وهذه هی عاقبة المنحرفین:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 10
سورة العنکبوت / الآیة 31 ـ 35 سورة العنکبوت / الآیة 36 ـ 40

لقد أستجیب دعاءُ لوط أخیراً، وصدر الأمر من الله تعالى بالعقاب الصارم والشدید لهؤلاء القوم المنحرفین والمفسدین، فمرّ الملائکة المأمورون بعذاب قوم لوط بالأرض التی فیها إبراهیم(علیه السلام) لأداء رسالة اُخرى قبل أن ینزلوا العقاب بقوم لوط، وهذه الرسالة التی سبقت العذاب، هی بشارتهم لإبراهیم(علیه السلام) بالوَلد: «بشروه بإسحاق ومن وراء إسحاق یعقوب».

والآیات المتقدمة تذکر أوّلا قصّة مرورهم بإبراهیم(علیه السلام) فتقول: (ولما جاءت رسلنا إبراهیم بالبشرى قالوا إنا مهلکوا أهل هذه القریة إن أهلها کانوا ظالمین).

والتعبیربـ «هذه القریة» یدل على أن مُدن قوم لوط کانت قریبة من أرض إبراهیم(علیه السلام)

والتعبیر بالظالمین هو لأجل کونهم یظلمون أنفسهم باتخاذهم سبیل الشرک والفساد

الأخلاقی وعدم العفة، وظلمهم الآخرین حتى شمل العابرین والقوافل التی کانت تمرّ على طریقهم.

فلمّا سمع «إبراهیم» هذا النبأ حزن على لوط النّبی العظیم و(قال إنّ فیها لوط).

فما عسى أن تکون عاقبته؟!

إلاّ أنّهم أجابوه على الفور، (قالوا نحن أعلم بمن فیه) فلا تحزن علیه، لأنّنا لا نحرق «الأحضر والیابس» معاً، وخطتنا دقیقة ومحسوبة تماماً... ثمّ أضافوا (لننجینه وأهله إلاّ امرأته کانت من الغابرین).

ویستفاد من هذه الآیة جیداً أنّ أسرة واحدة فقط فی جمیع تلک المدن والقرى کانت مؤمنة وغیر مدنّسة، وقد نجاها الله فی ذلک الحین أیضاً... کما نقرأ مثل ذلک فی الآیة 36 من سورة الذاریات: (فما وجدنا فیها غیر بیت من المسلمین) ومع ذلک فإنّ امرأة لوط کانت خارجة عن جماعة المؤمنین، فشملها العذاب.

والتعبیر بـ «الغابرین» جمع «غابر» ومعناه المتخلف عن جماعته الماضین فی الطریق، فالمرأة التی کانت فی عائلة النبوّة لا ینبغی لها أن تنفصل عن المؤمنین والمسلمین... غیر أنّ الکفر والشرک وعبادة الأوثان ـ کل ذلک ـ دعاها إلى الانفصال!.

ویتّضح من هنا أنّ انحرافها کان من جهة العقیدة، ولا یبعد أن یکون هذا الانحراف متأثراً بسبب محیطها... وکانت فی بدایة الأمر مؤمنة موحدة، وبهذا فلن یرد أی إشکال على لوط(علیه السلام) فی أنّه لم تزوّج بمثل هذه المرأة؟!

وإذا کان جماعة من المؤمنین الآخرین قد آمنوا بلوط، فمن المؤکّد أنّهم کانوا قد هاجروا عن تلک الأرض المدنّسة قبل هذا الحادث، ما عدا لوطاً وأهله، فإنّه کان علیه أن یبقى إلى آخر ساعة هناک، لاحتمال تأثیر تبلیغه وإنذاره.

سؤال: هنا ینقدح هذا السؤال: ترى هل کان «إبراهیم» یحتمل أنّ عذاب الله سیشمل لوطاً، فأظهر تأثره أمام الملائکة، غیر أنّهم طمأنوه بنجاة لوط؟!

الجواب: والجواب الواضح على هذا السؤال، وهو أنّ إبراهیم کان یعرف الحقیقة، وإنّما سأل لیطمئن قلبه، نظیر هذا السؤال ما کان من هذا النّبی العظیم فی شأن المعاد وإحیاء الموتى، إذ جسد له الله ذلک فی إحیاء أربعة من الطیر «لیطمئن قلبه».

إلاّ أنّ المفسّر الکبیر العلاّمة الطباطبائی یعتقد أنّ المراد من سؤال إبراهیم هو أنّ وجود

«لوط» بین هؤلاء القوم سیکون دلیلا على رفع العذاب عنهم... ویستعین بالآیات 74 ـ 76 من سورة هود على هذا المقصد، لأنّ هذه الآیات تبیّن: أنّه(علیه السلام) کان یرید بقوله: (إنّ فیها لوط) أن یصرف العذاب بأن فیها لوطاً وإهلاک أهلها یشمله، فأجابوه بأنّهم لا یخفى علیهم ذلک بل معه غیره ممن لا یشملهم العذاب وهم أهله إلاّ امرأته.(1)

لکننا نعتقد أنّ هذا الجواب من الملائکة ـ فی صدد نجاة لوط وأهله ـ یدلّ بوضوح أنّ الکلام فی هذه الآیات هو على لوط فحسب، ولکن آیات سورة هود تتحدث عن موضوع منفصل، وکما قلنا آنفاً فإنّ إبراهیم کان لیطمئن قلبه أکثر «فلاحظوا بدقة».

انتهى کلام الملائکة مع إبراهیم هنا، وتوجهوا إلى دیار لوط(علیه السلام) وقومه، یقول القرآن فی هذا الشأن: (ولما أن جاءت رسلنا لوطاً سیء بهم وضاق بهم ذرع).

وکان کلّ استیائه وعدم ارتیاحه بسبب أنّه لم یعرفهم... فقد جاؤوا إلیه بهیئة فتیان ذی وجوه ملیحة، ومجیء أمثال هؤلاء الضیوف فی مثل هذا المحیط الملوّث، ربّما کان یجرّ على لوط الوبال، وأن یذهب ماء وجهه أمامهم، لذلک فکر ملیّاً: ما عسى أن یکون ردّ فعل هؤلاء القوم الضالین الوقحین الذین لا حیاء لهم قبال هؤلاء الضیوف؟!

«سیء» مشتقّة من «ساء» ومعناه سوء الحال، و«الذرع» معناه «القلب»«الخلق»، فعلى هذا یکون معنى (ضاق بهم ذرع) أی ضاق قلبه وانزعج.

وقال بعض المفسّرین: إنّ هذه الکلمة فی الأصل تعنی «الفاصلة بین أطراف البعیر أثناءالسیر» وحیث إنّهم إذا وضعوا على البعیر حملا ثقیلا قصّر خطاه وضیّق الفاصلة، عبروا بجملة «ضاق ذرعاً» کنایة عن الحادثة الثقیلة «الصعبة» التی  لا تطاق!

إلاّ أنّ الضیوف حین أدرکوا عدم إرتیاحه کشفوا عن «هویّتهم» وعرفوا أنفسهم ورفعوا عنه الحزن: (وقالوا لا تخف ولا تحزن إنّا منجّوک وأهلک إلاّ امرأتک کانت من الغابرین).

ویستفاد بالطبع من الآیات التی فی سورة هود أنّ اُولئک القوم الأراذل، حین عرفوا بوجود الضیوف عند لوط(علیه السلام) أسرعوا إلیه، وکان فی نیّتهم أن یعتدوا علیهم، وحیث إنّ لوطاً کان لا یزال غیر عارف بحقیقة الملائکة فقد کان متأثراً جدّاً، وکان تارةً ینصحهم واُخرى یهددّهم ومرّةً یقول لهم: (ألیس منکم رجل رشید)(2) فیحرک ضمائرهم وتارةً یقترح علیهم الزواج من بناته، وأراد أن یمنعهم من الوصول إلى أضیافه، لکن هؤلاء المنحرفین الذین لا حیاء لهم لم یقتنعوا بأی شیء ولم یفکروا إلاّ بهدفهم المخزی.

ولکن رسل الله عرفوا أنفسهم للوط(علیه السلام) ، وأعموا أبصار هؤلاء القوم الذین أرادوا الهجوم على الملائکة واثلجوا قلب ذلک النّبی العظیم(علیه السلام).(3)

وما ینبغی الإلتفات إلیه أنّ رسُل الله قالوا للوط: (لا تخف ولا تحزن) فما الفرق بین کلمتی «الخوف» و«الحزن»؟

ورد فی تفسیر المیزان أنّ الخوف یقع على الحوادث غیر المستساغة احتمالا.. أمّا الحزن فیقع فی الموارد القطعیة.

وقال بعضهم: الخوف یطلق على الحوادث المستقبلیة، أمّا الحزن فعلى ما مضى!

کما یرد هذا الاحتمال وهو أن الخوف فی المسائل الخطرة، أمّا الحزن فهو فی المسئل الموجعة، وإن لم یکن فیها أی خطر!..

سؤال: وهنا ینقدح هذا السؤال، وهو أنّه طبقاً لآیات سورة هود فإنّ لوط وخوفه لم یکن على نفسه، بل کان یخشى أن یضایقوا «ضیفه»(4) غیر أنّ جواب الملائکة یتعلق بنجاة لوط وأهله، وهذان الأمران غیر منسجمین.

الجواب: والجواب على هذا السؤال یستفاد إجمالا من الآیة 81 من سوره هود، لأنّ القوم المنحرفین حین مدّوا أیدیهم إلى الضیوف قال الملائکة: (یا لوط إنّا رسل ربّک لن یصلوا إلیک)أی مسألتنا سهلة... ولن یصل إلیک سوء وأذى منهم أیضاً، فعلى هذا کان الملائکة یرون النجاة بالنسبة لهم من المسلّم بها، وإنّما رکزوا على البشارة للوط وأهله فحسب.

وبعد هذا، ولکی تتضح خطة عملهم فی شأن عاقبة هؤلاء القوم المنحرفین أکثر، أضافوا: (إنا منزلون على أهل هذه القریة رجزاً من السماء بما کانوا یفسقون).

والمراد بالقریة هی «سدوم» وما جاورها من القرى والمدن التی کان یسکنها قوم لوط، وقد أوصل بعضهم عدد هؤلاء إلى سبعمائة ألف نفر(5).

والمراد من «الرجز» هنا هو العذاب، ومعناه الأصلی الإضطراب، ثمّ عبروا عن کل شیء یوجب الإضطراب بالرجز، ولذلک استعمل العرب کلمة الرجز فی کثیر من المعانی کالبلایا الشدیدة، والطاعون أو البرد، والأصنام، ووساوس الشیطان، والعذاب الإلهی.. الخ.

وجملة (بما کانوا یفسقون) هی سبب عقابهم الشدید، لأنّهم لم یطیعوا الله، والتعبیر بالفعل المضارع «یفسقون» دلیل على استمرارهم ودوامهم على العمل القبیح!.

وهذا التعبیر یبیّن هذه الحقیقة، وهی لو أن اُولئک لم یستمروا على الذنب، وکانوا یتوبون ویعودون إلى طریق الحق والتقوى، لم یبتلوا بمثل هذا العذاب وکانت ذنوبهم الماضیة مغفورة.

وهنا لم یذکر القرآن کیفیة العذاب الألیم، سوى أنّه قال: (ولقد ترکنا منها آیة بینة لقوم یعقلون).

إلاّ أنّ فی سورة هود الآیة 82 منها، وکذلک سورة الأعراف الآیة 84 منها، تفصیلا فی بیان العذاب، وهو أنّه أصابت قراهم فی البدایة زلزلة شدیدة فجعلت عالیها سافلها، ثمّ أمطرت علیها حجارة من السماء بحیث توارت بیوتهم وقراهم وأجسادهم تحتها!.

والتعبیر بـ «الآیة البینة» أی العلامة الواضحة، هو إشارة إلى الآثار الباقیة من مدینة «سدوم» التی کانت فی طریق قوافل أهل الحجاز طبقاً «لآیات القرآن»... وکانت باقیة حتى ظهور النّبی(صلى الله علیه وآله). کما نقرأ فی الآیة 76 من سورة الحجر (وإنّها لبسبیل مقیم)، وکما نقرأ فی سورة الصافات الآیتین 137 و138: (وإنّکم لتمرون علیهم مصبحین * وباللیل أفلا تعقلون).


1. تفسیر المیزان، ج 16، ص 129.
2. هود، 78.
3. ذکرنا تفصیل هذا الحادث فی ذیل الآیات 77 ـ 81 من سورة هود فلا بأس بمراجعتها.
4. «الضیف» یطلق على المفرد والجمع، وجمعه: ضیوف وأضیاف. (المصحح).
5. تفسیر روح البیان، ج 6، ص 467.
سورة العنکبوت / الآیة 31 ـ 35 سورة العنکبوت / الآیة 36 ـ 40
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma