نواجه فی الآیات المتقدمة آنفاً هذا التعبیر (وما یجحد بآیاتنا إلاّ الکافرون) ومرّة اُخرى نواجه المضمون ذاته مع شیء من التفاوت فبدلا من کلمة «الکافرون» جاءت کلمة «الظالمون» (وما یجحد بآیاتنا إلاّ الظالمون).
والموازنة بین التعبیرین تدلّ على أنّ المسألة لیست من قبیل التکرار، بل هی لبیان موضوعین، أحدهما یشیر إلى جانب عقائدی «الکافرون» والآخر یشیر إلى جانب عملی «الظالمون».
فالآیة الاُولى تقول: إنّ الذین إختاروا الشرک والکفر بأحکامهم المسبّقة الباطلة وتقلیدهم الأعمى لأسلافهم، لا یرون آیةً من آیات الله إلاّ أنکروها وإن تقبلتها عقولهم»!
أمّا التعبیر الثّانی فیقول: إنّ الذین إختاروا بظلمهم أنفسهم ومجتمعهم طریقاً یرون فیه منافعهم الشخصیة، وعزموا على الاستمرار فی هذه الطریق، لا یذعنون لآیاتنا، لأنّ آیاتنا کما أنّها لا تنسجم مع خطّهم الفکری، فهی لاتنسجم مع خطّهم العملی أیضاً.