یوم إنتصارنا:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 10
سورة السجدة / الآیة 26 ـ 30 سبب التسمیة وفضلها:

کانت الآیات السابقة ممزوجة بتهدید المجرمین من الکفّار، وتقول الآیة الاُولى من الآیات مورد البحث إکمالا لهذا التهدید: (أو لم یهد لهم کم أهلکنا من قبلهم من القرون(1))فهؤلاء یسیرون بین الخرائب ویرون آثار اُولئک الأقوام الذین هلکوا من قبلهم (یمشون فی مساکنهم)(2).

تقع مساکن «عاد» و«ثمود» المدمّرة، ومدن «قوم لوط» الخربة فی طریق هؤلاء إلى الشام، وکانت هذه المساکن مقرّاً ومرکزاً للأقوام الأقویاء المنحرفین، وطالما حذّرهم الأنبیاء فلم یؤثّر فیهم ذلک، وأخیراً طوى العذاب الإلهی ملفّ حیاتهم، وکان المشرکون یمرّون على تلک الخرائب فکأنّ لبیوت هؤلاء وقصورهم المتهدّمة مئة لسان، تصیح بهؤلاء أن یتنبّهوا، وتبیّن لهم وتحدّثهم بنتیجة الکفر والإنحطاط، لکنّهم لم یعبؤوا بها ویلتفتوا إلیها، وکأنّهم فقدوا أسماعهم تماماً، ولذلک تضیف الآیة فی النهایة: (إنّ فی ذلک لآیات أفلا یسمعون).

وتشیر الآیة التالیة إلى أحد أهمّ النعم الإلهیّة التی هی أساس عمران کلّ البلدان، ووسیلة حیاة کلّ الکائنات الحیّة، لیتّضح من خلالها أنّ الله سبحانه کما یمتلک القدرة على تدمیر بلاد الضالّین المجرمین، فإنّه قادر على إحیاء الأراضی المدمّرة والمیّتة، ومنح عباده کلّ نوع من المواهب، فتقول: (أو لم یروا أنّا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعاً تأکل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا یبصرون).

«الجُرُز» تعنی الأرض القاحلة التی لا ینبت فیها شیء قطّ، وهی فی الأصل من مادّة (جَرَزْ) على وزن (مرض) بمعنى «القطع»، فکأنّ النباتات قد اجتثّت من مثل هذه الأرض، أو أنّ الأرض نفسها قد قطعت تلک النباتات.

والطریف هنا أنّه قد عُبّر بـ : (نسوق الماء) وهو إشارة إلى أنّ طبیعة الماء توجب ـ بحکم ثقله ـ أن یکون على الأرض وفی المنخفضات، وبحکم کونه مائعاً یجب أن ینزل إلى أعماق الأرض، إلاّ أنّه عندما یصله أمرنا یفقد طبیعته، ویتحوّل إلى بخار خفیف یتحرّک إلى کلّ الجهات بهبوب النسیم.

نعم، إنّ هذه السحب السابحة فی السماء بحار کبیرة من المیاه العذبة تُرسل إلى الأراضی الیابسة بأمر الله ومعونة الریاح.

والواقع أنّه لولا المطر فإنّ کثیراً من الأراضی لا ترى حتى القطرة الواحدة من الماء، وإذا افترضنا أنّ هناک أنهاراً غزیرة المیاة فانّ تلک المیاه لا تصل إلى أغلب الأراضی، إلاّ أنّنا نرى أنّه ببرکة هذه الرحمة الإلهیّة قد نبتت ونمت الأعشاب والغابات والأشجار الکثیرة جدّاً على قمم کثیر من الجبال والودیان الوعرة والتلال المرتفعة، وهذه القدرة العجیبة للمطر على الری لا یستطیع القیام بها شیء آخر.

«زرعاً» له هنا معنى واسعاً یشمل کلّ أنواع العشب والشجر، وإن کان یستعمل أحیاناً فی مقابل الشجر.

ویمکن أن یکون تقدیم الدوابّ والأنعام على البشر فی هذه الآیة لأنّ تغذیة الحیوانات تعتمد على النبات، فی حین أنّ البشر یتغذّى على النبات وعلى لحوم الحیوانات.

أو من جهة أنّ النبات بمجرّد نموّه یصبح غذاء للحیوانات، وتستطیع الاستفادة منه وهضمه، فی حین أنّ استفادة الإنسان من النباتات، تتأخّر حتى تحمل الشجرة وتنضج الثمرة.

والطریف هنا أنّ جملة: (أفلا یبصرون) قد وردت فی نهایة الآیة مورد البحث، فی حین أنّ الآیة السابقة التی کانت تتحدّث عن أطلال قصور الأقوام الغابرة قد ختمت بجملة: (أفلا یسمعون).

وعلّة هذا الإختلاف هو أنّ الجمیع یرون باُمّ أعینهم منظر الأراضی المیّتة وهی تحیا على أثر نزول الأمطار ونموّ نباتها وینع ثمرها، فی حین أنّهم یسمعون المسائل المرتبطة بالأقوام السابقین کأخبار غالباً.

ویستفاد من مجموع الآیتین أعلاه أنّ الله تعالى یقول لهؤلاء العصاة المتمردّین: انتبهوا جیّداً، وافتحوا عیونکم وأسماعکم، فاسمعوا الحقائق، وانظروا إلیها، وتفکّروا کیف أمرنا الریاح یوماً أن تحطّم قصور قوم عاد ومساکنهم وتجعلها أطلالا وآثاراً، وفی یوم آخر نأمر ذات الریاح أن تحمل السحاب الممطر إلى الأراضی المیّتة البور لتحیی تلک الأراضی وتجعلها خضراء نضرة، ألا تستسلمون وتذعنون لهذه القدرة؟!

ولمّا کانت الآیات السابقة تهدّد المجرمین بالإنتقام، وتبشّر المؤمنین بالإمامة والنصر، فإنّ الکفّار یطرحون هذا السؤال غروراً واستکباراً وتعلّلا بأنّ هذه التهدیدات متى ستتحقّق؟ کما یذکر القرآن ذلک: (ویقولون متى هذا الفتح إن کنتم صادقین).

فیجیبهم القرآن مباشرةً، ویأمر النّبی(صلى الله علیه وآله) أن (قل یوم الفتح لا ینفع الذین کفروا إیمانهم ولا هم ینظرون) أی: إذا کان مرادکم أن تروا صدق الوعید الإلهی الذی سمعتموه من النّبی لتؤمنوا، فإنّ الوقت قد فاتکم، فإذا حلّ ذلک الیوم لا ینفعکم إیمانکم فیه شیئاً.

وممّا قلنا یتّضح أنّ المراد من «یوم الفتح» یوم نزول «عذاب الإستئصال»، أی العذاب الذی یقطع دابر الکافرین، ولا یدع لهم فرصة الإیمان. وبتعبیر آخر فإنّ عذاب الإستئصال نوع من العذاب الدنیوی، لا من عذاب الآخرة، ولا من العقوبات الدنیویة المعتادة، بل هو العذاب الذی یُنهی حیاة المجرمین بعد إتمام الحجّة.

والشاهد على هذا القول اُمور:

) إذا کان المراد العقوبات الدنیویة المعتادة، أو الإنتصارات الشبیهة بانتصار المسلمین فی معرکة بدر ویوم فتح مکّة ـ کما قال ذلک بعض المفسّرین ـ فإنّ جملة: (لا ینفع الذین کفروا

إیمانهم) لا تصحّ حینئذ، لأنّ الإیمان کان مفیداً حینذاک، وأبواب التوبة کانت مفتّحة یوم الإنتصار فی بدر، وفی یوم فتح مکّة.

ب) إذا کان المراد من یوم الفتح یوم القیامة ـ کما ارتضى ذلک بعض  المفسّرین ـ فإنّ ذلک لا یناسب جملة: (ولا هم ینظرون) لأنّ إعطاء الفرصة وعدمه یرتبط بالحیاة الدنیا، إضافةً إلى أنّ «یوم الفتح» لم یستعمل بمعنى یوم القیامة فی أیّ موضع من القرآن الکریم.

ج) إنّ التعبیر بالفتح فی مورد عذاب الإستئصال یلاحظ مراراً فی القرآن، مثل الآیة 118 من سورة الشعراء، حیث یقول نوح: (فافتح بینی وبینهم فتحاً ونجّنی ومن معی من المؤمنین) وهو إشارة إلى عقوبة الطوفان.

وورد نظیر هذا المعنى فی الآیة 77 من سورة المؤمنون أیضاً.

إلاّ أنّ المراد إذا کان عذاب الإستئصال فی الدنیا فإنّه یتّفق مع ما قلناه أعلاه، وینسجم مع کلّ القرائن، وهو فی الواقع تهدید للکافرین والظالمین بأن لا تطلبوا تحقّق الوعد بالفتح للمؤمنین ووقوع عذاب الإستئصال على الکافرین، فإنّ طلبکم إذا تحقّق فسوف لا تجدون الفرصة للإیمان، وإذا وجدتم الفرصة وآمنتم فإنّ إیمانکم سوف لا یقبل.

وهذا المعنى خاصّة یتلاءم کثیراً مع الآیات السابقة التی تحدّثت عن هلاک الأقوام المتمردّین الطاغین الذین کانوا یعیشون فی القرون الماضیة، وابتلوا بالعذاب الإلهی والفناء، لأنّ کفّار مکّة إذا سمعوا الکلام الذی ورد فی الآیتین السابقتین فإنّهم سیطلبون تحقّق مثل هذا الموضوع فی حقّهم، إلاّ أنّ القرآن الکریم یحذّرهم بأن لا یطلبوا مثل هذا الطلب، فإنّ العذاب إذا نزل لا یبقى لهم شیء.

وأخیراً تنهی الآیة الأخیرة هذه السورة ـ سورة السجدة ـ بتهدید بلیغ عمیق المعنى، فتقول: (فأعرض عنهم وانتظر إنّهم منتظرون).

الآن، حیث لم تؤثّر فی هؤلاء البشارة ولا الإنذار، ولا هم أهل منطق واستدلال لیعرفوا الله سبحانه بمشاهدة الآثار الإلهیّة فی خفایا الخلقة فیعبدوه، ولیس لهم وجدان حیّ یترنّم فی أعماقهم بنغمة التوحید فیسمعونها، فأعرض عنهم، وانتظر رحمة الله سبحانه، ولینتظروا عذابه فإنّهم لا یستحقّون سواه.

اللهمّ اجعلنا ممّن یسلّم ویؤمن عند رؤیة أوّل علامات الحقّ وآیاته.

اللهمّ أبعد عنّا روح الکبر والغرور والعناد ونجّنا منها.

اللهمّ عجلّ بنصر جند الإسلام على جنود الکفر والإستکبار والإستعمار.

نهایة سورة السجدة


1. فاعل (لم یهد) یفهم من جملة (کم أهلکنا من قبلهم) والتقدیر: أو لم یهد لهم کثرة من أهلکنا.
2. ذکر أغلب المفسّرین فی تفسیر الآیة ما ذکرناه أعلاه، إلاّ أنّ البعض احتمل أن تکون جملة (یمشون)بیاناً لحال المهلکین، أی أنّ اُولئک الأقوام کانوا فی غفلة تامّة عن العذاب الإلهی، وکانوا یسیرون فی مساکنهم ویتنّعمون بها، إذ أتاهم عذاب الله بغتةً وأهلکهم. إلاّ أنّ هذا الاحتمال یبدو بعیداً.
سورة السجدة / الآیة 26 ـ 30 سبب التسمیة وفضلها:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma