أقسم بالله لتأتینکم القیامة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 10
سورة سبأ / الآیة 3 ـ 5 سورة سبأ / الآیة 6 ـ 9

تتعرّض الآیات مورد البحث إلى موضع التوحید وصفات الله فی نفس الوقت الذی تهیء أرضیّة لموضوع المعاد، لأنّ مشکلات (بحث المعاد) لا یمکن حلّها إلاّ عن طریق العلم اللامتناهی للباریّ عزّوجلّ، کما سنرى.

لذا فإنّ الآیات مورد البحث تبدأ أوّلا بقوله تعالى: (وقال الذین کفروا لا تأتینا الساعة). فما هو إلاّ کذب وإفتراء، بل إنّ القیامة لا تأتی أحداً من الناس.

ویریدون بذلک الفکاک والتحرّر من قیود هذه الإعتقادات; الحساب والکتاب والعدل والجزاء، لیرتکبوا ما یحلوا لهم من الأعمال.

ولکنّ القرآن بناءً على وضوح أدلّة القیامة یخاطب الرّسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) بصورة حاسمة وفی معرض بیان النتیجة، فیقول: (قل بلى وربّی لتأتینکم).

والترکیز على کلمة «ربّ» لأنّ القیامة فی الأصل من شؤون الربوبیة، فکیف یمکن أن یکون الله مالکاً ومربیاً للبشر یقودهم فی سیرهم التکاملی، ثمّ یتخلّى عنهم فی منتصف الطریق لینتهی بالموت کلّ شیء، فتکون حیاتهم بلا هدف وخلقهم هباءً وبلا معنى.

وقد رکّز القرآن فی الآیة السابعة من سورة التغابن أیضاً على هذا الوصف، فقال تعالى: (زعم الذین کفروا أن لن یبعثوا قل بلى وربّی لتبعثنّ ثمّ لَتُنَبَّؤُنَّ بما عملتم).

وبما أنّ أحد إشکالات الکافرین بالمعاد، هو شکّهم ـ من جانب ـ فی إمکانیة جمع وإعادة بناء أعضاء الإنسان المیّت بعد تبعثرها وتفسّخها فی التراب، وکذلک ـ من جانب آخر ـ فی إمکانیة وجود من یمکنه النظر فی جمیع أعمال العباد التی عملوها فی السرّ والعلن والظاهر والباطن، لذا فإنّ الله تعالى یضیف فی تتمّة الآیة الکریمة (عالم الغیب لا یعزب عنه مثقال ذرّة فی السماوات ولا فی الأرض ولا أصغر من ذلک ولا أکبر إلاّ فی کتاب مبین)(1).

ولذا، فلا یغیب عن علمه تبعثر ذرّات جسم الإنسان فی التراب، ولا اختلاطها بسائر الموجودات، ولا حتى حلولها فی أبدان اُناس آخرین عن طریق الغذاء، ولا یشکّل مشکلة أمام إعادة بنائه من جدید... وأعمالهم فی هذه الدنیا تبقى محفوظة أیضاً، وإن تغیّر شکلها، فهو سبحانه المحیط بها علماً.

وقد ورد نظیر هذا التعبیر فی الآیات الثالثة والرّابعة من سورة (ق) فی قوله تعالى: (أإذا متنا وکنا تراباً ذلک رجع بعید * قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وعندنا کتاب حفیظ).

ولکن ما هو المقصود من «الکتاب المبین»؟

أغلب المفسّرین قالوا بأنّه «اللوح المحفوظ» ولکن السؤال هو: ما هو اللوح المحفوظ؟!

وکما ذکرنا سابقاً فإنّ أقرب تفسیر (للّوح المحفوظ)، هو «لوح العلم الإلهی اللامتناهی» نعم فی ذلک اللوح ضُبط وقُیّد کلّ شیء، بدون أن یجد التغییر والتبدیل طریقه إلیه.

وعالم الوجود المترامی الأطراف، هو الآخر إنعکاس عن ذلک اللوح المحفوظ، بلحاظ أنّ کلّ ذرّات وجودنا وکلّ أقوالنا وأفعالنا تبقى محفوظة فیه، وإن کانت الظواهر تتغیّر، لکنّها لا تخرج عن حدّها أبداً.

ثمّ یوضّح تعالى الهدف من قیام القیامة فی آیتین، أو بتعبیر آخر إعطاء الدلیل على لزوم مثل ذلک العالم بعد عالمنا الحالی لمنکری القیامة، فیقول تعالى: (لیجزی الذین آمنوا وعملوا الصالحات اُولئک لهم مغفرة ورزق کریم).

فإن لم یُجازِ المؤمنین بصالح عملهم ثواباً، أفلا یعنی ذلک تعطیل أصل العدالة الذی هو أهم أصل من اُصول الخلقة؟ وهل یبقى معنى لعدالة الله بدون ذلک المفهوم؟! فی الوقت الذی نرى أنّ أغلب هؤلاء الأفراد الصالحین، لا یتلقون جزاء أعمالهم الحسنة فی هذه الدنیا أبداً، إذن لابدّ من عالم آخر لکی یتحقّق فیه هذا الأصل.

تقدیم «المغفرة» على «الرزق الکریم» ربّما کان سببه: أنّ أشدّ ما یقلق المؤمنین هو الذنوب التی ارتکبوها، لذا فإنّ الآیة تطمئنهم بعرض المغفرة علیهم أوّلا، فضلا عن أنّ من لم یغتسل بماء المغفرة الإلهیّة لن یکون أهلا (للرزق الکریم) والمقام الکریم!

(الرزق الکریم) یشمل کلّ رزق ذی قیمة، ومفهوم ذلک واسع إلى درجة أنّه یشمل کلّ المواهب والعطایا الإلهیة، ومنها ما لا عین رأت ولا اُذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

وبتعبیر آخر فإنّ «الجنّة» بکلّ نعمها المعنویة والمادیّة جمعت فی هذه الکلمة، والبعض فسّر «الکریم» بأمرین: الجید والخالی من المنغّصات، ولکن یبدو أنّ مفهوم الکلمة أوسع من ذلک بکثیر.(2)

ثمّ تضیف الآیة الکریمة التالیة، موضّحة نوعاً آخر من العدالة فیما یخصّ عقاب المذنبین والمجرمین، فیقول تعالى: إنّ الذین کذّبوا آیاتنا وسعوا فی إنکارها وإبطالها وتصوّروا أنّهم یستطیعون الخلاص من دائرة قدرتنا... (والذین سَعَوْ فی آیاتنا معاجزین اُولئک لهم عذاب من رجز ألیم).

فهناک کان الحدیث عن «الرزق الکریم» وهنا عن «الرجز الألیم».

«الرِّجْز»: فی الأصل بمعنى الإضطراب وعدم القدرة على حفظ التوازن، ومنه قیل «رَجَزَ البعیرُ رجزاً» فهو أرجز، وناقةٌ «رجزاءُ» إذا تقارب خطوها واضطرب لضعف فیها، واُجبرت على تقصیر خطواتها لحفظ توازنها، ثمّ اُطلقت الکلمة على کلّ ذنب ورجس، کذلک فإنّ إطلاق کلمة «الرَجَزْ» على المقاطع الشعریة الخاصّة بالنزال فی الحرب، من باب قصر مقاطعها وتقاربها.

على کلّ حال فالمقصود من (الرجز) هنا، أسوأ أنواع العذاب ـ الذی یتأکّد بإرداف کلمة «الألیم» أیضاً وأنواع العقوبات البدنیة والروحیة الألیمة.

والتفت البعض إلى هذه النکتة، وهی أنّ القرآن الکریم حین ذکر نِعم أهل الجنّة لم یستعمل کلمة «من» لیدلّل على سعتها، بینما جاءت هذه الکلمة عند ذکر العذاب لتکون دلیلا على محدودیته النسبیة، ولتتضح رحمته تبارک وتعالى.

«سعوا» من السعی، بمعنى کلّ جهد وجدٍّ فی أمر، والمقصود منها هنا، الجدّ والجهد فی تکذیب وإنکار آیات الحقّ وصدّ الناس عن طریق الله سبحانه وتعالى.

«معاجزین» من المعاجزة، بمعنى معجّزین، أی مثبّطین، وفی مثل هذه الموارد تطلق على من یفرّ من شخص آخر بحیث لا یمکّنه من التسلّط علیه، وبدیهی أنّ هذا الوصف یستخدم للمجرمین لتوهمّهم الذی یظهرونه عملیاً بهذا الإتّجاه، وعملهم یشبه إلى حد کبیر من یتصوّر أنّه یستطیع القیام بأیّة جنایة یشاء، ثمّ یستطیع الفرار من سلطة القدرة الإلهیّة!!.


1. (یعزب): من مادة «عزوب» وتعنی المتباعد فی طلب الکلأ عن أهله، یُقال عَزَبَ یعزُبُ ویعزِب ثمّ اُطلق على کلّ غائب، یقال رجل عزبٌ، وإمرأة عزبةٌ إذا غاب عنها زوجها.
2. تفسیر روح المعانى، ذیل الآیات مورد البحث.
سورة سبأ / الآیة 3 ـ 5 سورة سبأ / الآیة 6 ـ 9
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma