بأیِّ منطق ینکرون آیات الله:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 10
سورة سبأ / الآیة 43 ـ 45 سورة سبأ / الآیة 46

تعود هذه الآیات لتکمل البحث الذی تناولته الآیات السابقة حول المشرکین الکفّار وأقوالهم یوم القیامة، فتتحدّث حول وضع هؤلاء فی الدنیا ومواقفهم عند سماعهم القرآن حتى یتّضح أنّ مصیرهم الاُخروی المشؤوم إنّما هو نتاج تلک المواقف الخاطئة التی اتّخذوها إزاء آیات الله فی الدنیا.

تقول الآیة الکریمة الاُولى: (وإذا تتلى علیهم آیاتنا بیّنات قالوا ما هذا إلاّ رجل یرید أن یصدّکم عمّا کان یعبد آباؤکم).

فهذا أوّل ردّ فعل لهم إزاء «الآیات البیّنات» وهو السعی إلى تحریک حسّ العصبیة فی هؤلاء القوم المتعصّبین.

خاصّة مع ملاحظة استخدامهم تعبیر «آباؤکم» بدل «آباؤنا»، یفهم منه أنّهم یریدون القول لقومهم بأنّ تراث الأجداد فی خطر، وإنّ علیکم النهوض والتصدّی لهذا الرجل عن العبث بذلک المیراث.

ثمّ تعبیر (ما هذا إلاّ رجل) إنّما یقصد به تحقیر النّبی (صلى الله علیه وآله) من جهتین الاُولى کلمة «هذا»

والثّانیة «رجل» بهیأة النکرة، مع العلم بأنّهم یعرفون النّبی (صلى الله علیه وآله) جیّداً، ویعلمون بأنّ له ماضیاً مشرقاً.

من الجدیر بالملاحظة أیضاً أنّ القرآن وصف «الآیات» بـ «البیّنات»، أی أنّها تحمل دلائل حقّانیتها معها، وما هو قابل للمعاینة لا یحتاج إلى توضیح أو بیان.

ثمّ توضّح الآیة مقولتهم الثّانیة التی قصدوا بها إبطال دعوة النّبی(صلى الله علیه وآله) فتقول: (وقالوا ما هذا إلاّ إفک مفترى).

«إفک» کما ذکرنا سابقاً بمعنى کلّ مصروف عن وجهه الذی یحقّ أن یکون علیه، ومنه قیل للریاح العادلة عن المهابّ «مؤتفکة»، وأی صرف عن الحقّ فی الإعتقاد إلى الباطل، ومن الصدق فی المقال إلى الکذب، ومن الجمیل فی الفعل إلى القبیح. ولکن کما قال البعض، فإنّ «الإفک» یطلق على الأکاذیب الکبیرة.

وکان یکفی استخدامهم لکلمة «الإفک» فی إتّهام الرّسول(صلى الله علیه وآله) بالکذب، لکنّهم أرادوا تأکید ذلک المعنى باستخدامهم لکلمة «مفترى»، دون أن یکون لهم أدنى دلیل على ذلک الإدّعاء.

وأخیراً، کان الإتّهام الثالث الذی ألصقوه بالرّسول(صلى الله علیه وآله) هو (السحر) کما نرى ذلک فی آخر هذه الآیة (وقال الذین کفروا للحقّ لمّا جاءهم إن هذا إلاّ سحر مبین).

العجیب أنّ هؤلاء الضالّین یطلقون هذه التّهم الثلاث المذکورة بأصرح التأکیدات، ففی موضع یقولون إنّه سحر، وفی آخر یقولون: إنّه مجرّد کذب، ثمّ یقولون فی موضع ثالث; إنّه یرید أن یصدّکم عن مآثر أجدادکم!

طبعاً هذه الصفات الذمیمة الثلاثة لیست متضادّة فیما بینها ـ مع أنّ هؤلاء لا یأنفون من الکلام المتضادّ ـ وعلى هذا فلا داعی ـ کما یقول المفسّرون ـ لاعتبار أنّ کلّ واحدة من هذه الصفات تنسب إلى مجموعة مستقلّة من الکفّار.

کذلک فمن الجدیر بالملاحظة أنّ القرآن الکریم استخدم فی المرتین الاُولى والثّانیة جملة «قالوا»، ثمّ استخدم فی المرّة الثالثة جملة «قال الذین کفروا»، إشارة إلى أنّ کلّ التعاسة التی أصابتهم إنّما منشأها الکفر وإنکار الحقّ ومعاداة الحقیقة، وإلاّ فکیف یمکن لأحد أن یتّهم رجلا تظهر دلائل حقّانیته من حدیثه وعمله وماضیه بهذه التّهم المتلاحقة وبلا أدنى دلیل.

فکأنّهم یواصلون بهذه التّهم الثلاث برنامجاً مدروساً لمواجهة النّبی(صلى الله علیه وآله) فقد لاحظوا من

جانب أنّ الدین جدید وله جاذبیة، ومن جانب آخر، فقد أخافت إنذارات الرّسول(صلى الله علیه وآله)بالعذاب الإلهی فی الدنیا والآخرة فئة من المجتمع شاءوا أم أبوا، ومن جانب ثالث فإنّ معجزات الرّسول (صلى الله علیه وآله) ترکت أثرها الإیجابی فی نفوس عامّة المجتمع، شاءوا أم أبوا کذلک.

لذا فإنّهم ـ لأجل إبطال مفعول هذه الاُمور الثلاثة ـ فکّروا بالدعوة إلى حفظ تراث السلف فی قبال الدین الجدید، فی حین أنّ السلف کان مصداقاً لما ذکره القرآن الکریم (لا یعقلون شیئاً ولا یهتدون) البقرة ـ 170، فلا جرم أن یتخلّى الناس عن مثل تلک الهیاکل الخرافیة التی کانت إرث هؤلاء الجهلة والحمقى.

وأمّا فی قبال إنذارات الرّسول (صلى الله علیه وآله) بالعذاب الإلهی، فقد طرحوا قضیّة الإتّهام بالکذب لکی یریحوا العامّة.

وفی قبال المعجزات، طرحوا تهمة (السحر)، ظنّاً منهم أنّ المعجزات لن تترک أثراً فی نفوس الناس بسبب هذا التوجیه.

ولکن تاریخ الإسلام شاهد على أنّ أیّاً من هذه المخطّطات الشیطانیة لم تکن ذات أثر، وکانت النتیجة أن دخل الناس فی هذا الدین العظیم فوجاً بعد فوج.

فی الآیة التی بعدها، یشطب القرآن الکریم على جمیع تلک الإدّعاءات الواهیة، مع أنّها واضحة البطلان، فیقول: (وما آتیناهم من کتب یدرسونها وما أرسلنا إلیهم قبلک من نذیر).

وهی إشارة إلى أنّ هذه الإدّعاءات یمکنها أن تکون مقبولة فیما لو جاءهم رسول من قبل بکتاب سماوی یخالف مضمونه الدعوة الجدیدة، فلا بأس أن ینبروا لتکذیبها، وینادوا بتراث الأجداد تارةً، وبتکذیب الدعوة الجدیدة تارةً اُخرى، أو اتّهام من جاء بها بالسحر، أمّا من لا یعتمد إلاّ على فکره الشخصی ـ بدون أی وحی من السماء ـ وبدون أن یکون له نصیب من علم، فلا یحقّ له الحکم لمجرّد تلفیقه الخرافات والأوهام.

ویستفاد من هذه الآیة أیضاً أنّ الإنسان لا یمکنه أن یطوی طریق الحیاة بعقله فقط، بل لابدّ أن یستمدّ المعونة من وحی السماء ویتقدّم إلى الأمام بالإستعانة بالشرائع، وإلاّ فهی الظلمات والخوف من التیه.

الآیة الأخیرة من هذه الآیات، تهدّد تلک المجموعة المتمردّة بکلمات بلیغة مؤثّرة فتقول: (وکذب الذین من قبلهم) فی حین أنّ هؤلاء لم یبلغوا فی القوّة والقدرة عشر ما کان لاُولئک الأقوام (وما بلغوا معشار ما آتیناهم فکذّبوا رسلی فکیف کان نکیر).

فمدنهم المدمّرة بضربات العقوبة الإلهیة الساحقة لیست ببعیدة عنکم فهی فی الشام القریب منکم، فلیکونوا لکم مرآةً للعبرة، واستمعوا إلى النصائح التی یقولها الدمار، وقارنوا مصیرکم بمصیرهم، فلا السنّة الإلهیّة قابلة للتغییر ولا أنتم أقوى منهم!.

«معشار»: بمعنى واحد إلى عشرة، البعض إعتبرها «عُشر العُشر» أیّ واحد إلى مائة، ولکن أکثر کتب اللغة والتفاسیر ذکرت المعنى الأوّل، وإن کان مثل تلک الأعداد لا یقصد بها التعداد، وتستخدم للتقلیل فی مقابل سبعة وسبعین وألف وأمثالها التی تستخدم للتکثیر، وبذا یکون المعنى المقصود من الآیة، إنّنا دمّرنا عصاة أقویاء لا یمتلک هؤلاء إلاّ جزءاً صغیراً من قدرتهم.

وقد ورد نظیر هذا المعنى فی آیات کثیرة من آیات القرآن الکریم، من جملتها ما ورد فی الآیة 6 من سورة الأنعام (ألم یروا کم أهلکنا من قبلهم من قرن مکّناهم فی الأرض ما لم نمکّن لکم وأرسلنا السماء علیهم مدراراً وجعلنا الأنهار تجری من تحتهم فأهلکناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرناً آخرین). وکذا ورد نظیر هذا المعنى فی الآیات 21 ـ المؤمن، 9 ـ الروم.

لفظة «نکیر» من مادّة «نکر» والإنکار ضدّ العرفان، والمقصود أنّ إنکار الله هو تلک المجازاة والعذاب الصادر عنه تعالى(1).


1. بعض المفسّرین احتملوا تفسیراً آخر لهذه الآیة، وهو أنّ المقصود من (وما بلغوا معشار ما آتیناهم) وهو عشر الآیات التی أنزلناها على مشرکی قریش لإتمام الحجّة علیهم، لم ننزّله على الأقوام السابقین، فإذا کان العذاب الذی عذّبناهم به بتلک الشدّة، فما بالک بمصیر مشرکی قریش الذین نالهم عشرة أضعاف الآیات لإتمام الحجّة! ولکن یبدو أنّ التّفسیر الأوّل أنسب (وبناءً على التّفسیر الأوّل فإنّه من أربعة ضمائر موجودة فی الآیة، یعود الضمیران الأوّل والثّانی على کفّار قریش، والضمیر الثالث والرابع على الکفّار السالفین، أمّا بناءً على التّفسیر الثّانی فإنّ الضمیر الأوّل یعود على کفّار قریش، والثّانی على الکفّار السالفین، والثالث على کفّار قریش والرابع على الکفّار السابقین ـ تأمّل).
سورة سبأ / الآیة 43 ـ 45 سورة سبأ / الآیة 46
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma