نفور المعبودین من عابدیهم:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 10
سورة سبأ / الآیة 39 ـ 42 1ـ الإنفاق سبب النماء لا النقصان

تعود هذه الآیات لتؤکّد مرّة اُخرى خطأ الذین یتوهمون بأنّ أموالهم وأولادهم سبب لقربهم من الله فتقول: (قل إنّ ربّی یبسط الرزق لمن یشاء من عباده ویقدر له).

ثمّ تضیف الآیة: (وما أنفقتم من شیء فهو یخلفه وهو خیر الرازقین).

فمع أنّ محتوى هذه الآیة یؤکّد ما عرضته الآیات السابقة إلاّ أنّ هناک ما هو جدید من جهتین:

الاُولى: أنّ الآیة السابقة التی عرضت نفس المفهوم، کانت تتحدّث عن أموال وأولاد الکفّار، بینما الآیة محلّ البحث باحتوائها على کلمة «عباد» تشیر إلى المؤمنین، والمعنى أنّه حتى فیما یخصّ المؤمنین فإنّه قد یتّسع الرزق ـ لأنّه الأصلح بالنسبة للمؤمن ـ وقد یضیق ـ لأنّ المصلحة تقتضی ذلک ـ على کلّ حال، فإنّ سعة وضیق الرزق لا یمکن أن یشکّل دلیلا على أی شیء.

الثّانیة: الآیة السابقة أشارت إلى سعة الرزق وضیقه بالنسبة إلى مجموعتین مختلفتین، فی حین أنّ هذه الآیة تشیر إلى حالتین مختلفتین بالنسبة لشخص واحد، حیناً یتّسع رزقه وحیناً یضیق.

إضافةً إلى أنّ ما جاء فی بدایة هذه الآیة هو فی الحقیقة مقدّمة لما جاء فی آخرها، وهو الترغیب فی الإنفاق فی سبیل الله.

جملة «فهو یخلفه» تعبیر جمیل یشیر إلى أنّ ما ینفق فی سبیل الله إنّما هو فی الحقیقة تجارة وافرة الربح، لأنّ الله سبحانه وتعالى تعهّد بأن یخلفه، ونعلم أنّه فی الوقت الذی یتعهّد فیه الکریم بأداء العوض فإنّه لا یراعی المقدار الذی یرید تعویضه، بل إنّه یعوّض بأضعاف مضاعفة، بل بمئات الأضعاف.

طبعاً فإنّ هذا الوعد الإلهی لا ینحصر بالآخرة، فإنّ ذلک مسلّم به، ولکن فی الدنیا أیضاً فإنّه یخلف ما أنفق بمختلف البرکات.

جملة (هو خیر الرازقین) ذات معنى واسع، ویمکن الإفادة منها من وجوه مختلفة.

هو خیر من یعطی رزقاً، لأنّه یعلم ماذا یعطی وإلى أی حدّ، بحیث لا یکون ما یعطیه عاملا للفساد والغرور، لأنّه عالم بکلّ شیء.

هو یعطی أی شیء یرید أن یعطیه لأنّه قادر على کلّ شیء.

ولا یرید جزاءاً على ما یعطیه لأنّه غنی بذاته. ویعطی ابتداءً، لأنّه حکیم وعالم بکلّ شیء. بل الحقیقة أنّه لیس من رزّاق غیره، لأنّ أی معط إنّما یعطی ممّا رزقه الله، وبذا فهو لیس سوى «واسطة انتقال» لا رزّاقاً.

وکذلک فهو تعالى یعطی النعم الباقیة قبال المال الفانی، والکثیر مقابل القلیل.

ولأنّ فریقاً من الأثریاء الظالمین الطغاة کانوا فی صفّ المشرکین، وادّعوا بأنّهم یعبدون الملائکة وأنّهم شفعاؤهم یوم القیامة، فقد ردّ القرآن على هذا الإدّعاء الباطل فقال: (ویوم یحشرهم جمیعاً ثمّ یقول للملائکة أهؤلاء إیّاکم کانوا یعبدون).

بدیهی أنّ هذا السؤال لیس من باب الإستفهام عن الجواب، لأنّ الله تعالى عالم بکلّ شیء، ولکن الهدف هو أن تظهر الحقائق من إجابة الملائکة، لکی یخسأ هؤلاء الضالّون ویخیب ظنّهم، ویعلموا بأنّ الملائکة متنفّرین من أعمالهم، فیصیبهم الیأس إلى الأبد.

ذکر (الملائکة) من بین المعبودات التی کان المشرکون یعبدونها، إمّا لأنّ الملائکة أشرف المخلوقات التی عبدها الضالّون، والتی لم یحصلوا على شفاعتها یوم القیامة، فماذا یستطیعون الحصول علیه من حفنة من الحجر أو الأخشاب أو الجنّ أو الشیاطین!؟

أو أنّه من قبیل أنّ عبدة الأوثان کانوا یعتقدون بأنّ الأحجار والأخشاب هی مظهر

ونموذج لموجودات علویة (کالملائکة وأرواح الأنبیاء)، ولذا عبدوها، فکما ورد فی تاریخ الوثنیة عند العرب «إنّ سبب حدوث عبادة الأصنام فی العرب، هو أنّ «عمرو بن لحی» مرّ بقوم بالشام فرآهم یعبدون الأصنام فسألهم فقالوا له: هذه أرباب نتّخذها على شکل الهیاکل العلویة فنستنصر بها ونستسقی. فتبعهم وأتى بصنم معه إلى الحجاز وسوّل للعرب فعبدوه واستمرّت عبادة الأصنام فیهم إلى أن جاء الإسلام»(1) (2).

والآن لننظر ماذا تقول الملائکة للإجابة على سؤال الباری عزّوجلّ؟ لقد اختارت الملائکة فی الحقیقة أکثر الأجوبة شمولیة وأعظمها أدباً (قالوا سبحانک أنت ولیّنا من دونهم بل کانوا یعبدون الجنّ أکثرهم بهم مؤمنون).

أمّا ما هو المقصود من الجواب الذی أجابت به الملائکة؟ فللمفسّرین أقوال، ویبدو أنّ أقربها هو القول بأنّ المقصود (بالجنّ) هو (الشیطان) وسائر الموجودات الخبیثة التی شجّعت عبدة الأوثان على ذلک العمل، وزینته فی أنظارهم، وعلیه فإنّ المراد من عبادة الجنّ هی تلک الطاعة والإنقیاد لأوامرها والرضى بأضالیلها.

فالملائکة إذاً یقولون ضمن إعلان تنفّرهم وعدم رضاهم على هذه الأعمال: إنّ العامل الأساسی لهذا الفساد هم الشیاطین، وإن کان الظاهر أنّهم یعبدوننا، فالمهمّ هو الکشف عن الوجه الحقیقی لهذا العمل أمام الملأ.

وقد ورد نظیر هذا المعنى فی سورة یونس ـ الآیة 28 حیث یقول تعالى: (ویوم نحشرهم جمیعاً ثمّ نقول للذین أشرکوا مکانکم أنتم وشرکاؤکم فزیّلنا بینهم وقال شرکاؤهم ما کنتم إیّانا تعبدون). أی إنّکم فی الحقیقة لم تعبدونا نحن، بل تعبدون أهواءکم وأوهامکم وخیالاتکم، ناهیک عن أنّ هذه العبادة لم تکن بأمرنا ورضانا، وعبادة هذا شکلها لیست بعبادة أصلا.

وبهذه الطریقة یتبدّل أمل المشرکین فی ذلک الیوم إلى یأس کامل، وتتجلّى لهم بذلک حقیقة أنّ معبودیهم لن یحلّوا من مشاکلهم عقدة صغیرة واحدة، بل على العکس فهم منهم متنفّرون مستاءون.

لذا ـ وکاستخلاص للنتیجة ـ تقول الآیة الکریمة التی بعدها: (فالیوم لا یملک بعضکم لبعض نفعاً ولا ضرّ). وبناءً على ذلک فلا الملائکة ـ الذین هم ظاهراً معبودون ـ یستطیعون الشفاعة لهم، ولا هم یستطیعون مساعدة بعضهم البعض.

(ونقول للذین ظلموا ذوقوا عذاب النار التی کنتم بها تکذّبون).

لیست هذه هی المرّة الاُولى التی یعبّر فیها القرآن عن المشرکین بـ «الظلم» بل ورد ذلک فی الکثیر من آیات القرآن.

التعبیر عن «الکفر» بـ «الظلم». أو عن «الکافرین والمشرکین» بـ «الظالمین». ذلک لأنّهم قبل کلّ شیء ظلموا أنفسهم بخلعهم تاج العبودیة لله عن رؤوسهم، ولفّوا طوق الذلّة للأوثان على رقابهم. ودمّروا شخصیتهم ومصیرهم.

وفی الحقیقة فإنّهم سیعاقبون یوم القیامة على شرکهم وعلى إنکارهم للمعاد، وجملة (ونقول للذین ظلموا ذوقوا عذاب النار التی کنتم بها تکذّبون) تشتمل على المعنیین.


1. تفسیر روح المعانی، ج 22، ص140 ـ کذلک ورد هذا المعنى بتفاوت یسیر فی سیرة ابن هشام، ج 1، ص79 ـ وهناک نقرأ أنّه جلب معه الصنم «هبل».
2. عمرو بن لُحی: أحد الشخصیات المعروفة فی مکّة قبل الإسلام.
سورة سبأ / الآیة 39 ـ 42 1ـ الإنفاق سبب النماء لا النقصان
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma