سعة علم الله:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 10
سورة لقمان / الآیة 33 ـ 34 1ـ أنواع الغرور والخدع!

فی هاتین الآیتین اللتین هما آخر آیات سورة لقمان، تلخیص للمواعظ والنصائح السابقة ولأدلّة التوحید والمعاد، وتوجیه الناس إلى الله والیوم الآخر وتحذیر من الغرور الناشیء من الدنیا والشیطان، ثمّ الحدیث عن سعة علم الله سبحانه وشموله لکلّ شیء، فتقول: (یاأیّها الناس اتّقوا ربّکم واخشوا یوماً لا یجزی والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شیئ).

إنّ الدستور الأوّل هو التوجّه إلى المعاد، فالدستور الأوّل یحیی فی الإنسان قوّة المراقبة، والثّانی ینمّی روح الثواب والعقاب، ولا شکّ أنّ الإنسان الذی یعلم أنّ شخصاً خبیراً ومطّلعاً على کلّ أعماله یراه ویعلم به ویسجّل کلّ أعماله، ومن ناحیة اُخرى یعلم أنّ محکمة عادلة ستتشکّل للتحقیق فی کلّ جزئیات أعماله، لا یمکن أن یتلوّث بأدنى فساد ومعصیة.

جملة (لا یجزی) من مادّة الجزاء، و«الجزاء» ورد بمعنیین من الناحیة اللغویة:

أحدهما: المکافأة والمعاقبة مقابل شیء، کما یقال: جزّاه الله خیراً.

والآخر: الکفایة والنیابة والتحمّل للشیء عن الآخرین، کما جاء فی الآیة مورد البحث: (لا یجزی والد عن ولده).

ومن الممکن أن یعود کلا المعنیین إلى أصل واحد، لأنّ الثواب والعقاب یحلاّن محلّ العمل وینوبان عنه، وهما بمقداره أیضاً ـ تأمّلوا ذلک ـ .

على کلّ حال، فإنّ کلّ إنسان فی ذلک الیوم مشغول بنفسه، ومبتلى بمعطیات أعماله وآثارها إلى درجة أنّه لا ینظر إلى أحد ولا یهتمّ به، حتى وإن کان أبوه، أو إبنه الذی کانت تربطه به أقرب الروابط، فلا یفکّر أحد بآخر مطلقاً.

وهذه الآیة نظیر ما ورد فی بدایة سورة الحجّ فی الحدیث حول القیامة والزلزلة: (یوم ترونها تذهل کلّ مرضعة عمّا أرضعت).

وممّا یستحقّ الإنتباه أنّه یعبّر بـ (لا یجزی) فی مورد الأب، وهی صیغة المضارع، أمّا فی شأن الإبن فإنّه یعبّر باسم الفاعل (جاز) وهذا التفاوت فی التعبیر لعلّه من باب التنوّع فی الکلام، أو إشارة إلى واجب ومسؤولیة الإبن تجاه الأب، لأنّ اسم الفاعل یؤدّی معنى الدوام والتکرار أکثر.

وبتعبیر آخر، فإنّ المتوقّع من العواطف الأبویة أن یتحمّل الأب مقداراً من العذاب عن إبنه، کما کان فی الدنیا یتحمّل المصاعب والمشاکل فی سبیله، لکن من الإبن أن یتحمّل مصائب الأب أکثر وفاءً لحقوق الاُبوّة المترتّبة علیه، فی حین أنّ أیّاً منهما لا یتحمّل أدنى مشکلة عن الآخر، وکلّ منهما مشغول بأعماله، وحائر فی أمره ونفسه.

وتحذّر الآیة فی النهایة البشر من شیئین، فتقول: (إنّ وعد الله حقّ فلا تغرنّکم الحیاة الدنیا ولا یغرنّکم بالله الغرور) أی الشیطان.

فی الواقع، یلاحظ هنا نهیان فی مقابل الأمرین اللذین کانا فی بدایة الآیة، فإنّ الإنسان إذا نمت فیه مسألة التوجّه إلى الله، والخوف من الحساب والجزاء،  فلا یخاف علیه من الإنحراف والفساد، إلاّ من طریقین:

أحدهما: أن تقلب زخارف الدنیا وزبرجها الحقائق فی عینیه بصور اُخرى، وتسلب منه القدرة على التشخیص، لأنّ حبّ الدنیا رأس کلّ الخطایا وأساسها.

والآخر: أن تخدعه وساوس الشیطان وتغرّه، وتبعده عن المبدأ والمعاد.

فإذا أغلق طریقی نفوذ المعصیة والذنب هذین، فسوف لا یهدّده أیّ خطر، وعلى هذا فإنّ الدساتیر والبنود الأربعة أعلاه تمثّل مجموعة کاملة من برنامج نجاة وخلاص الإنسان.

وفی آخر آیة من هذه السورة، وبمناسبة البحث الذی جاء فی الآیة السابقة حول یوم

القیامة، یدور الکلام عن العلوم المختّصة بالله سبحانه، فتقول: (إنّ الله عنده علم الساعة وینزّل الغیث) ومطّلع على جمیع جزئیاته وتفاصیله...

(ویعلم ما فی الأرحام وما تدری نفس ماذا تکسب غداً وما تدری نفس بأیّ أرض تموت إنّ الله علیم خبیر).

فکأنّ مجموع هذه الآیة جواب عن سؤال یطرح فی باب القیامة، وهو نفس السؤال الذی سأل المشرکون به النّبی (صلى الله علیه وآله) مراراً وتکراراً، وقالوا: (متى هو)؟(1)، فیجیبهم القرآن عن سؤالهم، ویقول: لا یعلم أحد بموعد قیام القیامة إلاّ الله سبحانه، وطبقاً لصریح آیات اُخرى، فإنّ الله أخفى هذا العلم عن الجمیع: (إنّ الساعة آتیة أکاد اُخفیه)(2)، وذلک کی لا یحیط الغرور والغفلة بأطراف البشر.

ثمّ تقول الآیة: إنّ مسألة القیامة لیست هی المسألة الوحیدة الخافیة علیکم، ففی حیاتکم الیومیة، ومن بین أقرب المسائل المرتبطة بحیاتکم ومماتکم، مسائل کثیرة تجهلونها...

أنتم لا تعلمون زمان نزول قطرات المطر، والتی ترتبط بها حیاة کلّ الکائنات الحیّة، وإنّما تتوقّعونها على أساس الحدس والظنّ والتخمین.

وکذلک زمان تکوّنکم فی بطون الاُمّهات وخصائص الجنین فلا علم لأحد منکم بذلک.

ومستقبلکم القریب، أی حوادث الغد، وکذلک مکان موتکم وتودیعکم للحیاة، خاف على الجمیع.

فإذا کنتم جاهلین بهذه المسائل القریبة من حیاتکم والمتّصلة بها، فلا مجال للعجب من عدم علمکم بلحظة قیام القیامة(3).

ونقل فی الدرّ المنثور: أنّ رجلا یقال له «الوراث»، من بنی «مازن بن حفصة»، جاء إلى النّبی(صلى الله علیه وآله)، فقال: یامحمّد، متى تقوم الساعة؟ وقد أجدبت بلادنا فمتى تخصب؟ وقد ترکت امرأتی حبلى فمتى تلد؟ وقد علمت ما کسبت الیوم فماذا أکسب غداً؟ وقد علمت بأی أرض ولدت فبأی أرض أموت؟ فنزلت هذه الآیة(4).


1. الإسراء، 51.
2. طه، 15.
3. صحیح أنّ جملة (ینزل الغیث) فی الآیات أعلاه لا تتحدّث عن مسألة علم الله ـ ولهذا السبب فإنّ البعض اعتبر هذه الجملة استثناء من بین هذه الجمل، وجعلها مبیّنة لقدرة الله لا علمه، إلاّ أنّ انسجام الجمل الخمس مع بعضها من جهة، والروایات المتعدّدة التی وردت فی نهج البلاغة وکتب اُخرى ـ وسنشیر إلیها قریباً ـ من جهة اُخرى، قرینة على أنّها ترتبط بعلم الله أیضاً.
4. تفسیر الدرّ المنثور، طبقاً لنقل تفسیر المیزان، ج، 16 ص 254.
سورة لقمان / الآیة 33 ـ 34 1ـ أنواع الغرور والخدع!
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma