهم هلمّ إلینا ولا یأتون البأس إلاّ قلیل).

«المعوّقین» من مادّة (عوق) على زنة (شوق) تعنی منع الشیء ومحاولة صرف الآخرین عنه، و«البأس» فی الأصل یعنی (الشدّة)، والمراد منه هنا الحرب.

ویحتمل أن تکون الآیة أعلاه مشیرة إلى فئتین: فئة من المنافقین الذین کانوا بین صفوف المسلمین ـ وتعبیر (منکم) شاهد على هذا ـ وکانوا یسعون إلى صرف ضعاف الإیمان من المسلمین عن الحرب، وهؤلاء هم «المعوّقون».

والفئة الاُخرى هم (المنافقون أو الیهود) الذین تنحّوا جانباً، وعندما کانوا یلتقون بجنود النّبی(صلى الله علیه وآله) کانوا یقولون: هلمّ إلینا وتنحّوا عن القتال، وهؤلاء هم الذین أشارت إلیهم الجملة الثّانیة.

ویحتمل أن تکون هذه الآیة بیاناً لحالتین مختلفتین لفئة واحدة، وهم الذین یعوّقون الناس عن الحرب عندما یکونون بینهم، وعندما یعتزلونهم یدعون الناس إلیهم.

ونقرأ فی روایة: أنّ أحد أصحاب النّبی(صلى الله علیه وآله) جاء من میدان حرب الأحزاب إلى داخل المدینة لحاجة، فرأى أخاه قد وضع أمامه الخبز واللحم المشوی والشراب، فقال له: أنت فی هذه الحال تلتذّ ورسول الله مشغول بالحرب، وهو بین الأسنّة والسیوف؟! فقال أخوه: یاأحمق! ابق معنا وشارکنا مجلسنا، فوالذی یحلف به محمّد إنّه لن یرجع من هذه المعرکة! وسوف لن یدع هذا الجیش العظیم الذی اجتمع علیه محمّداً وأصحابه أحیاء!

فقال له الأوّل: أنت تکذب، واُقسم بالله لأذهبنّ إلى رسول الله(صلى الله علیه وآله) وأخبره بما قلت، فجاء إلى النّبی(صلى الله علیه وآله) وأخبره بما جرى، فنزلت الآیة.

وبناءً على سبب النّزول هذا، فإنّ کلمة (إخوانهم) وردت هنا بمعنى الإخوة الحقیقیین، أو بمعنى أصحاب المذهب والمسلک الواحد، کما سمّت الآیة 27 سورة الإسراء المبذّرین إخوان الشیاطین: (إنّ المبذّرین کانوا إخوان الشیاطین).

وتضیف الآیة التالیة: إنّ الدافع لکلّ تلک العراقیل التی وضعوها أمامکم هو أنّهم بخلاء: (أشحّة علیکم)(1) لا فی بذل الأرواح فی ساحة الحرب، بل هم بخلاء حتى فی المعونات المادیّة لتهیئة مستلزمات الحرب، وفی المعونة البدنیة فی حفر الخندق، بل ویبخلون حتى فی المساعدة الفکریة، بخلا یقترن بالحرص المتزاید یومیاً!

وبعد تبیان بخل هؤلاء وامتناعهم عن أیّ نوع من المساعدة والإیثار، تتطرّق الآیة إلى بیان صفات اُخرى لهم، والتی لها صفة العموم فی کلّ المنافقین، وفی کلّ العصور والقرون، فتقول: (فإذا جاء الخوف رأیتهم ینظرون إلیک تدور أعینهم کالذی یغشى علیه من الموت).

فلأنّهم لما لم یذوقوا طعم الإیمان الحقیقی، ولم یستندوا إلى عماد قویّ فی الحیاة، فإنّهم یفقدون السیطرة على أنفسهم تماماً عندما یواجهون حادثاً صعباً ومأزقاً حرجاً، وکأنّهم یواجهون الموت.

ثمّ تضیف الآیة: (فإذا ذهب الخوف سلقوکم بألسنة حداد أشحّة على الخیر) فیأتون إلیکم کأنّهم هم الفاتحون الأصلیون والمتحمّلون أعباء الحرب، فیعربدون ویطلبون سهمهم من الغنائم، وهم کانوا أبخل من الجمیع فی المشارکة فی الحرب والثبات فیها.

«سلقوکم» من مادّة (سَلْق)، وهی فی الأصل بمعنى فتح الشیء بعصبیة وغضب، سواء کان هذا الفتح بالید أو اللسان، وهذا التعبیر یستعمل فی شأن من یطلب الشیء بالزجر واُسلوب الأمر. و«الألسنة الحداد» تعنی الألسنة الجارحة المؤذیة، وهی هنا کنایة عن الخشونة فی الکلام.

وتشیر الآیة فی النهایة إلى آخر صفة لهؤلاء، والتی هی فی الواقع أساس کلّ شقائهم وتعاستهم، فقالت: (اُولئک لم یؤمنوا فأحبط الله أعمالهم) لأنّها لم تکن منبعثة عن الإخلاص والدافع الدینی الإلهی: (وکان ذلک على الله یسیر).

وممّا مرّ نخلص إلى هذه النتیجة، وهی: أنّ المعوّقین کانوا منافقین یتمیّزون بالصفات التالیة:

أنّهم لم یکونوا أهل حرب أبداً، إلاّ بنسبة قلیلة جدّاً.

لم یکونوا من أهل التضحیة والإیثار سواء بالمال والنفس، ولم یکونوا یتحمّلون أقلّ المصاعب والمتاعب.

کانوا یفقدون توازنهم وشخصیتهم فی اللحظات الحرجة العاصفة من شدّة الخوف.

یظنّون أنّهم سبب کلّ الإنتصارات، ولهم کلّ الفخر عند الإنتصار.

أنّهم کانوا اُناساً بلا إیمان، ولم یکن لأعمالهم أیّة قیمة عند الله تعالى.

وهذه الصفات هی التی تعرّفنا بالمنافقین فی کلّ عصر وزمان، وفی کلّ مجتمع وفئة.

وهذا الوصف الدقیق الذی وصفهم القرآن به یمکن من خلاله معرفة من یشارکهم فی الفکر والسلوک، وکم نرى باُمّ أعیننا فی عصرنا من أمثالهم!!

وتجسّد الآیة التالیة بتصویر أبلغ جبن وخوف هذه الفئة، فتقول: (یحسبون الأحزاب لم یذهبو) من شدّة خوفهم ورعبهم، فقد خیّم علیهم کابوس مخیف، فکأنّ جنود الکفر یمرّون دائماً أمام أعینهم وقد سلّوا السیوف ومالوا علیهم بالرماح!

إنّ هؤلاء المحاربین الجبناء، والمنافقین خائری القلوب والقوى یخافون حتى من ظلالهم، وینطوون على أنفسهم من الخوف لدى سماع صهیل الخیل ورغاء البعیر، ظنّاً أنّ جیوش الأحزاب قد عادت!

ثمّ تضیف الآیة: (وإن یأت الأحزاب یودّوا لو أنّهم بادون فی الأعراب) أی منتشرون فی الصحراء بین أعراب البادیة، فیختفون هناک ویتتبّعون أخبارکم(یسألون عن أنبائکم)فیسألون لحظة بلحظة من کلّ مسافر آخر الأخبار لئلاّ تکون الأحزاب قد اقتربت منهم، وهم مع ذلک یمنّون علیکم بأنّهم کانوا یتابعون أخبارکم دائماً!!

وتضیف الآیة فی آخر جملة: وعلى فرض أنّهم لم ینهزموا ویفرّوا من المیدان، بل بقوا معکم: (ولو کانوا فیکم ما قاتلوا إلاّ قلیل).

فلا تحزنوا وتقلقوا لذهابهم، ولا تفرحوا بوجودهم بینکم، فإنّهم اُناس لا قیمة لهم ولا صفة تحمد، وعدمهم أفضل من وجودهم!

وحتى هذا القدر المختصر من العمل لم یکن لله أیضاً، بل هو نتیجة الخوف من ملامة وتقریع الناس، وللتظاهر والریاء، لأنّه لو کان لله لکانوا یقفون ویثبتون فی ساحة الحرب ما دام فیهم عرق ینبض.


1. «أشحّة» جمع شحیح، من مادّة «الشحّ» ، أی البخل المقترن بالحرص، ومحلّ الکلمة من الإعراب هنا برأی أکثر المفسّرین (حال)، لکن ذلک لا ینافی أن تکون حالا فی مقام بیان العلّة. تأمّلوا ذلک.
سورة الأحزاب / الآیة 18 ـ 20 سورة الأحزاب / الآیة 21 ـ 25
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma