حیث إنّ هذه السورة جمیعها نزلت بمکّة ـ کما هو المشهور ـ فإنّ محتوى السور المکّیة، وروحها باد علیها... أی إنّها تبحث قبل کل شیء عن المبدأ والمعاد، لأنّ فترة مکّة هی فترة تعلم الاعتقادات الإسلامیة الأصلیة الأساسیة، کالتوحید ومواجهة الشرک والتوجه لیوم المعاد ومحکمة العدل الإلهی والبعث والنشور.. الخ... کما تُثار خلال هذه المباحث مسائل اُخرى ترتبط بها.
ویمکن تلخیص مضامین هذه السورة فی سبعة أقسام:
1ـ التنبؤ بانتصار الرُّوم على الفُرس فی معرکة تحدث فی المستقبل، وذلک لما جرى من الحدیث بین المسلمین والمشرکین فی هذا الصدد، وسیأتی تفصیل ذلک فی الصفحات المقبلة بإذن الله.
2ـ جانب من طریقة التفکیر عند غیر المؤمنین وکیفیة أحوالهم، ثمّ التهدیدات لهم بالعذاب والجزاء (الإلهی) فی یوم القیامة.
3ـ قسم مهم من آیات «عظمة الله» فی الأرض والسماء، وفی وجود الإنسان، من قبیل خروج الحی من المیت، وخروج المیت من الحیّ... وخلق الإنسان من تراب، ونظام الزوجیة بالنسبة للناس، وعلاقة المودّة بین کل من الزوجین، خلق السماوات والأرض واختلاف الألسن، نعمة النوم فی اللیل والحرکة فی النهار، وظهور البرق والرعد والغیث وحیاة الأرض بعد موتها، وتدبیر الله لأمر السماء والأرض.
4ـ الکلام عن التوحید «الفطری» بعد بیان دلائله فی الآفاق وفی الأنفس لمعرفة الله سبحانه.
5ـ العودة إلى شرح أحوال غیر المؤمنین والمذنبین وتفصیل حالاتهم، وظهور الفساد فی الأرض نتیجة لآثامهم وذنوبهم.
6ـ إشارة إلى مسألة التملک، وحق ذوی القربى، وذم الربا.
7ـ العودة ـ مرّة اُخرى ـ إلى دلائل التوحید، وآیات الله وآثاره، والمسائل المتعلقة بالمعاد.
وبشکل عام فإنّ فی هذه السورة ـ کباقی سور القرآن الاُخرى مسائل استدلالیة وعاطفیة وخطابیة ممزوجة مزجاً.. حتى غدت «مزیجاً» کاملا لهدایة النفوس وتربیتها.