غزوة بنی قریظة إنتصار عظیم آخر:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 10
سورة الأحزاب / الآیة 26 ـ 27 1ـ غزوة بنی قریظة ودوافعها

کان فی المدینة ثلاث طوائف معروفة من الیهود، وهم: بنو قریظة، وبنو النضیر، وبنو قینقاع، وکانت هذه الطوائف قد عاهدت النّبی(صلى الله علیه وآله) على أن لا تعین عدوّاً له ولا یتجسّسوا لذلک العدوّ، وأن یعیشوا مع المسلمین بسلام، إلاّ أنّ «بنی قینقاع» قد نقضوا عهدهم فی السنة الثّانیة للهجرة، و«بنو النضیر» فی السنة الرّابعة للهجرة بأعذار شتّى، وصمّموا على مواجهة النّبی(صلى الله علیه وآله) وانهارت مقاومتهم فی النهایة، وطردوا إلى خارج المدینة، فذهب «بنو قینقاع» إلى أذرعات الشام، وذهب بعض «بنی النضیر» إلى خیبر، وبعضهم الآخر إلى الشام(1).

بناءً على هذا فإنّ «بنی قریظة» کانوا آخر من بقی فی المدینة إلى السنة الخامسة للهجرة حیث وقعت غزوة الأحزاب، وکما قلنا فی تفسیر الآیات السبع عشرة المتعلّقة بمعرکة الأحزاب، فإنّهم نقضوا عهدهم فی هذه المعرکة، واتّصلوا بمشرکی العرب، وشهروا السیوف بوجه المسلمین.

بعد انتهاء غزوة الأحزاب والتراجع المشین والمخزی لقریش وغطفان وسائر قبائل العرب عن المدینة، فإنّ النّبی(صلى الله علیه وآله) ـ طبقاً للرّوایات الإسلامیة ـ عاد إلى منزله وخلع لامة الحرب وذهب یغتسل، فنزل علیه جبرئیل بأمر الله وقال: لماذا ألقیت سلاحک وهذه الملائکة قد استعدّت للحرب؟ علیک أن تسیر الآن نحو بنی قریظة وتنهی أمرهم.

لم تکن هناک فرصة لتصفیة الحساب مع بنی قریظة أفضل من هذه الفرصة، حیث کان المسلمون فی حرارة الإنتصار، وبنو قریظة یعیشون لوعة الهزیمة المرّة، وقد سیطر علیهم الرعب الشدید، وکان حلفاؤهم من قبائل العرب متعبین منهکی القوى خائری العزائم، وهم فی طریقهم إلى دیارهم یجرّون أذیال الخیبة، ولم یکن هناک من یحمیهم ویدافع عنهم.

هنا نادى مناد من قبل رسول الله(صلى الله علیه وآله) بأن توجّهوا إلى بنی قریظة قبل أن تصلّوا العصر، فاستعدّ المسلمون بسرعة وتهیّئوا للمسیر إلى الحرب، وما کادت الشمس تغرب إلاّ وکانت حصون بنی قریظة المحکمة محاصرة تماماً.

لقد استمرت هذه المحاصرة خمسة وعشرین یوماً، وأخیر سلّموا جمیعاً ـ کما سیأتی فی البحوث ـ فقُتل بعضهم، واُضیف إلى سجل إنتصارات المسلمین إنتصار عظیم آخر، وتطهّرت أرض المدینة من دنس هؤلاء المنافقین والأعداء اللدودین إلى الأبد.

وقد أشارت الآیات ـ مورد البحث ـ إشارة مختصرة ودقیقة إلى هذه الحادثة، وکما قلنا فإنّ هذه الآیات نزلت بعد الإنتصار، وأوضحت أنّ هذه الحادثة کانت نعمة وموهبة إلهیّة عظیمة، فتقول الآیة أوّلا: (وأنزل الذین ظاهروهم من أهل الکتاب من صیاصیهم).

«الصیاصی» جمع (صیصیة)، أی: القلعة المحکمة، ثمّ اُطلقت على کلّ وسیلة دفاعیة، کقرون البقر، ومخالب الدیک. ویتّضح هنا أنّ الیهود کانوا قد بنوا قلاعهم وحصونهم إلى جانب المدینة فی نقطة مرتفعة، والتعبیر بـ (أنزل) یدلّ على هذا المعنى.

ثمّ تضیف الآیة: (وقذف فی قلوبهم الرعب) وأخیراً بلغ أمرهم أنّکم (فریقاً تقتلون وتأسرون فریقاً * وأورثکم أرضهم ودیارهم).

إنّ هذه الجمل تمثّل مختصراً وجانباً من نتائج غزوة بنی قریظة، حیث قتل جمع من اُولئک الخائنین على ید المسلمین، واُسر آخرون، وغنم المسلمون منهم غنائم کثیرة من جملتها أراضیهم ودیارهم وأموالهم.

والتعبیر عن هذه الغنائم بـ «الإرث» لأنّ المسلمین لم یبذلوا کثیر جهد للحصول علیها، وسقطت فی أیدیهم بسهولة کلّ تلک الغنائم التی کانت حصیلة سنین طویلة من ظلم وجور الیهود واستثماراتهم فی المدینة.

وتقول الآیة فی النهایة: (وأموالهم وأرضاً لم تطؤوها وکان الله على کلّ شیء قدیر).

هناک اختلاف بین المفسّرین فی المقصود من (أرضاً لم تطؤوه) وأیّ أرض هی؟

فاعتبرها البعض إشارة إلى أرض خیبر التی فتحت على أیدی المسلمین فیما بعد.

واعتبرها آخرون إشارة إلى أرض مکّة.

وآخرون یعتقدون أنّها إشارة إلى أرض الروم وفارس.

ویرى البعض أنّها إشارة إلى جمیع الأراضی والبلدان التی وقعت فی ید المسلمین من ذلک الیوم وما بعده إلى یوم القیامة.

إلاّ أنّ أیّاً من هذه الإحتمالات لا یناسب ظاهر الآیة، لأنّ الآیة ـ بقرینة الفعل الماضی الذی جاء فیها (أورثکم) ـ شاهدة على أنّ هذه الأرض قد أصبحت تحت تصرّف المسلمین فی حادثة غزوة بنی قریظة، إضافةً إلى أنّ أرض مکّة ـ وهی إحدى التفاسیر السابقة ـ لم تکن أرضاً لم یطأها المسلمون، فی حین أنّ القرآن الکریم یقول: (وأرضاً لم تطؤوه).

والظاهر أنّ هذه الجملة إشارة إلى البساتین والأراضی الخاصّة ببنی قریظة، والتی لم یکن لأحد الحقّ فی دخولها، لأنّ الیهود کانوا یبذلون قصارى جهودهم فی سبیل الحفاظ على أموالهم وحصرها فیما بینهم.

ولو أغمضنا، فإنّها تتناسب کثیراً مع أرض «خیبر» التی أخذت من الیهود بعد مدّة لیست بالبعیدة، وأصبحت فی حوزة المسلمین، حیث إنّ معرکة «خیبر» وقعت فی السنة السابعة للهجرة.


1. الکامل لابن الأثیر، ج 2، ص 137 و173.
سورة الأحزاب / الآیة 26 ـ 27 1ـ غزوة بنی قریظة ودوافعها
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma