إنّ الآیة المذکورة دلیل واضح على أنّ الحزم والإخلاص وعدم الخوف من أی أحد إلاّ الله تعالى، شرط أساسی فی التقدّم والرقی فی مجال الإعلام والتبلیغ.
الأشخاص الذین یراعون رغبات ومیول هذا وذاک فی مقابل أمر الله، ویوجّهون الحقّ والعدالة بما یناسب أهواءهم، سوف لا یحصلون على نتیجة مطلقاً، فلا نعمة أسمى من نعمة الهدایة، ولا خدمة أنفع من إهداء هذه النعمة للبشریة، ولذلک کان جزاء وثواب هذا العمل أعظم من کلّ ثواب وعطاء، ومن هنا نقرأ فی حدیث عن أمیر المؤمنین(علیه السلام) أنّه قال: «بعثنی رسول الله(صلى الله علیه وآله) إلى الیمن وقال لی: یاعلی لا تقاتلن أحداً حتى تدعوه، وأیم الله لئن یهدی الله على یدیک رجلا خیر ممّا طلعت الشمس وغربت»(1).
ولهذا السبب أیضاً یجب أن یستغنی المبلّغون الحقیقیون عن الناس، ولا یخافون أی مقام ومنصب، فإنّ تلک الحاجة والخوف سیترکان أثراً على أفکارهم وإرادتهم شاءوا أم أبوا.
إنّ المبلّغ الإلهی یفکّر فقط ـ بمقتضى (وکفى بالله حسیب) ـ بأنّ محصی الأعمال والمحاسب علیها هو الله تعالى، وبیده جزاؤه وثوابه، وهذا الوعی والعرفان هو الذی یمدّه ویعینه فی هذا الطریق الملیء بالعقبات.