هو المالک لکلّ شیء والعالم بکلّ شیء:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 10
سورة سبأ / الآیة 1 ـ 2 سورة سبأ / الآیة 3 ـ 5

خمس سور من القرآن الکریم افتتحت «بحمد الله»، وإرتبط (الحمد) فی ثلاثة منها بخلق السموات والأرض وهی (سبأ وفاطر والأنعام) بینما کان مقترناً فی سورة الکهف بنزول القرآن على قلب الرّسول الأکرم(صلى الله علیه وآله)، وجاء فی سورة الفاتحة تعبیراً جامعاً شاملا لکلّ هذه الإعتبارات (الحمد لله ربّ العالمین). على کلّ حال، الحمد والشکر لله تعالى فی مطلع سورة سبأ هو فی قبال مالکیته وحاکمیته تعالى فی الدنیا والآخرة.

یقول تعالى: (الحمد لله الذی له ما فی السموات وما فی الأرض وله الحمد فی الآخرة).

لذا فإنّ الحاکمیة والمالکیة فی الدنیا والآخرة له سبحانه، وکلّ موهبة، وکلّ نعمة، ومنفعة وبرکة، وکلّ خلقة سویة عجیبة مذهلة، تتعلّق به تعالى، ولذا فإنّ «الحمد» الذی حقیقته «الثناء على فعل اختیاری حسن» کلّه یعود إلیه تعالى، وإذا کانت بعض المخلوقات تستحقّ الحمد والثناء، فلأنّها شعاع من وجوده عزّوجلّ ولأنّ أفعالها وصفاتها قبس من أفعاله وصفاته تعالى. وعلیه فکلّ مدح وثناء یصدر من أحد على شیء فی هذا العالم، فإنّ مرجعه فی النهایة إلى الله سبحانه وتعالى.

ثمّ یضیف تعالى قائلا: (وهو الحکیم الخبیر).

فقد اقتضت حکمته البالغة أن یُخضع الکون لهذا النظام العجیب، وأن یستقرّ ـ بعلمه

وإحاطته ـ کلّ شیء فی محلّه من الکون، فیجد کلّ مخلوق ـ کلّ ما یحتاج إلیه ـ فی متناوله.

وقد تحدّث المفسّرون کثیراً فی هذه الآیة عن المقصود من الحمد والشکر فی الآخرة ..

فذهب بعضهم: إنّ الآخرة وإن لم تکن دار تکلیف، إلاّ أنّ عبّاد الرحمن الذین تسامت أرواحهم بعشق بارئهم هناک، یشکرونه ویحمدونه وینتشون بلذّة خاصّة من ذلک.

وقال آخرون: إنّ أهل الجنّة یحمدونه على فضله، وأهل النار یحمدونه على عدله.

وقیل: إنّ الإنسان ـ نتیجة وجود الحجب المختلفة على قلبه وعقله فی الدنیا ـ لا یمکنه أن یحمد الله حمداً خالصاً، وعندما ترتفع هذه الحجب یوم القیامة تتّضح مالکیته تعالى وهیمنته على عالم الوجود للجمیع مصداقاً لقوله تعالى (الملک یومئذ لله)(1) وحینها تلهج الألسن بحمده والثناء علیه بکامل خلوص النیّة.

وکذلک فإنّ الإنسان قد یغفل فی هذه الدنیا فیحمد بعض المخلوقات، متوهماً استقلالها، إلاّ أنّه فی الآخرة، وحیث یتّضح ارتباط الکلّ به تعالى کإرتباط أشعّة الشمس بقرصها، فإنّ الإنسان لن یؤدّی الحمد والثناء إلاّ لله سبحانه.

فضلا عن کلّ هذا، فقد ورد مراراً فی القرآن الکریم ـ أیضاً ـ أنّ أصحاب الجنّة یحمدون الله حین دخولهم جنّات الخلد: (وقالوا الحمد لله الذی أذهب عنّا الحزن).(2)

(وآخر دعواهم أن الحمد لله ربّ العالمین).(3)

على کلّ حال فإنّ هذا الحمد والثناء لا ینطلق من ألسنة الناس والملائکة فقط، بل تُسمع همهمة الحمد والتسبیح من کلّ ذرّة فی عالم الوجود بإدراک العقل، فلیس من موجود إلاّ ویحمده ویسبّحه تعالى.

تنتقل الآیة التی بعدها إلى التوسّع فی إظهار جانب من علم الله اللامحدود، تناسباً مع وصف الآیة السابقة له تعالى بالحکیم والخبیر، فیقول سبحانه: (یعلم ما یلج فی الأرض وما یخرج منه).

نعم، فقد أحاط علماً بکلّ حبّة مطر وقطرة ماء تنفذ وتلج فی أعماق الأرض حتى إذا وصلت طبقة صلدة تجمّعت هناک وصارت ذخیرة للإنسان.

ویعلم بالبذور التی تنتقل على سطح الأرض بواسطة الریح أو الحشرات، لتنبت فی مکان ما وتصبح شجرة باسقة أو عشباً طریّاً.

یعلم بجذور الأشجار عند توغلها فی أعماق التربة بحثاً عن الماء والغذاء.

یعلم بالموجات الکهربائیة والغازات المختلفة، بذرّات الهواء التی تنفذ فی الأرض، یعلم بالکائنات الحیّة التی تشقّ طریقها فیها، ویعطیها الحیاة.

وکذلک، یعلم بالکنوز والدفائن وأجساد الموتى من الإنسان وغیره... نعم إنّه مطّلع على کلّ هذا.

وکذلک فهو عارف وعالم بالنباتات التی تخرج من الأرض، والناس الذین یبعثون منها، بالعیون التی تفور بالماء منها، بالغازات التی تتصاعد منها، بالبراکین التی تلوّح بجحیمها، بالحشرات التی تتّخذ أوکاراً فیها، وتخرج منها.

والخلاصة، فهو عالم بکلّ الموجودات التی تلج الأرض وتخرج منها أعمّ ممّا نعلمه أو ما لا نعلمه.

ثمّ یضیف قائلا: (وما ینزل من السماء وما یعرج فیه).

فهو یعلم بحبّات المطر، وبأشعّة الشمس التی تنثر الحیاة، بأمواج الوحی والشرائع السماویة العظیمة، وبالملائکة التی تهبط إلى الأرض لإبلاغ الرسالات أو أداء الأوامر الإلهیّة المختلفة، بالأشعة الکونیة التی تدخل جو الأرض من الفضاء الخارجی، بالشهب والذرّات المضطربة فی الفضاء والتی تهوی نحو الأرض، فهو تعالى محیط بهذا کلّه.

وکذلک فإنّه یعلم بأعمال العباد التی تعرج إلى السماء، والملائکة التی تقفل صاعدة إلى السماء بعد أداء تکالیفها، وبالشیاطین الذین یرتقون إلى السماء لاستراق السمع، وبفروع الأشجار التی تتطلّع برؤوسها إلى السماء، وبالأبخرة التی تتصاعد من البحار إلى أعالی السماء لتتکاثف مکونةً سحباً، وبالآهات التی تنطلق من قلب المظلوم متصاعدة إلى السماء ... نعم هو عالم بکلّ ذلک.

فهل هناک من مطّلع على کلّ ذلک غیره تعالى؟ وهل یمکن لعلوم جمیع العلماء مجتمعة أن تحیط ولو بجزء من هذه المعلومات؟

وفی ختام الآیة یضیف تعالى: (وهو الرحیم الغفور).

لقد وصف الله تعالى نفسه بهاتین الصفتین إمّا لأجل أنّه من جملة الاُمور التی تعرج إلى السماء أعمال العباد وأرواحهم فیشملها برحمته...

أو لأنّ نزول البرکات والعطایا السماویة تترشّح من رحمته، والأعمال الصالحة

المتصاعدة من العباد مشمولة بغفرانه بمقتضى (والعمل الصالح یرفعه).(4)

أو لکون «الرحمة» تشمل من یشکر هذه النعم، و«الغفران» یشمل المقصّرین فی ذلک.

والخلاصة: أنّ الآیة أعلاه، لها معان واسعة من جمیع الوجوه، ولا یجب حصر مؤدّاها فی معنىً واحد.


1. الحجّ، 56.
2. فاطر، 34.
3. یونس، 10.
4. فاطر، 10.
سورة سبأ / الآیة 1 ـ 2 سورة سبأ / الآیة 3 ـ 5
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma