تحیّة الله والملائکة فرج للمؤمنین:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 10
سورة الأحزاب / الآیة 41 ـ 44 1ـ ذکر الله على کلّ حال

لمّا کان الکلام فی الآیات السابقة عن مسؤولیات نبیّ الإسلام(صلى الله علیه وآله) وواجباته الثقیلة الملقاة على عاتقه، فإنّ الآیات مورد البحث تبیّن جانباً من وظائف المؤمنین من أجل تهیئة الأرضیة اللازمة لهذا التبلیغ، وتوسعة أطرافه فی جمیع الأبعاد، فوجّهت الخطاب إلیهم جمیعاً وقالت: (یاأیّها الذین آمنوا اذکروا الله ذکراً کثیر) ونزّهوه صباحاً ومساءاً (وسبّحوه بکرةً وأصیل).

أجل... لمّا کانت عوامل الغفلة فی الحیاة المادیة کثیرة جدّاً، وسهام وسوسة الشیاطین ترمى من کلّ جانب صوب الإنسان، فلا طریق لمحاربتها إلاّ بذکر الله الکثیر.

إنّ «الذکر الکثیر» ـ بالمعنى الواقعی للکلمة ـ یعنی التوجّه إلى الله سبحانه بکلّ الوجود، لا بلقلقة اللسان وحسب.

«الذکر الکثیر» هو الذی یقذف النور فی کلّ أعمال الإنسان، ویغمرها بالضیاء، ولهذا فإنّ القرآن أمر کلّ المؤمنین فی هذه الآیة أن یذکروا الله على کلّ حال:

فاذکروه أثناء العبادة، فاحضروا قلوبکم وأخلصوا فیها.

واذکروه عند إقدامکم على المعصیة وتجنّبوها وإذا ما بدرت منکم عثرة وهفوة فبادروا إلى التوبة، وارجعوا إلى طریق الحقّ.

واذکروه عند النعم واشکروه علیها.

واذکروه عند البلایا والمصائب واصبروا علیها وتحمّلوها.

والخلاصة: لا تنسوا ذکره فی کلّ مشهد من مشاهد الحیاة والإبتعاد عن سخطه، والتقرّب لما یجلب رضاه.

ونطالع فی حدیث مروی فی «سنن الترمذی» و«مسند أحمد» عن أبی سعید الخدری عن النّبی الأکرم(صلى الله علیه وآله): أنّه سئل: أی العباد أفضل درجة عند الله یوم القیامة؟ فقال: «الذاکرون الله کثیراً».

قال أبو سعید: فقلت: یارسول الله، ومن الغازی فی سبیل الله؟! قال: «لو ضرب بسیفه فی الکفّار والمشرکین حتى ینکسر ویختضب دماً لکان الذاکرون أفضل درجة منه»(1)، وذلک لأنّ الجهاد المخلص لا یمکن أن یتمّ بدون ذکر الله الکثیر.

ومن هنا یعلم أنّ للذکر الکثیر معنىً واسعاً، وإذا ما فسّر فی بعض الرّوایات بتسبیح فاطمة(علیها السلام) ـ وهو 34 مرّة (الله أکبر) و33 مرّة (الحمد لله) و33 مرّة (سبحان الله) ـ وفی کلمات بعض المفسّرین بذکر الصفات العلیا والأسماء الحسنى، وتنزیه الله سبحانه عمّا لا یلیق به، فإنّ کلّ ذلک من باب ذکر المصداق الواضح، لا تحدید المعنى بخصوص هذه المصادیق.

وکما یظهر بوضوح من سیاق الآیات، فإنّ المراد من «تسبیح الله» فی کلّ غداة وعشی هو استمرار التسبیح، وذکر هذین الوقتین بالخصوص باعتبارهما بدایة الیوم ونهایته، وما فسّرهما به البعض من أنّ المراد صلاتی الصبح والعصر، أو أمثال ذلک، فهو من قبیل ذکر المصداق أیضاً.

لهذا فإنّ ذکر الله الکثیر، وتسبیحه بکرةً وأصیلا لا یحصل إلاّ باستمرار التوجّه إلى الله، وتنزیهه عن کلّ عیب ونقص، وتقدیسه المتّصل، فذکر الله غذاء لروح الإنسان کما أنّ الطعام والشراب غذاء للبدن.

وجاء فی الآیة 28 من سورة الرعد (ألا بذکر الله تطمئن القلوب) ونتیجة هذا الإطمئنان القلبی هو ما ورد فی الآیات 27 ـ 30 من سورة الفجر، حیث تقول: (یاأیّتها النفس المطمئنة ارجعی إلى ربّک راضیةً مرضیّة فادخلی فی عبادی وادخلی جنّتی).

والآیة التالیة بمثابة نتیجة وعلّة غائیّة للتسبیح فی الواقع، فهی تقول: (هو الذی یصلّی علیکم وملائکته لیخرجکم من الظلمات إلى النور) أی من ظلمات الشرک والکفر والجهل إلى نور الإیمان والعلم والتقوى (وکان بالمؤمنین رحیم) وبسبب هذه الرحمة کتب على نفسه هدایة البشر وإرشادهم، وأمر ملائکته أن تعینهم فی ذلک.

«یصلّی» من مادة (صلاة) وهی هنا تعنی الرعایة والعنایة الخاصّة، وهذه العنایة بالنسبة لله تعنی نزول الرحمة، وبالنسبة للملائکة تعنی الاستغفار وطلب الرحمة، کما نقرأ ذلک فی الآیة 7 من سورة غافر: (ویستغفرون للذین آمنو).

وعلى أیّة حال، فإنّ هذه الآیة تتضمّن بشارة عظیمة للمؤمنین الذاکرین الله على الدوام، فهی تقول بصراحة: إنّ هؤلاء لیسوا وحدهم فی سیرهم إلى الله، بل إنّهم ـ بمقتضى (یصلّی) وهو فعل مضارع یدلّ على الاستمرار ـ یسیرون فی ظلّ رحمة الله وملائکته، وفی ظلّ هذه الرحمة تزاح حجب الظلمة، ویغمر قلوبهم وأرواحهم نور العلم والحکمة والإیمان والتقوى.

نعم... إنّ هذه الآیة بشارة کبرى لکلّ سالکی طریق الحقّ بأنّ هناک جاذبیة قویة من جانب المعشوق تجذب العاشق إلیها لینتهی سعی هذا العاشق الصبّ إلى نتیجة ولا یذهب سدى!

إنّ هذه الآیة ضمان لکلّ المجاهدین فی سبیل الله أن لا ینالهم قَسَم الشیطان على إغواء بنی آدم، لأنّهم فی زمرة المخلِصین المخلَصین، وقد أظهر الشیطان عجزه عن إضلال هذه الزمرة منذ الوهلة الاُولى فقال: (فبعزّتک لأغوینّهم أجمعین * إلاّ عبادک منهم المخلصین).(2)

إنّ جملة (وکان بالمؤمنین رحیم) وبملاحظة أنّ (کان) فعل ماض یدلّ على أنّ الله کان رحیماً بالمؤمنین رحمة خاصّة على الدوام، تأکید مجدّد على ما جاء فی بدایة السورة.

أجل... هذه هی رحمة الله الخاصّة التی تخرج المؤمنین من ظلمات الأوهام والشهوات والوساوس الشیطانیة، وتهدیهم إلى نور الیقین والإطمئنان والسیطرة على النفس، ولولا رحمته سبحانه فإنّ هذا الطریق الملیء بالمنعطفات والعراقیل لا یکون سالکاً.

وتجسّد الآیة الأخیرة من الآیات مورد البحث مقام المؤمنین وثوابهم بأروع تجسید وأقصر عبارة، فتقول: (تحیّتهم یوم یلقونه سلام).

«التحیّة» من مادّة «حیاة»، وهی تعنی الدعاء لسلامة وحیاة اُخرى، ولمزید التوضیح راجع التّفسیر الأمثل ذیل الآیة 85 من سورة النساء.

هذا السلام یعنی السلامة من العذاب، ومن کلّ أنواع الألم والعذاب والمشقّة، سلام ممتزج بالهدوء والإطمئنان.

ومع أنّ بعض المفسّرین یعتقد أنّ «تحیتهم» إشارة إلى سلام المؤمنین وتحیة بعضهم بعضاً، إلاّ أنّ ملاحظة الآیات السابقة التی کان الکلام فیها عن الصلاة ورحمة الله والملائکة فی هذه الدنیا، تُظهر أنّ هذه التحیة أیضاً من الملائکة فی الآخرة، کما نقرأ ذلک فی الآیة 23 و24 من سورة الرعد: (والملائکة یدخلون علیهم من کلّ باب * سلام علیکم بما صبرتم).

ممّا قلناه اتّضح بصورة ضمنیة أنّ المراد من جملة (یوم یلقونه) هو یوم القیامة الذی سمّی بیوم «لقاء الله»، وهذا التعبیر یستعمل عادةً فی القرآن بهذا المعنى.

بعد هذه التحیّة، التی ترتبط ببدایة الأمر، أشارت الآیة إلى نهایته فقالت: (وأعدّ لهم أجراً کریم).

إنّها جملة جمع فیها کلّ شیء على اختصارها، واُخفیت فیها کلّ النعم والمواهب.


1. تفسیر الدرّالمنثور، طبقاً لنقل تفسیر المیزان، ج 16، ص 353.
2. ص، 82 و83.
سورة الأحزاب / الآیة 41 ـ 44 1ـ ذکر الله على کلّ حال
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma