إنّ من جملة التعبیرات التی تلاحظ فی الآیات أعلاه أنّها تقول فی مورد قتلى هذه الحرب: (فریقاً تقتلون) أی أنّها قدّمت (فریق) على (تقتلون) فی حین أنّها أخّرت (فریقاً) عن الفعل «تأسرون»!
وقال بعض المفسّرین فی تفسیر ذلک: إنّ سبب هذا التعبیر هو التأکید على الأشخاص فی مسألة القتلى، لأنّ رؤساءهم کانوا فی جملة القتلى، أمّا الأسرى فإنّهم لم یکونوا اُناساً معروفین لیأتی التأکید علیهم، إضافةً إلى أنّ هذا التقدیم والتأخیر أدّى إلى أن یقترن «القتل والأسر» ـ وهما عاملا الإنتصار على العدو ـ ویکون أحدهما إلى جنب الآخر، مراعاة للإنسجام بین الأمرین أکثر.
وکذلک ورد إنزال الیهود من «صیاصیهم» قبل جملة: (وقذف فی قلوبهم الرعب) فی حین أنّ الترتیب الطبیعی على خلاف ذلک، أی أنّ الخطوة الاُولى هی إیجاد الرعب، ثمّ إنزالهم من الحصون المنیعة، وسبب هذا التقدیم والتأخیر هو أنّ المهمّ بالنسبة للمسلمین، والمفرّح لهم، والذی کان یشکّل الهدف الأصلی هو تحطیم هذه القلاع المحصّنة جدّاً.
والتعبیر بـ (أورثکم أرضهم ودیارهم) یبیّن حقیقة أنّ الله سبحانه قد سلّطکم على أراضیهم ودیارهم وأموالهم دون أن تبذلوا کثیر جهد فی هذه الغزوة.
وأخیراً فإنّ التأکید على قدرة الله عزّوجلّ فی آخر آیة: (وکان الله على کلّ شیء قدیر)إشارة إلى أنّه سبحانه قد هزم الأحزاب بالریاح والعواصف والجنود الغیبیین یوماً، وهزم ناصریهم ـ أی یهود بنی قریظة ـ بجیش الرعب والخوف یوماً آخر.
