الآیسون من رحمة الله:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 10
سورة العنکبوت / الآیة 20 ـ 23 یبقى هنا سؤالان:

هذه الآیات تواصل البحث فی المعاد أیضاً، على صُورة جُمَل معترضة فی قصّة إبراهیم(علیه السلام).

ولیست هذه أوّل مرّة نواجه فیها مثل هذا الأسلوب... فهذه هی طریقة القرآن دائماً، فعندما یبلغ مرحلة حساسة من ذکر قصّة ما، یترک بقیّة القصّة مؤقتاً للإستنتاج أکثر، ثمّ یعطی النتائج اللازمة.

وعلى کل حال، فإنّ القرآن یدعو فی الآیة الاُولى من هذا المقطع الناس إلى «السیر فی الآفاق» فی مسألة المعاد... فی حین أنّ الآیة السابقة کانت السمة فیها «السیر فی الأنفس» أکثر! یقول القرآن: (قل سیروا فی الأرض فانظروا کیف بدأ الخلق) انظروا إلى أنواع الموجودات الحیة، والاقوام والاُمم المتنوعة والمختلفة، وکیف أنّ الله تعالى خلقها أولا، ثم إنّ الله نفسه الذی أوجدها فی البدایة من العدم قادر أیضاً على ایجادها فی الآخرة (ثمّ الله ینشىءُ النشأة الآخرة).

ولأنّه أثبت قدرته على کل شیء حین خلق الخلق أولا، إذن فـ (إنَّ الله على کل شیء قدیر).

فهذه الآیة والآیة التی قبلها ـ أیضاً ـ أثبتتا بواسطة قدرته الواسعة إمکان المعاد.. مع فرق أنّ الآیة الاُولى تتحدث عن الإنسان نفسه وخلقه وما حوله! والآیة الثّانیة تأمر بمطالعة حالات الاُمم والموجودات الاُخرى، لیروا الحیاة الاُولى فی صور مختلفة وظروف متفاوتة تماماً، ولیطّلعوا على عمومیّة قدرة الله، ولیستیقنوا قدرته على إعادة هذه الحیاة!.

کما أنّ إثبات التوحید یتمُّ ـ أحیاناً ـ عن طریق مشاهدة «الآیات فی الأنفس» وأحیاناً عن طریق «الآیات فی الآفاق» فکذلک یتمّ إثبات المعاد عن هذین الطریقین أیضاً.

وفی عصرنا هذا یمکن أن تبیّن هذه الآیات للعلماء معنىً أعمق وأدق، وهو أن یمضوا ویلاحظوا الموجودات الحیّة الاُولى التی هی فی أعماق البحار على شکل فسائل ونباتات وغیرها، وفی قلب الجبال، وبین طبقات الأرض، ویطلعوا على جانب من أسرار بدایة الحیاة على وجه الأرض، ویدرکوا عظمة الله وقدرته، ولیعلموا أنّه قادر على إعادة الحیاة أیض(1).

هذا وإن کلمة «النشأة» فی الأصل، تعنی إیجاد الشیء وتربیته، وقد یعبرأحیاناً عن الدنیا بالنشأة الأولى، کما یعبر عن الاُخرى بالنشأة الآخرة!.

وهذه اللطیفة جدیرة بالملاحظة، وهی أنّ فی ذیل الآیات السابقة ورد التعبیر «إن ذلک على الله یسیر» وورد التعبیر هنا (إن الله على کل شیء قدیر).

ولعل منشأ التفاوت والاختلاف هو أن الآیة الاُولى تعالج مطالعة محدودة، أمّا الثّانیة فتعالج وتبیّن مطالعة وسیعة جدّاً.

ثمّ یتعرض القرآن الکریم إلى إحدى المسائل المتعلقة بالمعاد، وهی مسألة الرحمة والعذاب، فیقول: (یعذب من یشاء ویرحم من یشاء وإلیه تقلبون).

ومع أنّ رحمة الله مقدمةٌ على غضبه، إلاّ أن الآیة هنا تبدأ أولا بذکر العذاب ثمّ الرحمة، لأنّها فی مقام التهدید، وما یناسب مقام التهدید هو هذا الاُسلوب!.

هنا ینقدح السؤال التالی:

کیف یتحدث القرآن أوّلا عن العذاب والرحمة، ثمّ یتحدث عن معاد الناس إلیه (والیه تقلبون)؟ فی حین أنّ القضیة على العکس من ذلک، ففی البدایة یحضر الناس عند ساحته، ثمّ یشملهم العذاب أو الرحمة.. وربّما کان هذا هو السبب فی أن یعتقد بعضهم أن العذاب والرحمة المذکورین هنا هما فی هذه الدنیا.

ونقول جواباً على مثل هذا السؤال: إنّ العذاب والرحمة ـ بقرینة الآیات السابقة واللاحقة ـ هما عذاب القیامة ورحمتها، وجملة (وإلیه تقلبون) إشارة إلى الدلیل على ذلک: أی: بما أنّ معادکم إلیه وکتابکم وحسابکم لدیه، فالعذاب والرحمة ـ أیضاً ـ بإرادته وتحت أمره!.

ولا یبعد أن یکون العذاب والرحمة فی هذه الآیة لهما معنى واسع، بحیث یشمل العذاب والرحمة فی الدارین.

کما یتّضح أنّ المراد بقول: (من یشاء) هو المشیئة الإلهیّة المقرونة بحکمته، أی کل من کان جدیراً ومستحقاً لذلک... فإن مشیئة الله لیست عبثاً، بل منسجمة مع الإستحقاق والجدارة!

وجملة «تنقلبون» من مادة«القلب» ومعناها فی الأصل: تغییر الشیء من صورة إلى صورة اُخرى، وحیث إنّ الإنسان فی یوم القیامة یعود إلى هیئة الموجود الحی الکامل بعد أن کان تراباً لا روح فیه، فقد ورد هذا التعبیر فی إیجاده ثانیةً أیضاً.

ویمکن أن یکون هذا التعبیر إشارة إلى هذه اللطیفة الدقیقة ـ أیضاً ـ وهی أنّ الإنسان یتبدل فی الدار الاُخرى ویتغیّر تغیراً ینکشف باطنه به وتتجلى أسراره الخفیة، وبهذا فهی تنسجم مع الآیة 9 من سورة الطارق (یوم تبلى السرائر).

وإکمالا لهذا البحث الذی یبیّن أنّ الرحمة والعذاب هما بید الله والمعاد إلیه، یضیف القرآن: إذا کنتم تتصورون أنّکم تستطیعون أن تهربوا من سلطان الله وحکومته ولایمسّکم عذابه، فأنتم فی خطأ کبیر... فلیس الأمر کذلک! (وما أنتم بمعجزین فی الأرض ولا فی السماء)(2).

وإذا کنتم تتصورون أنّکم تجدون من یدافع عنکم وینصرکم هناک، فهذا خطأ محضٌ أیضاً (وما لکم من دون الله من ولی ولا نصیر).

وفی الحقیقة، فإنّ الفرار من قبضة الله وعذابه، إمّا بأن تخرجوا من حکومته، وإمّا بأن تعتمدوا مع بقائکم فی حکومته على قدرة الآخرین لتدافعوا عن أنفسکم، فلا الخروج ممکن، لأنّ البلاد کلّها له وعالم الوجود کلّه ملکه الواسع، ولا یوجد أحد یستطیع أن یقف أمام قدرته وینهض للدفاع عنکم.


1. سبق أن تعرضنا إلى بحث حول «السیر فی الأرض» وآثاره، غیر أنّ البحث الفائت کانت فیه جوانب من دروس العبرة فی مجال قصص الأمم الماضیة وطغاتها. التّفسیر الأمثل ذیل الآیة 137 سورة آل عمران، فلا بأس بمراجعتها.
2. کلمة «معجزین» مشتقّة من مادة «عجز»، ومعناها فی الأصل التخلّف والتأخر عن الشیء، ولذلک تستعمل هذه الکلمة فی الضعف الباعث على التخلف والتأخر، «المعجزة» معناه الذی یجعل الآخر عاجزاً، وحیث إنّ الأفراد الذین یفرون من سلطان أحد وقدرته، یعجزونه عن ملاحقتهم، لذلک استعملت کلمة «معجز» فی هذا الصدد أیضاً.
سورة العنکبوت / الآیة 20 ـ 23 یبقى هنا سؤالان:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma