الغناء أحد مکائد الشیاطین الکبیرة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 10
سبب النّزول1ـ تحریم الغناء

الکلام فی هذه الآیات عن جماعة یقعون تماماً فی الطرف المقابل لجماعة المحسنین والمؤمنین الذین ذکروا فی الآیات السابقة.

الکلام والحدیث هنا عن جماعة یستخدمون طاقاتهم من أجل بثّ اللاهدفیة وإضلال المجتمع، ویشترون شقاء وبؤس دنیاهم وآخرتهم! فتقول أوّلا: (ومن النّاس من یشتری لهو الحدیث لیضلّ عن سبیل الله بغیر علم ویتّخذها هزو)(1) ثمّ تضیف أخیراً: (اُولئک لهم عذاب مهین).

إنّ شراء لهو الحدیث والکلام الأجوف إمّا أن یتمّ عن طریق دفع المال فی مقابل سماع الخرافات والأساطیر، کما قرأنا ذلک فی قصّة النضر بن الحارث.

أو أن یکون عن طریق شراء المغنّیات لعقد مجالس اللهو والباطل والغناء، أو صرف المال بأیّ شکل کان وفی أی طریق للوصول إلى هذا الهدف غیر المشروع، أی لهو الحدیث والکلام الفارغ.

والعجیب أنّ عمی القلوب هؤلاء، کانوا یشترون الکلام الباطل واللهو بأغلى القیم والأثمان، ویعرضون عن الآیات الإلهیّة والحکمة التی منحهم الله إیّاها مجّاناً!

ویحتمل أیضاً أن یکون للشراء هنا معنى کنائی، والمراد منه کلّ أنواع السعی للوصول إلى هذه الغایة.

وأمّا (لهو الحدیث) فإنّ له معنىً واسعاً یشمل کلّ نوع من الکلام أو الموسیقى أو الترجیع الذی یؤدّی إلى اللهو والغفلة، ویجرّ الإنسان إلى اللاهدفیّة أو الضلال، سواء کان من قبیل الغناء والألحان والموسیقى المهیّجة المثیرة للشهوة والغرائز والمیول الشیطانیة، أو الکلام الذی یسوق الإنسان إلى الفساد عن طریق محتواه ومضامینه، وقد یکون عن کلا الطریقین کما هو الحال فی أشعار وتألیفات المغنّین الغرامیّة العادیّة المضلّلة فی محتواها وألحانها.

أو یکون کالقصص الخرافیة والأساطیر التی تؤدّی إلى إنحراف الناس عن الصراط المستقیم.

أو یکون کلام الإستهزاء والسخریة الذی یطلق بهدف محو الحقّ وتضعیف اُسس ودعائم الإیمان، کالذی ینقلونه عن أبی جهل أنّه کان یقف على قریش ویقول: أتریدون أن اُطعمکم من الزقّوم الذی یتهدّدنا به محمّد؟ ثمّ یبعث فیحضرون الزبد والتمر، فکان یقول: هذا هو الزقّوم! وبهذا الاُسلوب کان یستهزیء بآیات الله.

وعلى کلّ حال، فإنّ للهو الحدیث معنىً واسعاً یتضمّن کلّ هذه المعانی وأمثالها، وإذا أشارت الروایات الإسلامیة وکلمات المفسّرین إلى إحداها، فإنّ ذلک لا یدلّ مطلقاً على انحصار معنى الآیة فیه.

وتلاحظ فی الرّوایات الواردة عن أهل البیت(علیهم السلام) تعبیرات تبیّن سعة معنى هذه الکلمة، ومن جملتها ما نراه فی حدیث عن الإمام الصادق(علیه السلام): «الغناء مجلس لا ینظر الله إلى أهله، وهو ممّا قال الله عزّوجلّ: (ومن النّاس من یشتری لهو الحدیث لیضلّ عن سبیل الله)»(2).

والتعبیر بـ (لهو الحدیث) بدلا من (حدیث اللهو) ربّما کان إشارة إلى أنّ الهدف الأساس لهؤلاء هو اللهو والعبث، والکلام والحدیث وسیلة للوصول إلیه.

ولجملة (لیضلّ عن سبیل الله) مفهوم واسع أیضاً، یشمل الإضلال العقائدی، کما قرأنا ذلک فی قصّة النضر بن الحارث وأبی جهل، وکذلک یشمل الإفساد الأخلاقی کما جاء فی أحادیث الغناء.

والتعبیر بـ (بغیر علم) إشارة إلى أنّ هذه الجماعة الضالّة المنحرفة لا تؤمن حتى بمذهبها الباطل، بل یتّبعون الجهل والتقلید الأعمى لا غیر، فإنّهم جهلاء یورطون ویشغلون الآخرین بجهلهم.

هذا إذا إعتبرنا (بغیر علم) وصفاً للمضلّین، إلاّ أنّ بعض المفسّرین اعتبر هذا التعبیر وصفاً للضالّین، أی أنّهم یجرّون الناس الجهلة إلى وادی الانحراف والباطل دون أن یعلموا بذلک لجهلهم.

إنّ هؤلاء المغفّلین قد یتمادون فی غیّهم فلا یقنعون بلهو هذه المسائل، بل إنّهم یجعلون کلامهم الأجوف ولهو حدیثهم وسیلة للاستهزاء بآیات الله، وهذا هو الذی أشارت إلیه نهایة الآیة حیث تقول: (ویتّخذها هزو).

أمّا وصف العذاب بـ (المهین) فلأنّ العقوبة متناغمة مع الذنب، فإنّ هؤلاء قد استهزؤوا بآیات الله وأهانوها، ولذلک فإنّ الله سبحانه قد أعدّ لهم عذاباً مهیناً، إضافة إلى کونه ألیماً.

وأشارت الآیة التالیة إلى ردّ فعل هذه الفئة أمام آیات الله، وتوحی بالمقارنة بردّ فعلهم تجاه لهو الحدیث، فتقول: (وإذا تتلى علیه آیاتنا ولّى مستکبراً کأن لم یسمعها کأنّ فی اُذنیه وقر) أی ثقلا یمنعه من السماع.

ثمّ تذکر أخیراً عقاب مثل هؤلاء الأفراد الألیم فتقول: (فبشّره بعذاب ألیم).

إنّ التعبیر بـ (ولّى مستکبر) إشارة إلى أنّ إعراضه لم یکن نابعاً من تضرّر مصالحه الدنیویّة والحدّ من رغباته وشهواته فحسب، بل إنّ الأمر أکبر من ذلک، فإنّ فیه دافع التکبّر أمام عظمة الله وآیاته، وهو أعظم ذنب فیه.

والرائع فی تعبیر الآیة أنّها تقول أوّلا: إنّه لم یعبأ بآیات الله کأنّه لم یسمعها قطّ، ویمرّ علیها دون إکتراث بها، ثمّ تضیف: بل کأنّه أصمّ لا یسمع أیّ کلام قطّ!

إنّ جزاء مثل هؤلاء الأفراد یناسب أعمالهم، فکما أنّ أعمالهم کانت مؤلمة ومؤذیة لأهل الحقّ، فإنّ الله سبحانه قد جعل عقابهم وعذابهم ألیماً أیضاً.

وینبغی الإلتفات إلى أنّ تعبیر (بشّر) فی مورد العذاب الإلهی الألیم، یتناسب مع عمل المستکبرین الذین کانوا یتّخذون آیات الله هزواً، والتشبّه بصفات أبی جهل، حیث کانوا یفسّرون «زقّوم جهنّم» بالزبد والتمر!

ثمّ تعود الآیات التالیة إلى شرح وتبیان حال المؤمنین الحقیقیّین، وقد بدأت السورة فی مقارنتها هذه بذکر حالهم أوّلا ثمّ ختمت به فی نهایة هذا المقطع أیضاً، فتقول: (إنّ الّذین آمنوا وعملوا الصّالحات لهم جنّات النّعیم).

أجل، إنّ هذه الفئة على عکس المستکبرین والضالّین المضلّین الذین لا یرون آثار قدرة الله فی عالم الوجود، ولا یصغون إلى کلام أنبیاء الله.

إنّ هؤلاء یؤمنون بحکم العقل الواعی، والعین البصیرة، والاُذن السامعة التی منحهم الله إیّاها، یؤمنون بآیات الله ویعملون بها صالحاً، فما أجدر أن یکون لاُولئک العذاب الألیم، ولهؤلاء جنّات النعیم!

والأهمّ من ذلک أنّ هذه الجنان الوافرة النعم خالدة لهؤلاء (خالدین فیها وعد الله حقّ)والله سبحانه لا یعد کذباً، ولیس عاجزاً عن الوفاء بوعوده (وهو العزیز الحکیم).

وثمّة مسألة تستحقّ الدقّة، وهی أنّه قد ورد العذاب فی حقّ المستکبرین بصیغة المفرد، وفی شأن المؤمنین الذین یعملون الصالحات جاءت «الجنّات» بصیغة الجمع، وذلک لأنّ رحمة الله عزّوجلّ وسعت غضبه.

والتأکید على الخلود ووعد الله الحقّ، تأکید أیضاً على سعة هذه الرحمة، وتفوّقها على الغضب.

وللنعیم معنىً واسع یشمل کلّ أنواع النعم المادیّة والمعنویة، وحتى النعم التی لا یمکن أن ندرکها، فنحن اُسارى شهوات البدن فی هذه الدنیا، والراغب فی (مفرداته) یقول: النعیم: النعمة الکثیرة.


1. ضمیر (یتّخذه) یعود إلى (آیات الکتاب) التی وردت فی الآیات السابقة. واحتمل البعض أنّه یعود إلى (السبیل)، لأنّ کلمة (السبیل) قد وردت فی آیات القرآن بصیغة المذکّر تارةً، وبصیغة المؤنث تارةً اُخرى.
2. وسائل الشیعة، ج 12، ص 228 (باب تحریم الغناء) و(ج 17، ص 307، طبعة آل البیت).
سبب النّزول1ـ تحریم الغناء
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma