التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 10
سبب النّزول1ـ الجهاد والإخلاص

أشارت الآیات ـ التی سبق ذکرها ـ إلى بعض الحجج الواهیة للمشرکین، وهی أنّنا نخاف على حیاتنا إذا أظهرنا الإیمان ثمّ هاجرنا معک یا رسول الله، وقد ردّ علیها القرآن بطرق مختلفة.

وفی الآیات ـ محل البحث ـ یردّ القرآن علیهم بطریق آخر فیقول: (أولم یروا أنا جعلنا حرماً آمن) أی أرض مکّة المکرمة.

فی حین أنّ العرب کانوا یعیشون فی حالة غیر آمنة خارج مکّة، وکانت قبائلهم مشغولة بالنهب والسلب والغارات، إلاّ أنّ هذه الأرض باقیة على أمنها (ویُتخطف الناس من حولهم).

فالله المقتدر على أن یجعل فی هذا البحر المتلاطم والطوفان المحدق بأرض الحجاز «من

الفتن» حَرَم مکّة کالجزیرة الهادئة الآمنة وسط البحر، کیف لا یمکنه أن یحفظهم من أعدائهم؟! وکیف یخافون الناس الضعاف قبال قدرة الله العظیمة جلّ وعلا؟ (أفبالباطل یؤمنون وبنعمة الله یکفرون).

وملخص الکلام،إنّ الله القادر على أن یجعل فی أرض مضطربة فی وسط جماعة من الناس أنصاف وحشیین منطقة صغیرة آمنة، فکیف لا یقدر على حفظ جماعة المؤمنین القلائل بین جماعات کثیرة من الکفّار.

وبعد ذکر هذا الدلیل الواضح ینتهی القرآن إلى هذه النتیجة فی الآیة التالیة (ومن أظلم ممن افترى على الله کذباً أو کذّب بالحق لمّا جاءه).

لقد قدمنا دلائل واضحة لکم على أنّه لا شیء أحق بالعبادة وأحرى بها من الله، لکنّکم کذبتم على الله، وصنعتم له شرکاء بأیدیکم، وتدعون أن هذا هو منهج إلهی.

ومن جهة اُخرى، فإنّ القرآن الذی أنزلناه علیکم فیه دلائل الحق لائحة واضحة، إلاّ أنّکم لم تکترثوا به، وألقیتموه وراءکم ظهریاً! فهل یتصور ظلم أشدّ من هذا؟! لقد ظلمتم أنفسکم وظلمتم الناس جمیعاً، لأنّ الشرک ظلم عظیم.

وبتعبیر آخر: هل الظلم بمعناه الوسیع إلاّ الانحراف وإخراج الشیء عن محلّه الجدیر به، وهل یرى أسوأ من أن یعدّ الإنسان حفنة من الأحجار المصنوعة التی  لا قیمة لها أو الخشب المصنوع شرکاء للخالق سبحانه الذی خلق السماوات والأرض.

إضافة إلى ذلک فإنّ الشرک مصدر جمیع المفاسد الاجتماعیة، وفی الواقع إنّ المظالم الاُخرى تسترفد منه، عبادة الهوى، عبادة المقام، عبادة الدنیا، کل منها نوع من الشرک.

ولکن اعلموا أنّ عاقبة الشؤم والخزی للمشرکین (ألیس فی جهنم مثوى للکافرین).

من الجدیر ذکره أنّ فی القرآن الکریم 15 مورداً عبّر فیها القرآن عن بعض الأفراد بأنّهم الأظلم، وجمیع هذه الموارد بدأت بجملة استفهامیة (ومن أظلم) طبعاً الاستفهام هنا استنکاری.

والتدقیق فی هذه الآیات یدل على أنّ الآیات المذکورة وإن عالجت مسائل متنوعة، إلاّ أنّها جمیعاً تعود إلى الشرک، فعلى هذا لا تضاد بینها أبداً، «لمزید الإیضاح یراجع تفسیر الآیة 21 من سورة الأنعام».

وآخر آیة ـ من الآیات محل البحث ـ وهی فی الوقت ذاته آخر آیة سورة العنکبوت،

تبیّن واقعاً مهماً، وهی عصارة جمیع هذه السورة، وتنسجم مع بدایتها.

تقول الآیة... بالرغم من أنّ المشاکل المتعددة تحیط بطریق المسیر إلى الله، من قبیل مشکلة معرفة الحق، ومشکلة وساوس الشیاطین من الإنس والجن، ومشکلة عناد الأعداء الألداء الظالمین الذین لا یرحمون، ومشکلة الانحرافات الاحتمالیة، لکن هنا حقیقة ثابتة، وهی أنّ الله یمنحکم القوّة والاطمئنان قبال المشاکل ویدافع عنکم، تقول الآیة: (والذین جاهدوا فینا لنهدینهم سبلنا وإن الله لمع المحسنین).

وفی معنى «الجهاد» هنا والمراد منه احتمالات متعددة. أهو جهاد الأعداء؟ أم جهاد النفس؟ أم الجهاد فی سبیل معرفة الله عن الطرق العلمیة؟

للمفسّرین آراء فی هذا المجال.

وکذلک فی معنى «فینا» الذی ورد تعبیره فی الآیة، هل المراد منه فی سبیل الله؟! أم فی سبیل الجهاد للنفس، أم فی سبیل العبادة، أم مواجهة الأعداء؟

ولکن من الواضح أنّ التعبیر بالجهاد له معنى واسع مطلق، ومثله التعبیر بکلمة «فینا» فالتعبیر یشمل کل سعی وجهاد فی سبیل الله ومن أجله، وللوصول إلى الأهداف الإلهیّة، کل ذلک یصدق علیه (جاهدوا فین) سواءٌ کان فی سبیل کسب المعرفة! أو جهاد النفس، أو مواجهة الأعداء، أو الصبر على الطاعة، أو الصبر على المعصیة، أو فی إعانة الضعفاء، أو فی الإقدام على أی عمل حسن وصالح!

ویتّضح ممّا قلناه ضمناً أنّ المراد بـ «السبل» الطرق المتعددة التی تنتهی إلى الله، سبیل جهاد النفس، سبیل جهاد الأعداء، سبیل العلم والثقافة. والخلاصة، فإن الجهاد فی کل طریق من هذه الطرق والسبل سبب لهدایة المسیر المنتهی إلى الله.

وهذا وعدٌ وعده الله لجمیع المجاهدین فی سبیله، وأکده بأنواع التأکیدات کـ «لام التأکید والنون الثقیلة» وجعل التوفیق والانتصار والرقی فی محور شیئین هما«الجهاد» و«خلوص النیة».

ویعتقد جماعة من الفلاسفة أنّ التفکر والمطالعة لا یوجدان العلم، بل یهیئان روح الإنسان لقبول صور المعقولات، وحین تتهیأ الروح الإنسانیة للقبول یتنزّل «الفیض» من قبل الخالق المتعال وواهب الصور بالعلم و«الحکمة».

فعلى هذا ینبغی على الإنسان أن یجاهد فی هذا الطریق، إلاّ أنّ الهدایة بید الله تعالى.

وما ورد فی الحدیث أنّه: «لیس العلم بکثرة التعلم والتعلیم، بل هو نور یقذفه الله فی قلب من یشاء»، فلعله إشارة إلى هذا المعنى أیضاً.

سبب النّزول1ـ الجهاد والإخلاص
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma