آیاتُ عظمته ـ مرّةً اُخرى:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 10
سورة الروم / الآیة 23 ـ 25 1ـ دورة دروس کاملة لمعرفة الله

تعقیباً على الأبحاث السابقة حول آیات الله فی الآفاق وفی الأنفس، تتحدث هذه الآیات ـ محل البحث ـ حول قسم آخر من هذه الآیات العظیمة.

فتتحدث فی البدایة عن ظاهرة «النوم» على أنّها ظاهرة مهمّة من ظواهر الخلق ومثل بارز من نظام الحکیم الخالق، فتقول: (ومن آیاته منامکم باللیل والنهار وابتغاؤکم من فضله).

وتُختتم الآیة بإثارة العبرة بالقول: (إنّ فی ذلک لآیات لقوم یسمعون).

وهذه الحقیقة غیر خافیة على أحد، هی أنّ جمیع «الموجودات الحیة» تحتاج إلى الراحة والدعة، وذلک لتجدید قوّتها وتهیئة الإستعداد اللازم لإدامة العمل والفعالیة، الراحة التی لابدّ منها حتى لأولئک الأفراد الحریصین والجادیّن.

فأی شیء یُتصور أحسن من النوم للوصول إلى هذا الهدف، وهو یأتیه بشکل إلزامی، ویدعوه إلى تعطیل نشاطه الجسمانی، وقسم مهم من نشاطه الفکری والذهنی، بینما تستمر أجهزة خاصة فی العمل فی جسم الإنسان کالقلب الرئة وبعض النشاط الذهنی، وما إلى

ذلک ممّا یستلزمه استمرار الحیاة فی الإنسان فحسب، أمّا البقیة فتهدأ وتتعطل عن العمل.

هذه الموهبة العظیمة تؤدّی إلى أن یحصل جسم الإنسان وروحه على الراحة اللازمة، فیرتفع التعب بطرو النوم الذی بمثابة وقفة لعمل البدن، ونوع من التعطیل له، ویجد الإنسان على أثرها قوة ونشاطاً جدیداً فی حیاته.

ومن المسلّم به أنّه لولا النوم لتصدّعت روح الإنسان وذبل جسمه وانهار بسرعة، ولعجل علیه العجز والشیخوخة... وبهذا فإن النوم المناسب والهادىء مدعاة للسلامة وطول العمر، ودوام «الشباب» ونشاطه.

وممّا یجدر التنبیه علیه أوّلاً: أنّ النوم ورد قبل عبارة (ابتغاؤکم من فضله)التی تعنی السعی وراء الرزق، وهذا التعبیر هو إشارة إلى أنّ النوم أساس السعی لأنّه ـ من دون النوم الکافی ـ یصعب الإبتغاء من فضل الله.

ثانیاً: صحیح أنّ النوم یقع فی اللیل، والإبتغاء من فضل الله فی النهار، إلاّ أنّه لیس صعباً على الإنسان أن یغیّر هذا المنهج إذا اقتضت الضرورة، بل الله خلق الإنسان بصورة یستطیع معها تغییر منهجیة النوم، ویجعلها وفقاً للضرورات والحاجات، فکأنّ التعبیر (منامکم باللیل والنهار) إشارة إلى هذه «اللطیفة» الدقیقة.

ولا شک أنّ المنهج الأصل للنوم متعلق باللیل، ولأنّ اللیل هادىء بسبب الظلمة، فله أولویة خاصة فی هذا المورد.

ولکن قد یتفق للإنسان ولظروف خاصة یکون مجبراً على السفر لیلا وأن یستریح نهاراً... فلو کان منهج تنظیم النوم خارجاً عن اختیار الإنسان فسیواجه العدید من الصعوبات حتماً.

وأهمیّة هذا الموضوع، خاصة فی عصرنا الذی تضطر فیه بعض المؤسسات الصناعیة والطبیة والعلاجیة أن تعمل لیل نهار، ولا یمکن لها أن تعطل منهجها بحیث یتناوب عمالها فی ثلاث مراحل للعمل فیها، هذه الأهمیّة فی هذا العصر أجلى منه فی أی عصر مضى!

وحاجة جسم الإنسان وروحه إلى النوم کثیرة إلى درجة لا یستطیع الفرد أن یتحمل السهر المتواصل أکثر من یومین أو ثلاثة.

ولذلک فإنّ المنع من النوم یعتبر من أشد أنواع التعذیب الذی یمارسه الطغاة والجبابرة مع سجنائهم.

وکذلک یُعدُّ النوم واحداً من الطرق العلاجیة لکثیر من الأمراض، حیث یوصی الأطباء

المریض بأن یغطّ فی نوم عمیق فتزداد بذلک قوّة المریض ومناعته.

وبالطبع لا یمکن لأحد أن یحدد مقداراً معیناً للنوم على أنّه «مقدار النوم اللازم» لعموم الناس لأنّ ذلک یرتبط بسنّ الأشخاص ووضعهم ومزاجهم وکیفیة البناء الفیسیولوجی والسیکلوجی «الجسیمی والروحی»، بل المهم النوم الکافی بمقدار یحسّ الإنسان بعده بأنّه شبع منه... کما هی الحال بالنسبة للشبع من الغذاء والماء تماماً.

وینبغی الإلتفات إلى هذه المسألة، وهی أنّه بالإضافة إلى «طول» زمان النوم ،فلعمقه خصوصیة وأهمیّة اُخرى أیضاً... فرب ساعة ینام فیها الإنسان نوماً عمیقاً تسد عن عدد من الساعات التی ینامها نوماً سطحیاً فی إعادة بناء روح الإنسان وجسمه.

وبالطبع، فحیث لا یمکن النوم العمیق، فالنعاس أیضاً من النعم الإلهیّة، کما أشارت إلیه الآیة الحادیة عشرة من سورة الأنفال فی شأن المجاهدین یوم بدر (إذْ یغشیّکم النعاس أمنة منه) لأنّه لا یمکن النوم العمیق فی میدان الحرب، ولیس مفیداً ـ أیضاً ـ ولا نافعاً.

وعلى کل حال فإن نعمة النوم والهدوء والاطمئنان الناشىء منه، وما یحصل علیه الانسان من قوة ونشاط بعد النوم، هی من النعم التی لا یمکن وصفها بأی بیان!.

والآیة التی تلتها، والتی تبیّن خامس آیة من آیات عظمة الله، تتجه أیضاً إلى «الآیات فی الآفاق» وتتحدث عن البرق والرعد والغیث وحیاة الأرض بعد موتها فتقول: (ومن آیاته یریکم البرق خوفاً وطمع).

«الخوف» ممّا یخطر على البال من احتمال نزول الصاعقة مع البرق فتحرق کل شیء تقع علیه وتحیله رماداً.

«والطمع» من جهة نزول الغیث الذی ینزل بعد البرق والرعد على هیئة قطر أو مزنة.

وعلى هذا فإنّ البرق السماوی مقدمة لنزول الغیث (بالإضافة إلى فوائد البرق المختلفة المهمّة والتی کشف العلم عنها أخیراً وقد تحدثنا عنه فی بدایة سورة الرعد»(1).

ثمّ یضیف القرآن معقباً (وینزل من السماء ماءً فیحیی به الأرض بعد موته).

الأرض المیتة التی لا یؤمل فیها الحیاة والنبات، تهتز بنزول الغیث الذی یمنحها الحیاة، فتحیا وتظهر آثار الحیاة علیها على هیئة الأزهار والنباتات، بحیث لا تصدق أحیاناً أنّها الأرض المیتة سابقاً.

ویؤکّد القرآن فی نهایة هذه الآیة مضیفاً: (إنّ فی ذلک لآیات لقوم یعقلون)ویفهمون أن وراء هذه الخطة المدروسة یداً قادرة تقودها وتهدیها، ولا یمکن أن تکون المسألة ولیدة الصدفة والضرورة العمیاء الصّماء أبداً.

وفی آخر آیة من الآیات محل البحث، یقع الکلام عن آیة اُخرى من الآیات الآفاقیة، وذلک عن تدبیر نظام السماء والأرض وبقائهما ودوامهما، إذ تقول: (ومن آیاته أن تقوم السماء والأرض بأمره).

أی إنّ خلق السماوات ـ المشار إلیه فی الآیات السابقة ـ لیس آیة وحدة فحسب، بل بقاؤها ودوام نظامها أیضاً آیة اُخرى، فهذه الأجرام العظیمة فی دورانها المنظّم حول نفسها تحتاج إلى اُمور کثیرة، وأهمّها المحاسبة المعقدة للقوّة الجاذبة والدافعة!

إنّ الخالق الکبیر جعل هذا التعادل دقیقاً، بحیث لا یعترض الأجرام أدنى انحراف فی مسیرها ودورانها حول نفسها إلى ملایین السنین.

وبتعبیر آخر: إنّ الآیة السابقة کانت إشارة إلى «توحید الخلق» وأمّا هذه الآیة فهی إشارة إلى «توحید الربوبیة والتدبیر».

والتعبیر بقیام السماء والأرض، تعبیر لطیف مأخوذ من حالات الإنسان، لأنّ أحسن حالات الإنسان لأجل استدامة نشاطه هی حالة قیامه، إذ یستطیع فیها أداء جمیع حوائجه، وتکون له السیطرة والتسلط الکامل على أطرافه.

والتعبیر بـ «أمره» هنا إشارة إلى منتهى قدرة الله، إذ یکفی أمر واحد من قبله لاستمرار الحیاة، ونظم هذا العالم الوسیع.

وفی نهایة الآیة وبالاستفادة من عامل التوحید لإثبات المعاد، ینقل القرآن البحث إلى هذه المسألة فیقول: (ثمّ إذا دعاکم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون).

ولقد رأینا ـ مراراً ـ فی آیات القرآن أن الله سبحانه یستدل على المعاد بآیات قدرته فی السماء والأرض، والآیة محل البحث واحدة من تلک الآیات.

والتعبیر بـ«دعاکم» إشارة إلى أنّه کما أنّ أمراً واحداً منه کاف للتدبیر ولنظم العالم، فإنّ دعوة واحدة منه کافیة لأن تبعثکم من رقدتکم وتنشرکم من قبورکم لیوم القیامة، وخاصة إذا لاحظنا جملة (إذا أنتم تخرجون) فإنّ کلمة «إذا» تبین بوضوح مؤدّى هذه الجملة، حیث إنّها «فجائیة» کما یصطلح علیها أهل النحو واللغة، ومعناها: إذا دعاکم الله تخرجون بشکل سریع وفجائی.

والتعبیر بـ (دعوة من الأرض) دلیل واضح على المعاد الجسمانی، إذ یثب الإنسان فی یوم القیامة من هذه الأرض «فلاحظوا بدقّة».


1. راجع إلى هذا التفسیر، سورة الرعد، الآیات الاُولى منها.
سورة الروم / الآیة 23 ـ 25 1ـ دورة دروس کاملة لمعرفة الله
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma